اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

قال فيه ستيف بانون، مستشاره السابق، «كان يتعامل مع وزير الخارجية، أو مع وزير الدفاع، أو مع مستشار الأمن القومي، كما كان يتعامل ملوك أوروبا مع خدم الاسطبل». هذا هو دونالد ترامب الذي بامكانه أن يكون داخلياً كما كان، ولكن ليس بامكانه أن يكون كما كان في تعاطيه مع العالم، بطبيعة الحال مع الشرق الأوسط.

رجل أعمال باهر على الطريقة الأميركية، يتقن اللعب تحت الثريات، مثلما يتقن اللعب في الدهاليز. اذا أردنا أن نعرف ما نظرته الى المنطقة، لننظر كيف زار كيم جونغ ـ أون بالرأس المقفل في عقر داره، وهو الذي يحمل الصواريخ النووية على ظهره، وعلى رمية حجر من لوس انجلس وسان فرنسيسكو، بينما يمزق الاتفاق النووي مع  حسن روحاني بالشخصية الدمثة، وبالعقل المنفتح.

لا نتصور انه لاعب الشطرنج. ولطالما كان الشرق الأوسط رقعة الشطرنج. لكنه لاعب الغولف الذي يعلم الى أي رأس ينبغي أن يوجه الكرة. لكن أشياء كثيرة تغيرت في المنطقة. من تراه يستطيع أن يدفن كل أولئك الضحايا في لبنان وفي غزة؟ لا ندري اذا سيكون الذئب أم الغراب في هذه الحال. ولكن ألم نلاحظ أنه يحاول تقليد جورج دبليو بوش في أن يكون فريق عمله «فريق الضباع». لكأنهم آتون للتو من الأدغال.

هل كان يتصور أن يندد الأمير محمد بن سلمان بالغارات «الاسرائيلية» على ايران، وهو الذي راهن على جبل النار بين ضفتي الخليج؟ ما يمكن أن نستشفه من قمة الرياض وقبلها وبعدها، اتجاه البلدين الى نظرة مشتركة وجهد مشترك، لتفكيك الأزمات التي تشكلت وتفاقمت خلال سنوات الصراع، وكانت سنوات الهباء.

الآن باستطاعة ولي العهد السعودي أن يقول للرئيس الأميركي المنتخب «أهلا بك في المملكة، رقصة السيف (العراضة) بانتظارك أن قلت بالدولة الفلسطينية». هنا الاختبار الصعب. لم يعد بالامكان اللجوء الى ديبلوماسية العصا، عصا الغولف تحديداً، «لأننا لم نعد كرة الغولف».

هذا لا يعني أن الشرق الأوسط لن يبقى الى اشعار آخر  أميركياً، وبعدما أظهر الميدان الغياب الكلي لروسيا وللصين، بظهور أهل المنطقة في المنطقة.

ما نلمسه في الضوء أو وراء الضوء، أن الايرانيين تعلموا الكثير مما حدث ويحدث على أرض غزة ولبنان. من سنوات نصحهم أصدقاء أوروبيون بأن يسفيدوا من تجربة رجب طيب اردوغان، الذي يعتبر نفسه كبير رجال أميركا في المنطقة، وهو العضو في حلف الأطلسي، ويخزن في مستودعاته 50 قنبلة نووية أميركية.

الرئيس التركي حاول احياء السلطنة العثمانية عبر النيوعثمانية، مستعيناً بالنيوانكشارية، أي بـ"الاخوان المسلمين» الذي درجوا على تأجير ظهورهم لمن يشاء. ما كانت النتيجة؟ الارتطام بالخطوط الحمراء، ليذهب الى الرياض طالباً الصفح، والى القاهرة ليبيعها «الاخوان»، وها هو يحاول أن يصافح بشار الأسد، دون أن يعلم ما يمكن أن يفعله بتلك الفصائل الهمجية التي استبقاها على الأرض السورية...

مثلما يُمنع على الحلفاء أن يلعبوا خارج الخطوط الأميركية جيوسياسياً وجيوستراتيجياً، يحظر على الأعداء وأكثر. وكان المستشرق جيل كيبل قد قال لنا «لقد أمضيتم أربعة قرون في الغيبوبة العثمانية، ثم سنوات من الانتداب الانكليزي والفرنسي. أنتم بحاجة الى الوقت أكثر من حاجتكم الى الطحين والماء»، ليلاحظ بأسى ما أضعناه من سنوات في تلك الصراعات العبثية التي أفضت بأكثر من بلد عربي الى الخراب.

الصراعات اياها التي أتاحت لتلك الثلة من مصاصي الدماء أن تفعل في غزة وفي لبنان ما تفعله، لتبدو المقاومة هنا وهناك، وهي تصنع بالدم أفقاً لدول المنطقة، كما، وهو الأهم، لشعوب المنطقة.

اذاً، على دونالد ترامب أن يتغير، السعوديون تغيروا، الايرانيون تغيروا. لم يعد باستطاعة الأميركيين وقف الزمن في الشرق الأوسط. حتى أن كبار المعلقين الأميركيين يتحدثون عن أولئك الذين في الرياض وطهران وقد باتوا «أكثر وعياً بالحالة»، كي لا يبقى حالنا حال...

نأمل أن يكون آن الأوان لنقول للأميركيين «لسنا كما رأى فينا القس جون هاغي، رئيس جماعة «مسيحيون متحدون من أجل اسرائيل»، «طرابيش فارغة وعباءات فارغة»!!

الأكثر قراءة

حزب الله يُحذر من الخروقات «الإسرائيليّة»: للصبر حدود الجولاني مُستقبلا جنبلاط: سنكون سنداً للبنان