اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بعدما كانت المونة اللبنانية تصارع من أجل البقاء، ها هي اليوم تظهر من جديد بكلّ قوةٍ، بعد أن لجأ كثيرون وخصوصًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى نشر أطيب وأفخم المنتوجات اللبنانية عبر صفحاتهم الإكترونية، لبيع أكبر عددٍ ممكنٍ من المونة اللبنانية في زمن الحرب.

نيفين امرأة أربعينية تعلمت مهارة تحضير المونة اللبنانية من والديها في السنوات الأخيرة، تحديدًا في فترة الأزمة الاقتصادية وكورونا. وها هي اليوم تحضّر الكشك ليكون الطبق الشتوي الأساسي لأهالي المنطقة.

وفي حديثها للدّيار، تؤكد نيفين أنّ قائمة المونة تشمل الفريك والملوخية والبهارات وماء الورد وماء الزهر، بالإضافة إلى العصائر ودبس الرمان والمكدوس. وهي تصنع أيضًا مربيات المشمش والتين والكرز والفراولة. وتقوم بتجفيف الزبيب. وبهذه الطريقة، تساهم في العجلة الاقتصادية، وتؤمن المأكل لأهالي المنطقة في فترة الحرب هذه.

وها هي اليوم، تطمح الى فتح مركز يعلّم فن مهارة تصنيع المونة اللبنانية من خلال دورات تدريبية تعزز روح الانتماء من جهة، وتؤمن لها رزقها من جهةٍ أخرى.

بإصرارٍ وتحدٍ، تقوم أم خالد، بتحضير أشهى أنواع المونة وبيعها على سكّان المنطقة ومن بجوارها. وفي حديثها للدّيار، تقول: بعد أن كان تحضيرالمونة اللبنانية  كشغف لي، وتعزيزًا لقوميتي، أصبح اليوم من أساسيات العيش والصمود لأهالي الجنوب. فالبعض تضرّر ماديًا، والبعض الآخر خسر منزله ورزقه وأهله. وحتّى تحضير الطعام، بات أمرًا صعبًا أو شبه مستحيل بالنسبة للبعض. وفي وسط هذا الخراب، أقوم ببيع أشهى أنواع المونة لأصدقائي وأقاربي وزبائني وجميع من بجواري.

تعدّ المونة اللبنانية، بالنسبة لأم خالد، رمزًا للتحدّي والصّمود في بعض القرى الجنوبية. فبعد أن جاءت الحرب كالضيف الثقيل، واجهتهُ المونة بكل رحابة صدر بدل تصديرها للخارج. فكنتُ أبيع حوالى الـ10 آلاف دولار سنويًا، للمغتربين والمهاجرين، وها نحنُ اليوم نأكل منها جميعنا وسط الخراب والدّمار، وأبيعها بنصف سعرها لنرحم من في الأرض ليرحمنا من في السماء.

وبينما أغلقت أبواب العديد من الدكاكين، ها هي اليوم منطقة الجنوب تفوح منها روائح الكشك واللبنة الطازجة والفواكه المجففة واللبن والشنكليش والمربيات على أنواعها.

ووسط هذه الأجواء الصعبة، حاول رجال أهالي المنطقة ولا يزالون، جمع القمح وتحويله إلى الطحين، لنعدّ المنقيش، مثل منقوشة الزعتر واللحم بعجين والجبنة واللبنة، إلّا أنّ موسم الزيت عانى هذا العام.

وفي حديه للدّيار، يؤكد رئيس تجمع المزارعين في البقاع ابراهيم الترشيشي، أنّ المزارعين في منطقة الجنوب، يعانون بشكل خاص من قطف الزيتون والاستفادة منه. واعتبر أنّ من باستطاعته الوصول إلى أرضه ورزقه بسلام، سيقطفه له ولعائلته لأنّه أولًا يعاني من نقص في العمّال، وثانيًا لأنّ العمّال يتقاضون 3 أضعاف ممّا كانوا يتقاضونه سابقًا، ثالثًا بسبب الغارات الإسرائيلية التي استهدفت بيوتهم ومنازلهم وطرقاتهم، ورابعًا نتيجة إغلاق الأسواق في صيدا وصور وباقي الدكاكين نتيجة تأزم الوضع هذا، لذلك وضع المزارع في الجنوب مزرٍ وخسائرنا لا تعدّ ولا تحصى.

أم خالد تحوّل الطمام إلى دبس، والخيار إلى مخلل والرمان إلى دبس الرمان، والتين إلى مربّى لتوفير الغذاء لها ولأهالي المنطقة بالدرجة الاولى، ولتعزيز التحدي والصمود والهوية اللبنانية بالدرجة الثانية.

ختامًا، تُعتبر مشاريع تحضير وبيع المونة المنزلية، ركيزة أساسية من ركائز التنمية الريفية وتمكين المرأة اقتصاديًا. وتبرز الحاجة إلى دعم هذا القطاع، إذ تشكّل هذه المشاريع حلقة اقتصادية مترابطة، بحيث يستفيد منها المزارع وجميع العاملين في تحضير المونة، بالإضافة إلى منتجي المواد الأولية. 

الأكثر قراءة

العلويّون ضحايا العلويين