اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

«هبة باردة واخرى ساخنة»حكوميا. يخرج الرئيس المكلف نواف سلام عن صمته، لكن كلامه لا يضيف جديدا، كلام عام لا يوضح اين العقبات الحقيقية، التي تعيق ولادة الحكومة العتيدة؟ الاتفاق تم مع «الثنائي الشيعي» ومع «الاشتراكي»، اما باقي الافرقاء فلا تزال العقد على حالها، «الحرد» الارمني اضيف بالامس الى الاستياء لدى «الثنائي المسيحي» والغضب السني.

ثمة مَن في محيط الرئيس المكلف يضغط باتجاه نسف التفاهم مع حزب الله وحركة «امل»، باعتباره «اللغم» الذي يهدد تشكيل الحكومة، بحجة «اعتراض الآخرين على اختلال المعايير»، وفيما تصر «معراب» على تحميل سلام والحكومة الجديدة ومعها العهد، ما لا طاقة لهم بهم في هذه المرحلة، من خلال محاولة وضع شروط تعجيزية تتعلق بالحصول على تعهد من حزب الله حول ملف السلاح! يتسلل الشك الى المحيطين برئيس الجمهورية جوزاف عون، حيث بات القلق مشروعا من رغبة بعض المعطلين والمزايدين لفرملة انطلاقة العهد، لحسابات سياسية ضيقة تتجاهل دقة المرحلة الخطيرة، التي تمر بها المنطقة والانعكاسات المحتملة على الساحة اللبنانية.

المراوحة الداخلية، تتزامن مع حالة من الترقب لنتائج لقاء رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب اليوم، حيث تتخوف مصادر ديبلوماسية من انعكسات سلبية على عموم المنطقة، في ظل رغبة نتانياهو بالحصول على «جوائز» ترضية، تسمح له بتوسيع نفوذه في الشرق الاوسط، ويفترض ان يتبلغ لبنان النتائج رسميا حول مدى التزام قوات الاحتلال الانسحاب في 18 الشهر الجاري، يوم الخميس المقبل من الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس ، التي خلفت عاموس هوكشتاين، فيما يصل رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني الى بيروت بعد ظهر اليوم،  لتهنئة الرئيس عون بانتخابه رئيسا، كما سيزور الرئيس بري والرئيس المكلف نواف سلام، ورئيس حكومة تصريف الاعمال  نجيب ميقاتي.

المخاض الحكومي

حكوميا لم ينضج الملف الحكومي، القوى المعترضة على تفاهم الرئيس المكلف نواف سلام مع «الثنائي الشيعي» تحاول احراجه، تحت عنوان «ازدواجية المعايير»، وتعمل على تضييق الهامش امامه. «القوات اللبنانية» مستنفرة وتهدد بمقاطعة الحكومة وعدم منحها الثقة، وتعقد اجتماعا استثنائيا «اونلاين» لكتلة «الجمهورية القوية» لاتخاذ الموقف المناسب، فيما يعقد النائب جبران باسيل مؤتمرا صحافيا اليوم لتوضيح موقف «التيار الوطني الحر» من عملية التشكيل، حيث يشكو من تهميش متعمد لمطالب يعتبرها محقة، بينما يعرض عليه «الفتات». وانضم النائب هاغوب بقرادونيان بالامس الى قائمة المعترضين باسم حزب «الطاشناق» والارمن، وشكا من غياب التعامل الجدي مع المكون الارمني، واشار الى ان الاتصال الاخير مع الرئيس المكلف حصل يوم الخميس الماضي، وكان دون نتيجة.

سنيا، لا تزال الاعتراضات على حالها والنائب احمد الخير باسم كتلة «الاعتدال الوطني»، لم ينجح في الوصول الى نتيجة بعد زيارة اعتراضية قام بها الى قصر بعبدا، فيما التوتر على اشده بين سلام والنائب فيصل كرامي.

الخروج عن الصمت

وامام هذه المعطيات، خرج الرئيس المكلف عن صمته، وأكد أن «تشكيل الحكومة يتقدم إيجابا وفق الاتجاه الاصلاحي الإنقاذي، الذي تعهد به بالتفاهم مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ووفق المعايير التي سبق أن أعلنها. وشدد على أن «أي كلام عن أسماء وزارية تفرض عليه هو عار من الصحة، فهو من يختار الأسماء، بعد التشاور مع مختلف الكتل النيابية، لإنجاز تشكيلة تنسجم مع رؤيته للحكومة التي يسعى اليها.

وأشار إلى أن «الغمز» من قناة خلاف بينه وبين بعض القوى والأحزاب هو أيضا غير دقيق، كون التواصل الإيجابي قائما مع الجميع.

الغموض يتواصل

لكن كلام سلام اضفى مزيدا من الغموض على حقيقة التقدم الحاصل نحو الولادة المنتظرة وموعدها، بعدما سرت معلومات عن وجوب اعلانها في الساعات المقبلة، واذا امكن قبل لقاء ترامب- نتنياهو، ما يعزز الموقف الاميركي الداعي «اسرائيل» الى الانسحاب من لبنان كلياً، ما دامت حكومة سلام ستتولى مهمة الاشراف على انتشار الجيش جنوبا وتطبيق القرار 1701، حسب مصدر ديبلوماسي.

تكبير الحجر «قواتياً»

وفيما يحاول الرئيس المكلف معالجة العقدة «القواتية»، رفعت «القوات» من حجم الضغوط، وتحاول «تكبير الحجر» لاهداف غير معلومة بحسب مصادر مطلعة، فهي طالبت بتوضيحات حول ما اسمته ممارسات ، والا ستحجب الثقة عن الحكومة العتيدة ولن تشارك فيها.

وقد سألت اوساط «قواتية»  امس: هل أخذ الرئيس المكلّف تعهّدًا من حزب الله عن السلاح وعن التدقيق الجنائي؟ وماذا عن المعايير؟ نريد أجوبة من سلام على هذه الأسئلة؟

دعم من «الاشتراكي» لسلام

وامام هذه الشروط، أصدرت كتلة «اللقاء الديموقراطي» بيانا اكدت فيه ان «اللقاء يحترم أسس ومعايير التأليف التي أرساها الرئيس المكلف الدكتور نواف سلام، بما فيها وجود شخصيات غير حزبية في هذه المرحلة، ويعتبرها تجربة جديدة وجديرة تستحق الدعم من الجميع»، كما اكد «اللقاء» رفضه «لمنطق اغراق الرئيس المكلف بالشروط والمطالب المتعددة وتعقيد مهمته، فيما المطلوب تسهيل مهمته بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، لانجاز التشكيلة الحكومية وانطلاقها فيما ينتظرها من مهام وتحديات». وقام «اللقاء» كما كل الكتل النيابية بالتداول مع الرئيس المكلف بجملة خيارات حول حقائب واسماء تستوفي هذه المعايير، وترك الأمر في عهدته بالتنسيق بينه وبين فخامة رئيس الجمهورية.

العقدة السنية

سنياً، وفي وقت زار النائب احمد الخير قصر بعبدا امس،  اكد النائب وليد البعريني «ضرورة اعتماد الرئيس المكلف نواف سلام مبدأ المساواة والعدالة في تمثيل المناطق اللبنانية كافة في حكومته العتيدة»، مشددا خلال اجتماعاته واعضاء كتلة «الاعتدال الوطني» على «عدم تصديق ما يسرب او يشاع في وسائل الاعلام». وقال البعريني « نحن في انتظار بلورة مسار في الساعات الـ48 المقبلة ولادة الحكومة السلامية، فاذا اتت ولادتها طبيعية ستنال ثقتنا كاملة، وفي حال اتت قيصرية سيشهد الرئيس المكلف من قبلنا مواقف معارضة جديدة»، تاركا لنواب مدينة طرابلس ابداء رأيهم في توزير ريما كرامي. 

وربطا، وصف البعريني اجواء لقاءاتهم بالرئيس المكلف بالمنطقية والمتفهمة، نافيا ان يكون «الهدف من اعتراضهم التعطيل او المناداة بمبدأ «الفدرالية»، انما ايضاح مقاربتهم للامر وتحسين الظروف المعيشية والاجتماعية والاقتصادية لبلدات الاطراف اللبناني».

لقاء واشنطن

وبانتظار ان تتبلور حقيقة المواقف بعد لقاء واشنطن، فان معهد السياسة الاستراتيجي «الاسرائيلي» برئاسة الجنرال المتقاعد عاموس جلعاد، قدم توصيات لنتانياهو بشأن الملف اللبناني، ولفت الى ان «ترامب عازم على ترسيخ مكانته في التاريخ، باعتباره الشخص الذي وسع اتفاقيات إبراهيم إلى سلام تاريخي مع السعودية، والشخص المسؤول عن إعادة جميع المختطفين، والشخص الذي منع إيران من تطوير الأسلحة النووية، وتوفير حل للقضية الفلسطينية ككل».

ولهذا اللقاء المتوقع بين نتنياهو وترامب، خاصة في هذا التوقيت، يكتسب أهمية حاسمة، بحسب المعهد، فهناك فرصة لصياغة واقع أمني وسياسي أفضل في جميع مسارح الحرب. ومن ناحية أخرى، فإن تفويت هذه الفرصة قد يؤدي إلى تفاقم كبير في نطاق التهديدات التي تواجه «اسرائيل».

ماذا عن الجبهة اللبنانية؟

وبالنسبة للجبهة اللبنانية، يقترح المعهد توفير محتوى عملي لآلية التنسيق الأمني ​​في لبنان بقيادة الولايات المتحدة. وذلك لضمان قدرة الجيش اللبناني على التصرف بشكل حاسم وفعال لمنع حزب الله من استعادة قدراته وبناء البنية التحتية بالقرب من الحدود. وفي الوقت نفسه، فإن الموعد المحدد للانسحاب من لبنان يجب أن يتم بالتنسيق مع إدارة ترامب بطريقة تسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم بأمان.

في المقابل، يقول المعهد انه يجب صياغة رؤية مشتركة مع إدارة ترامب بشأن مستقبل سوريا ،والخطوات اللازمة ضد النظام الجديد في دمشق وتركيا. وعلى «إسرائيل» أن تسعى للحصول على موافقة أميركية على استمرار المنطقة العازلة في سوريا ،حتى يستقر النظام وتتضح صورة التهديدات والمخاطر.

تهديد الحل الاقليمي

اما مبادرة ترامب لنقل الفلسطينيين من غزة، والتي تجد معارضة واسعة النطاق في العالم العربي، وليس هناك أي فرصة لقبولها وتنفيذها. فانها ستعرقل عملية بناء المحور الإقليمي، بسبب المكانة الخاصة التي تحتلها القضية الفلسطينية في العلاقات المعقدة بين «إسرائيل» والعالم العربي. ولذلك، يوصي المعهد بإزالة هذه القضية عن جدول الأعمال، واغتنام الفرصة التاريخية لدفع مبادرة ترامب نحو إقامة محور استراتيجي إقليمي، يتمحور حول السلام مع السعودية.

«الترانسفير» بدأ؟!

واذا لم يكن واضحا بعد كيفية تعامل الرجلين مع الملف اللبناني، اشارت مصادر ديبلوماسية الى ان  ترامب قد يطرح أفكاراً إزاء غزة من وجهة نظر رجل العقارات، لكن الواقع على الأرض وتأثيرات ذلك على المنطقة أكبر من خطة الإخلاء. لكن الخشية تبقى أنه مع غياب الخطة البديلة، ستحوّل الولايات المتحدة و»إسرائيل» الإخلاء الإنساني أو الأمني إلى تذكرة باتجاه واحد، وعملياً سيشكل «ترانسفير» صامتاً. وهذا بدأ بالأسرى، ويستمر الآن بالجرحى والمرضى، وربما لاحقاً بفئات أخرى مثل التعليم ولم شمل العائلات في الخارج، ومن يخرج لن يعود.

ووفقا لتلك المصادر، فانه على القيادة الفلسطينية بكل فصائلها والدول العربية التوحد أمام ترامب، واقتراح بدائل لإعادة إعمار القطاع وإدارته بدون «ترانسفير»، وإلا فسيستمر بالتسلي بالفلسطينيين كلعبة.

التطبيع السعودي-«الاسرائيلي»

من جهتها، اشارت صحيفة «هآرتس الاسرائيلية» الى  ان ترامب لا يهمه وضع المخطوفين، ولا يهمه إذا واصلت «إسرائيل» الحرب في غزة، ما دام ذلك لا يقتضي منه الاهتمام، لأن اهتمامه الآن منصب على التدمير الممنهج لكل جزء جيد في الولايات المتحدة والعالم. ما يهمه حقاً هو جائزة نوبل للسلام. هو يفترض أن اتفاق التطبيع بين «إسرائيل» والسعودية سيضمن حضوره إلى أوسلو. واستثمار السعودية بمبلغ تريليون دولار في أميركا يبدو محفزاً جيداً.

الصفقة الشاملة

وبرأي الصحيفة، كان من الأفضل التوقيع على صفقة شاملة وسريعة لتحرير الجميع، والانسحاب في غضون أسبوع، وعقد اتفاق مع السعودية. وكما قال رئيس الأركان هليفي قبل سنة في «الكابينت»، لا أحد يمنعنا من استئناف القتال بعد ذلك. لنتخيل أنه بعد شهرين على تنفيذ الاتفاق، وعندما تشخص «إسرائيل» نمو قوة حماس أو مجرد فرصة لتصفية محمد السنوار، هل سيأتي أحد في العالم ليحتج إذا خطونا خطوة كهذه؟ هل ستفجر السعودية الاتفاق؟

رفض مناورات نتانياهو

اللقاء بين ترامب ونتنياهو سيحمل بالتأكيد كل علامات الحب الدارجة، وهذا ليس أمراً بسيطاً. بقدر ما يمكن توقع سلوك الرئيس الأميركي، الذي يفرض الآن جمارك على كندا، ويقوم بحملة تطهير مهينة في الـ «اف.بي.آي»، قد يغدق المحبة على نتنياهو، لكن المشكوك فيه أن يملك صبراً إزاء مناورات رفضه. مع ذلك، تأخر ترامب بالفعل عن جائزة نوبل للعام 2025، لكن ما زال لديه الوقت للجائزة في السنة القادمة.

«الفلتان الامني»

امنيا، وبينما تزداد جرائم القتل والسرقة، أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي، بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي، «ان الأجهزة الأمنية تقوم بدورها، والجرائم التي تحصل جنائية ولا طابع أمنيا لها»، معلنا انه «لا يمكن إستباق الجرائم الجنائية إنما سنكثف الانتشار الأمني»، وقال : «القوى الأمنية توقف المجرمين خلال مهلة قصيرة».  ولفت الى ان «في خلال كانون الثاني أوقف 1920 شخصا في مختلف الجرائم، وهذا دليل على أن القوى الأمنية تقوم بدورها والأمن الاستباقي فاعل».

وقال «أعطينا توجيهاتنا إلى كل الأجهزة الأمنية لزيادة الدوريات ومنع الدراجات النارية في بيروت، وترافقت زيادة أعمال السلب والنشل مع زيادة التوقيفات». وكشف مولوي «ان الأجهزة الأمنية ستعزز من وجودها، وجرائم مثل قتل الأرشمندريت والشاب خليل لا يمكن استباقها، ولكن يجري توقيف الفاعل»، واوضح مولوي «ان توقيف الهاربين إلى سوريا يحتاج إلى تفعيل مكتب الإتصال الدولي، والأجهزة الأمنية تعمل سريعا لتوقيف أي فاعل قبل مغاردته الأراضي اللبنانية». وأشار مولوي الى «ان الجيش يقوم بواجباته لضبط الحدود رغم الصعاب، وينبغي أن يكون هناك تعاون أكبر من الجانب السوري».

الأكثر قراءة

ضغوط لإجهاض تفاهم سلام مع «الثنائي» حكومياً؟! حرد أرمني ــ سني... «التيار» مُهمّش و«القوات» ترفع السقف المبعوثة الأميركيّة تحمل الى بيروت نتائج لقاء تـرامب ــ نتانـــياهو