محمد عفيف شهيدا، لم يفاجئني الخبر مطلقا، ايقنت ذلك مع العديد من الزملاء بعد استشهاد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وما سمعت منه شخصيا "لا معنى لهذه الحياة"، وكل كلمة كانت ممزوجة بالدموع والآهات.
استعرض لنا الحاج محمد قبل اللقاء الاخير بيننا، علاقاته الجهادية والاخوية مع السيد حسن نصرالله منذ وجودهما في النجف وصولا الى لبنان... كيف عاش في ضيافتة لمدة سنتين في بعلبك... كيف انجز تصوير كلمته بالتزامن مع ضرب البارجة "الاسرائيلية" خلال حرب تموز، "انظروا اليها كيف تحترق". أخبرنا عن الاتصال الاخير مع السيد وإصرار سماحته على تضمين احد البيانات بعض العبارات التي ترمز الى الشهادة، هنا سأله احد الزملاء، لماذا تخبرنا ذلك يا حاج؟ هل تقوم بنعي نفسك؟ عندها تذكرت ما كتبه الحاج محمد في رسالته التوجيهية الى الزملاء بعد استشهاد السيد حسن نصرالله "اكتب إليكم في امض وافجع لحظات عمري، ليت الموت اعدمني الحياة، ولعلي لاحق به عما قريب شهيدا في اثره، فتستقر بذلك روحي، لا انعى نفسي، ولكن لا طيب العيش بعدك يا سيدي وحبيبي وروحي التي بين جنبيَّ، الا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا"...
قبل اسبوع، التقينا مجددا مع الحاج، وزادت مخاوفي عليه وعلى ظله الحاج محمود شرقاوي صاحب الابتسامة الدائمة، بعد ان استعرض لنا الحاج محمد اسماء الشهداء وتحديدا الجامعيين واصحاب الاختصاص والمتفوقين منهم، الذين اصروا على الالتحاق بالجبهات الامامية. طال اللقاء، طلبنا منه المغادرة بعد نصائح امنية، رفض واصر على البقاء شارحا الوضع السياسي بكل تفاصيله وأن النصر صبر ساعة، تطرق الى وضع الحزب، وكيف رمم أوضاعه واعطانا صورة متكاملة عن تطورات الميدان، واخيرا اصر على وداعنا بشكل حميمي ومؤثر، فيه كل معاني الشهامة والرجولة والوفاء من هذا القائد الكبير، وربما اراده الوداع الاخير.
عبأ الحاج محمد عفيف الفراغ الذي اصاب الحزب بعد استشهاد السيد، نزل الى الميدان متنقلا بين الامكنة، لم يغادره، لم يأبه للتهديدات، لم يستمع الى النصائح الامنية المختلفة من جهات عديدة بانك الهدف الاول للعدو حاليا، ورد بعد التهديد الأخير بساعات بعقد المؤتمر الصحافي في قلب الضاحية الجنوبية، الذي شكل نقلة نوعية في المواجهة مع العدو الصهيوني، واكثر ما ازعج قادة العدو لقاءاته اليومية مع مراسلي وسائل الاعلام العالمية والعربية، والتواصل مع المسؤولين اللبنانيين السياسيين والامنيين، واعطى صورة للعالم بان "المقاومة بالف خير"، عندئذ استشهد محمد عفيف مرتاحا ومطمئنا.
الحاج محمد عفيف، رجل بكل ما تحمله الرجولة الحقة من معاني نضالية وانسانية واخلاقية، تجمعت فيه كل الخصال الشريفة، بنى افضل العلاقات مع الجسم الاعلامي المحلي والعربي والدولي بكل تلاوينه، محاور من الطراز الاول، يؤمن بالرأي والرأي الآخر، لا يساوم على قناعاته ومبادئه، مد يد المساعدة للجميع، لم يقفل أبواب المكتب الاعلامي لحزب الله بوجه احد، الا الذين باعوا أنفسهم للشيطان، تحمل ما لا تتحمله الجبال من حملات وطعنات كان يتجاوزها بالحكمة والصبر والتسامح احيانا.
يتقبل النقد، يأخذ بالمشورة، يعرف طبيعة البلد باحزابه وانقساماته، وكيف يحافظ على الخيوط مع الجميع، يرفض القطيعة، لم يحجب معلومة عن اعلامي، ساعد الجيل الجديد من الاعلاميين وميزهم بـ "سكوبات"، كان "شيخ صلح" بين المؤسسات الاعلامية ومشكى ضيمهم، و بين الزملاء انفسهم.
نال محبة واحترام الخصوم الاعلاميين ولم يذكروه الا بالخير باستثناء بعض القلة الذين دافع عنهم عندما تخلى عنهم الجميع.... كان يتجاوز الانتقادات والاساءات والأخطاء بصدر رحب، وقدم للعالم الصورة النقية والبهية عن المقاومة وانجازاتها وادوارها في حماية الارض ورفض الارهاب بكل تلاوينه، ولذلك نجح في ادارة اعلام المقاومة وسجل صفحات مضيئة ومشرقة في مواجهة الحملات الاعلامية الكبرى عليها، رغم فارق الامكانات.
محمد عفيف امثالكَ لا يموتون، ستبقى معنا وبيننا، وسنبقى في اللقاء الاعلامي الوطني اوفياء لشهادتكَ وشهادة محمود شرقاوي عاملين بتوجيهاتك حتى النصر، مستمدين منها ومن شهادة سيد الشهداء سماحة السيد حسن نصرالله والقائد التاريخي يحيى السنوار وكل الشهداء القوة والعزيمة لمتابعة المسيرة كي نكون "خير أمة أنجبت للناس".
يتم قراءة الآن
-
حزب الله يُحذر من الخروقات «الإسرائيليّة»: للصبر حدود الجولاني مُستقبلا جنبلاط: سنكون سنداً للبنان
-
العلويّون ضحايا العلويين
-
إيران: الانفجار الكبير أم التسوية الكبيرة؟
-
"Soft landing" فرنجية : فتّش عن المحيطين "كفانا خسارة"! جنبلاط نسق مع بري وقطع الطريق على جعجع القوات تنتظر بري وناقشت كلّ الخيارات منها المقاطعة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
13:03
وسائل إعلام "إسرائيلية": تقرير أولي عن محاولة طعن عند حاجز حيزما قرب القدس وتم إطلاق النار على المنفذ
-
12:54
"يسرائيل هيوم": شاحنة دهست عدة أشخاص في حولون والخلفية قيد التحقيق
-
12:53
كتائب الشهيد أبو علي مصطفى: استهدفنا بالاشتراك مع سرايا القدس تحشدات "جيش" الاحتلال شرق رفح برشقة صاروخية من عيار "107"
-
12:53
الجبهة الديمقراطية تدين العدوان الأميركي – البريطاني – الإسرائيلي على اليمن
-
12:52
الجبهة الديمقراطية: العدوان على اليمن يؤكد مرة أخرى أننا أمام مشروع أميركي – أطلسي – "إسرائيلي" لإعادة هندسة أوضاع المنطقة
-
12:47
اشتباكات عنيفة في مخيم جنين بين الأجهزة الأمنية ومقاتلين