اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


قبل ان تكون نازحة او لاجئة وفي الحالات الطبيعية، تعيش المرأة اللبنانية حياةً صعبةً يرسمها المجتمع الذكوري ويحدّدها على هواه، لتكون الحلقة الأضعف في مجتمعاتنا. فما بالكم عندما تخسر هذه المواطنة منزلها وأهلها وعملها؟ وما بالكم عندما نكون في حالة حرب وليس سلما ؟

في الشهرين السابقين، اضطر أكثر من مليون مواطن لبنانيّ إلى النزوح نحو مناطق آمنة، نتيجة الحرب الإسرائيلية على لبنان. هذا الأمر، فرض عليهم كلفةً إضافيةّ في ظل الرواتب الشهرية الضئيلة نتيجة خسارتهم لأعمالهم ومصادر دخلهم ورزقهم. فكيف أثّر هذا الواقع المرير في النساء تحديدًا؟

في ظل تصاعد النزاع المسلّح في لبنان، واجهت النساء اللبنانيات معاناة لا توصف. ذلك أنهنَّ في حاجة ماسة إلى استحداث مراكز إيواء تؤويهنّ، وإلى مواد التدفئة، وإلى غذاء مغذٍّ، بالإضافة إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة العامة، فضلاً عن الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وضمان حقوقهن وكرامتهن.

وبحسب التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة حول المرأة والسلام والأمن، فإنّ نسبة النساء اللواتي يُقتلن في النزاعات حول العالم قد تضاعفت العام المنصرم، حيث باتت نسبة النساء 40% من إجمالي القتلى في مناطق الحرب. وتفاقم هذا العبء، نتيجة تعلّم الأطفال عن بُعد، وأداء المهام المنزلية في مراكز الإيواء، ممّا يجعلهن أكثر عرضة للعنف الأسري والجنسي والمادّي.

وتشكّل النساء أيضًا النسبة الكبرى من العدد المتزايد للأشخاص النازحين داخليًا. ووفقًا لبيان تتبع النزوح الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة، فإن 52% من إجمالي النازحين المُسجلين في لبنان، والبالغ عددهم 833,391 نازحًا حتى 24 تشرين الأول 2024، هم من النساء والفتيات. وتقدر هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن هذا يعادل نحو 240,000 عائلة، أكثر من 50,000 منها ترأسها نساء، مما يزيد من وهنهن في مواجهة انعدام الأمن الغذائي وندرة سبل العيش وانخفاض المشاركة في سوق العمل.

خسائر مادّة ومعنويّة

عندما خسرتُ وظيفتي، شعرتُ بخيبة أملٍ لا توصف. ليس فقط لأنّني بحاجة إلى سيولة للعيش بكرامة مع عائلتي، بل أيضًا لأنّني خسرتُ منصبي في شركة عريقة في بيروت.

زينب، امرأة ثلاثينية من الضاحية الجنوبية تصف وضعها بالمذري، لموقع للدّيار وتقول: قصّتي ليست يتيمة، بل غيري كثيرات تركن أعمالهنّ بعد كلّ تهديدٍ لإخلاء مبنى سكنّي على اعتبارنا أفرادا نهدّد مصير وواقع الشركات التي نعمل بها. ولولا راتب زوجي، لكنّا بقينا من دون طعامٍ. ولولا استضافتنا عند أقاربي، لكنّا بقينا في الشارع.

وللأسف، معظم الشركات بجوارنا، قامت بطرد العديد من الموظفين القاطنين في الأماكن غير الآمنة، وتحديدًا النساء، على اعتبارهنّ غير مسؤولات بالدرجة الاولى عن مصروف المنزل. وتسأل: من سيُساند زوجي في هذه اللحظة لتربية أطفالنا؟ ومن سيؤمن لي ملابس واحتياجات خاصّة وأكسسوارت؟ حتّى الأمور البسيطة التي كانت تُشعرني بأنني امرأة خسرتُها. وحوالى 80%

من النازحين لا يتلقون المساعدات يقدر بنحو ٢٥٠الف نازح اي ما يعادل ٢٠ في المئة من المجموع

بيروت تبكي..

لم تعد العاصمة اللبنانية بيروت، قادرة على استيعاب المزيد من النازحين بعد أن امتلأت بالكامل، حيث تم حتى الآن تأمين مأوى لـ 54,970 نازحًا في 177 مركز إيواء. ولم يعد هناك مراكز متاحة لاستقبال أي نازح جديد، لذلك تم توجّه البعض الآخر إلى مراكز في مناطق خارج بيروت. "تركتُ جامعتي وعملي ومنزلي بسبب الحرب وهربتُ من محيطي وقوقعتي ومن المكان الذي يفوح منه عطر أمّي، إلى مأوى في الدكوانة، في مدرسة قديمة لأسكن فيها مع أناس لا أعرفهم ولا يعرفونني. وكلّما حاولت التأقلم، أستسلم. الحرب سلبت منّي خصوصيّتي ومكان راحتي ووسادتي الجميلة. وحتّى الساعة لا أريد من هذه الحياة سوى العودة إلى غرفتي".

أضاع لبنان، وبخاصّة مع بدء الثورة حتّى حربنا اليوم، فرصًا لمعالجة أزمات حيوية مثل الكهرباء والماء والنقل والاستشفاء... ولا يزال حتّى الساعة يخسر المزيد من الفرص والتحديات لانهاء هذه الحرب وانتخاب رئيسٍ للجمهورية يمثل هذا البلد المنكوب .

الأكثر قراءة

العلويّون ضحايا العلويين