اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


اللحظة التي نستعيد فيها قول ناجي العلي"من يعقد السلام مع "اسرائيل" كمن يرقص التانغو مع الثعبان". أولئك الذين يعتبرون أنهم يمتطون ظهر الثعبان ...

الليلة الأخيرة من ليالي جهنم كانت الأشد هولاً . القتل للقتل ، الدم للدم ، الخراب للخراب . قلنا هذه مملكة "يهوذا" ومملكة "هولاكو" ، الآن مملكة جهنم . هل من يفسر لنا ، لماذا كل تلك الهمجية في هدم البيوت على أهلها، وفي البحث عن مكان يقيهم النار، التي لكأنها نزلت من السماء، أي من حيث نزل أو أنزل الأنبياء ؟

مثلما تقول "التوراة" ان بني "اسرائيل" باقون الى الأبد، قال "حاخام "البيت الأبيض في كلمته مساء الثلاثاء ، ان "اسرائيل" باقية "فوق صدوركم" الى الأبد . من قال لجو بايدن ان أميركا باقية الى الأبد ؟

ولكن أي جهنم أخرى تنتظرنا ؟ ما رأيناه على الشاشات ، خصوصاً في الليلة الأخيرة يشي بأننا أمام مأزق سياسي، لا يقل تعقيدا عن المأزق العسكري . كيف يقطعون رأس المقاومة التي قد تكون أخطأت في اطلاقها الرصاصة الأولى أو عندما لم تنقل المعركة استباقياً الى الجليل ، وكانت قادرة على ذلك ، وهذه كانت خطة السيد حسن نصرالله . ولكن ، ولكن ، ولكن . كلنا نعلم ما تعنيه هذه الـ"ولكن".

السيد لم يذهب الى ربه بفعل الغارة "الاسرائيلية" ، وانما بسبب النيران التي في صدره . أكثر من ذلك لأن حسن نصرالله لم يكن يستطيع الا أن يكون حسن نصرالله ...

الدعوة الآن للعودة الى ذلك الشعار العجيب "قوة لبنان في ضعفه" . بالرغم من أن الدعاة لاحظوا أي ايديولوجيا ، ايديولوجيا الشيطان (أيها السيد الشيطان اننا نعتذر) ، تحكم أهل اليمين في الدولة العبرية . هؤلاء الذين يعتبرون أن "رب الجنود" هو الذي يقودهم لا لقتلنا نحن فقط ، وانما للاقتصاص كل الأمم . نحن الكائنات الذين بأشكال بشرية ، وبأرواح الحيوانات .

ثمة عبارة كاريكاتورية يطرحها في الهواء أولئك الساسة الذين يشبهون دواليب الهواء، الاستراتيجية الدفاعية .

لا شك أننا أمام مشكلة حقيقية ، مشكلة بنيوية . انه التفاوت بين الآراء والرؤى حول "اسرائيل"، على طريقة "الحاخام" مئير كاهانا ، ثمة من يرى فيها "الابنة الكبرى لله" لتختزل العالم الغربي ، وهذا ما لم تتبيّه ايران التي وجدت نفسها في مواجهة مع ذلك العالم.

لاحظنا كيف أن بنيامين نتياهو حاول تبرير تراجعه عن كل الشعارات التي رفعها ابان الحرب ، بالخطر الايراني ليس على "اسرائيل" فحسب ،وانما على العالم . لم يقل انها المؤسسة العسكرية التي رفعت البطاقة الحمراء في وجهه (الى أين تذهب بنا في هذا الجحيم ؟) . كل المعلومات التي كانت تنشر أظهرت أن الجيش "الاسرائيلي" ، وهو العمود الفقري للدولة ، ولبقاء الدولة ، كان على وشك الانفجار بالدوران السيزيفي داخل الحلقة المقفلة . حلقة الدم ...

الآن لن نتكلم عن الشعب العظيم ،وقد تجلّت هذه العظمة في عودته الى أرضه ،ولو كانت "الأرض اليباب" ، لنسأل كيف يمكن للمقاومة التي دخلت سياسياً في المعادلة وفي الصيغة السياسية ، أن تدخل في المعادلة وفي الصيغة العسكرية ، خصوصاً بعدما خلّفته التجربة الأخيرة من موت ومن خراب ، حتى أن بعض الغربان الذين يعتاشون من فتات المافيات ، يلقون على المقاومة مسؤولية عن كل ذلك الخراب الاقتصادي والمال والسياسي ، الذي ضرب البلاد في السنوات الأخيرة .

متى كانت هناك الدولة ، الا في أيام عبرت ، ليقال ان الدويلة حلت محل الدولة . محمد حسنين هيكل كان قد قال لنا "هذه الجنة بحاجة الى الملائكة لكي تحكمها" . لعلكم لاحظتم كيف أن الكثيرين من ساستنا باقنعة القراصنة لا بأجنحة الملائكة ...

سؤال يتردد في الظل هل هي الوصاية الأميركية أخيرا ؟ الاجابة في الضوء ، ومتى لم يكن الشرق الأوسط كله تحت الوصاية الأميركية ، ليبقى البناء الداخلي ، بناء الدولة ، وبناء المجتمع بمفاهيم وبقيم بعيدة عن مفاهيم وعن قيم القرن التاسع عشر، ما يعني اقامة الدولة ـ الدولة لا الدولة ـ القهرمانة ...

قد لا نستطيع أن ندخل الى الأزمة من الباب ، ونحن في هذه الحال من التصدع ومن التيه . آنياً الدخول من الباب الخلفي ، وليكن الرئيس الذي يتسع لكل لبنان ، ولكل اللبنانيين .

واذا قيل انها الصلاحيات الملتبسة ، نقول ان الصلاحيات في الشخص لا في النص . لبنان بحاجة الى الكثير من الابداع السياسي والحصافة السياسية ، كي لا يقال بأزمته ما قاله هنري كيسنجر بأزمة المنطقة "هذه أزمة لا حلّ لها الا في العالم الآخر "!

الأكثر قراءة

فرحة العودة منقوصة...انها غصّة غياب سيّد الكلام! البخاري للنواب السنّة : لاحتضان المكوّن الشيعي... والرئاسة على نار حامية!