اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يحتفل العالم في العاشر من كانون الاول باليوم العالمي لحقوق الإنسان، كمناسبة تذكّرنا بضرورة الالتزام بالكرامة الإنسانية والمساواة والعدالة. ورغم مرور 75 عاماً على اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، لا يزال هذا الميثاق، الذي وُضع لرفع الظلم عن البشرية، يُختبر في واقع حافل بالتحديات والانتهاكات، ما يثير التساؤلات حول جدواه ومدى الالتزام به على الصعيدين العالمي واللبناني.

احتشاد "رهيب"

يقول رئيس لجنة السجون في نقابة المحامين في بيروت، المحامي جوزيف عيد، لـ "الديار": "لقد كرّست مقدمة الدستور اللبناني التزام لبنان بميثاق الأمم المتحدة وبالمواثيق الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، إلى جانب العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات".

ويشدد على "وجوب معاملة جميع السجناء بما يلزم من التقدير لكرامتهم وقيمتهم كبشر، ومن هنا، لا يجوز التمييز بينهم على أساس العنصر او اللون أو وجهات النظر السياسية أو المذهبية، وأن تكون محاكمتهم عادلة بحيث لا يبقى نزيل دون محاسبة، مع تأمين شروطها القانونية والقضائية، وفقا لمبادئ حق الدفاع وضمانه طبقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية".

ويكشف أن "نسبة الاكتظاظ في السجون اللبنانية وصلت إلى 330%، بينما بلغ معدل الموقوفين دون محاكمة حوالي 83%، وهو أمر غير مسبوق، وذلك استنادا إلى إحصاءات لجنة السجون في نقابة المحامين، محذراً من حدوث مضاعفات أمنية، صحية، وغذائية كارثية".

ويدعو عيد في الختام "القضاء إلى تسريع المحاكمات والبتّ في إخلاءات السبيل، وفقاً للمواد 108، 107، و111 من أصول المحاكمات الجزائية".

من شعار الى واقع!

من جهتها، توضح المحامية ماريانا برو لـ "الديار" ان "العالم يحتفل كل عام باليوم العالمي لحقوق الإنسان، لكن للأسف في ظل الانتهاكات المستمرة لحقوق الافراد، وتحديدا الأطفال، على الصعيد العالمي، وعلى مستوى الأنظمة العربية خصوصا، وبخاصة في لبنان لا يوجد يوم عالمي حقيقي للحقوق المدنية. وقد أضحت هذه التجاوزات خطرة، لا سيما مع ما حدث في سجن صيدنايا في سوريا، حيث شاهدنا ما يسمى بـ "المكبس الحديدي"، الذي أعتقد أنه يستخدم لإعدام المعتقلين، مما يدل على وحشية التعامل. ناهيكم باغتصاب النساء والأطفال المسجونين، فضلًا عن مئات الآلاف من المقيدين الذين فقدوا عقولهم، وبعضهم أجزاء من أجسادهم".

وتتابع "لذلك، يتزامن تاريخ 10 كانون الأول مع تاريخ 8 و9 كانون الأول، اللذين كشفا عن إبادة ومجازر ارتُكبت في عالمنا العربي. وهنا أفتح باب التساؤل حول سجون لبنان، حيث نسمع كثيرا من الموقوفين عن تعرضهم للضرب والتعذيب. أذكر على سبيل المثال مكتب جرائم المعلوماتية، حيث كان موكلي موقوفا لديه وقد تعرض للتعذيب، وخضع لعلاج نفسي، وكان من الممكن أن يصل إلى الانتحار".

وتكشف عن ان "التعذيب الممارس في لبنان، كما يخبرنا موكلونا وأهاليهم، يجعل البعض يخشى الحديث عن هذه القضية. لذلك، أتمنى تسليط الضوء على هذا الجانب في سجون لبنان وأماكن التوقيف، وأن يكون هناك فعلًا ما يسمى بحقوق الإنسان والطفل، مع ضرورة النظر في أوضاع القصّر في أماكن الاحتجاز. بالإضافة إلى المجازر التي وقعت في العالم، وما ارتكبه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو من مذابح ضد الشعب الفلسطيني، وغالبية الضحايا أطفال، وسط صمت عالمي مطبق، في ظل الحروب التي نشهدها مؤخرا".

وتختم "يكمن الحل في إيجاد مساواة وعدالة وقضاة نزهاء، لأن هؤلاء هم من يحمون العدالة والحقيقة. وبالتالي، يجب عليهم معاملة الجميع بإنصاف، بعيدا عن الاستنسابية. هذا يعني تنفيذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كيلا يبقى مجرد شعار، بينما لا نرى إلا الاعتداءات في المقابل. لذلك، آن الأوان أن تشرق شمس الحرية، وتُصان حقوق الطفل والإنسان والمرأة والعمال وعاملات المنازل، وجميع الحقوق المدنية".

المبادئ والتحديات "مزعومة"

بدوره، يؤكد المحامي عبادة لـ "الديار" ان "شرعة حقوق الإنسان، المتمثلة في الإعلان العالمي، تشمل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتضم مجموعة من الحقوق الأساسية. تضمن هذه الشرعة حماية الفرد من التمييز والاضطهاد، وتكفل له حقوقه المدنية. رغم ذلك، تشير التقارير الدولية إلى أن هذه النصوص تُنتهك بشكل صارخ في مناطق متعددة حول العالم. ففي الشرق الأوسط، يشهد العدوان الإسرائيلي على لبنان تصعيدا خطرا مع استمرار استهداف المدنيين والبنى التحتية. أما في غزة، فتُسجل سنوات من الحصار والعدوان المتكرر جرائم ترتقي إلى انتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان".

لماذا يُنادى بحقوق الإنسان رغم انعدام تطبيقها؟ يجيب "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليس نصا مُقدسا بقدر ما هو محاولة إنسانية لتوفير مظلة عدالة. ومع ذلك، يظل تطبيقه مرهونا بالإرادة السياسية للدول الكبرى التي غالبا ما تتبنى معايير مزدوجة وتعرقل تنفيذ القانون على أرض الواقع، كما في حالة العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة ولبنان. ويشير أيضا إلى أن احد أبرز أسباب الانتهاكات هو ضعف أدوات المحاسبة الدولية، حيث تظل الجرائم بلا عقاب في ظل الحماية السياسية التي توفرها بعض القوى الكبرى".

ويوضح انه "في لبنان، يتداخل الانهيار الاقتصادي والسياسي مع الآثار المدمرة للاعتداءات العسكرية. ويظهر العدوان الإسرائيلي الأخير، عجز الدولة عن حماية مواطنيها وفق مبادئ الشرعة الدولية. ويرى أن التحدي يكمن في تحويل حقوق الإنسان من نصوص إلى ممارسات ملموسة. ويقترح توثيق الانتهاكات بشكل منهجي بالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان الدولية، وتطوير آليات محلية تُلزم الدولة بمساءلة الجهات المعتدية. إضافة إلى ذلك، تعزيز وعي المواطنين بحقوقهم عبر الإعلام والمناهج التعليمية".

سجن الأطفال.. تجاوز فاحش!

ويعلق على مسألة سجن الأطفال، ذكورا وإناثًا، باعتباره يمثل أحد أبشع الانتهاكات لحقوق الإنسان، خصوصا عندما يتعلق الأمر بدول أو أنظمة تستخدم هذه الممارسات كأداة سياسية أو عقابية. الكشف الأخير عن قيام النظام السوري باحتجاز الأطفال في السجون يبرز حجم الكارثة الإنسانية والحقوقية التي تتعارض مع كل المواثيق والأعراف الدولية".

ماذا يعني سجن الأطفال؟ يوضح "أي حرمانهم من حقوقهم الأساسية كالتعليم، الرعاية الصحية، والأمان، فضلا عن تعرضهم للتعذيب، وسوء المعاملة، والظروف القاسية، مما يترك آثارا نفسية عميقة قد تستمر مدى الحياة. كما ان المساس ببراءتهم، واحتجازهم يحرمهم من العيش بكرامة وحرية، ما يعرّض نموهم وتطورهم للخطر. في المقابل، تتكاثر التساؤلات حول مصير الأطفال المسجونين مع أمهاتهم. إذا ولدت النساء المسجونات أطفالهن داخل السجن، فما هو حق هؤلاء الأطفال؟ وما الذي يكفله لهم القانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان؟

يختم "لذلك، بعد سقوط النظام السوري، صُدم العالم بمشاهد مروعة لأطفال يعيشون في السجون. أثارت هذه الوقائع جدلًا واسعاً، حيث يرى البعض أن بقاء الأطفال مع أمهاتهم في السجن لا يُعتبر انتهاكًا لحقوق الإنسان، بحجة أن الأم تقدم لهم الرعاية اللازمة. لكن الواقع يختلف عند الحديث عن أطفال ولدوا نتيجة الاغتصاب، أو أولئك الذين تم احتجازهم مع أمهاتهم. في كلتا الحالتين، يُطرح السؤال: هل بقاء الأطفال في السجن مع أمهاتهم ينتهك حقوقهم الأساسية؟ أم أن فصلهم عن أمهاتهم قد يكون أكثر قسوة؟

تظل الإجابة عن هذا السؤال معقدة، وتتطلب النظر في السياق القانوني والإنساني، مع مراعاة أن الأطفال لديهم الحق في حياة كريمة وبيئة تحترم كرامتهم الإنسانية بعيدًا عن أجواء السجن".

 

الأكثر قراءة

"Soft landing" فرنجية : فتّش عن المحيطين "كفانا خسارة"! جنبلاط نسق مع بري وقطع الطريق على جعجع القوات تنتظر بري وناقشت كلّ الخيارات منها المقاطعة