اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


مع اقتراب موسم الأعياد، تتحول الأجواء إلى فرحة ودفء، حيث تتزين البيوت وتُعد الموائد بمختلف الأطباق الشهية، التي تحمل في مذاقها نكهة الذكريات وطقوس الاحتفال. لكن هذه اللحظات الجميلة قد ترافقها مشاعر متضاربة لدى البعض، إذ يظهر القلق بشأن تناول الطعام بحرية، خوفا من زيادة الوزن أو فقدان السيطرة على النظام الغذائي الذي التزموا به طوال العام.

فهل يمكن للإنسان أن يحقق التوازن بين الاستمتاع بمذاقات الأعياد الشهية والحفاظ على صحته؟ وكيف يمكننا التلذذ بما لذ وطاب، دون أن تنقلب هذه الفترة إلى عبء نفسي بسبب الشعور بالذنب؟ وما السبيل لجعل الطعام جزءا من الفرح، بدلا من ان يكون سبباً للحرمان أو القلق؟

لا شك ان الأعياد ليست مجرد مناسبات عابرة، بل هي لحظات تعيدنا إلى جذور السعادة والبساطة، حيث لا يُعد الطعام وسيلة للشبع فقط، بل هو لغة للاحتفال والتواصل مع الأحبة. فهل يمكننا الحفاظ على هذه المعاني، دون المجازفة بصحتنا أو إثقال أنفسنا؟

من المؤكد ان فترة الأعياد تجمع بين البهجة والاحتفال، لكنها في الوقت نفسه تثير هواجس عديدة لدى البعض، خاصة في ما يتعلق بتناول الطعام. فبين من يسعى لتذوق أطباق العيد الشهية، ومن يحرص على الحفاظ على وزنه وصحته، تظهر تباينات في السلوكيات والمواقف تجاه الطعام.

وفي هذا الإطار، يشير اختصاصيو التغذية إلى أن هذه الفترة تضع العديد من الأشخاص أمام تحدٍّ نفسي، حيث يشعر البعض بالقلق من تناول الطعام بحرية، خوفا من زيادة الوزن، فيمتنعون عن التلذذ بما يطيب ويُسعد، معتقدين أن الحرمان هو الحل الأمثل. في المقابل، هناك من ينغمسون في التهامه بلا حدود، مما يؤدي إلى الاحساس بالذنب أو حتى زيادة مفرطة في الوزن بعد انتهاء الأعياد. أما الفئة الأكثر توازنا، فهي التي تتبع أسلوب الاعتدال، فتأكل الأصناف المعدّة بكميات معتدلة، مما يمكنها من التمتع بالنكهات المميزة دون العيش بمحرومية أو القلق من الآثار السلبية.

وينصح الاختصاصيون عموماً بتبني أسلوب واقعي في التعامل مع الطعام خلال هذه المرحلة. ومن أهم هذه النصائح:

- عدم الشعور بالذنب عند تناول المأكولات المفضلة، فالاستمتاع بالطعام جزء من الفرح.

- اختيار كميات معتدلة، وتجنب المبالغة في تناول الأطعمة الدسمة أو الغنية بالسكر.

- التركيز على الأطباق التي يحبها الشخص حقاً، بدلاً من تجربة كل ما هو متاح على الطاولة.

تذكر أن الأعياد ليست مناسبة للأكل فقط، بل هي فرصة لتغذية الروح من خلال مشاركة الأوقات السعيدة مع العائلة والأصدقاء.

في النهاية، يبقى الهدف هو تحقيق التوازن بين الفرح والاستمتاع بالطعام من جهة، والحفاظ على الصحة النفسية والجسدية من جانب آخر، بحيث لا يتحول العيد إلى مصدر ضغط نفسي أو جسدي.

استساغة الاطايب ليس ذنبا بل ضرورة!

من جانبها، توضح اختصاصية التغذية كريستال باشي لـ "الديار" أن "الناس اعتادت خلال فترة الأعياد سماع الحديث عن عدد الوحدات الحرارية التي تحتويها الحلويات، والتنبيه الى تناول الأطعمة الدسمة، مع التركيز على تلك التي تشتمل على سعرات حرارية أقل، إلى جانب النصائح التي تدعوهم للقيام بأمر وترك آخر. لكن اليوم، سأعتمد أسلوبا مختلفاً، وهو ما أطبقه مع الأشخاص الذين ألتقيهم في العيادة. فالأعياد مناسبات للفرح والاجتماع مع العائلة، والأكل فيها لذة، وإلا فلماذا نعدّ المأكولات ونحرص على تقديمها خلال هذه المناسبات"؟

وتتابع "يدفعنا مجرد اجتماع العائلة أو الأصدقاء، إلى تجهيز المأكولات الشهية للتلذذ بها. لذلك، أحرص على ألا يعيش أي فرد ضغوطاً أثناء العيد، وأعارض بشدة ما يردده البعض بأنهم "على دايت" أو بأن هذا الطعام لا يجوز تناوله وذاك يجب تقليله، تؤدي هذه الطريقة غالبا إلى مفعول عكسي".

ماذا يعني "المفعول العكسي"؟ تجيب باشي موضحة أن "المفعول العكسي" يعني أن الشخص قد يأكل بشكل مفرط وبكمية تفوق طاقته، لأنه يعتبر هذا اليوم فرصة "للتخبيص". مثلًا، قد يقنع نفسه أنه يستطيع تناول القمح أو القطايف خلال عيد البربارة، لأن هذه الأطعمة مرتبطة بهذه المناسبة فقط. وهكذا، يفقد الطعام قيمته كلذة ليصبح وسيلة للاستفادة القصوى من اللحظة، فيتناول الشخص كمية أكبر من طاقته، ليعود إلى الحرمان بعد انتهاء العيد".

وتضيف "هذا النمط من التفكير خطر جدا. فالفرد يعيش بين مرحلتين: الأولى يتناول فيها كميات هائلة من الطعام، والثانية يحرم نفسه مما يشتهي، ما يجعله يشعر بعدم الاستمتاع بالعيد. النصيحة الأساسية هنا هي إدراك أن هذه الأطعمة المرتبطة بالمناسبات، يمكن الاستمتاع بها لاحقًا، إذ يمكن مثلًا توضيب القطايف أو "البوش دو نويل" في "الفريزر" للاحتفاظ بها وتناولها في وقت آخر، حتى ولو بعد انتهاء العيد. بهذه الطريقة، يشعر الفرد بالطمأنينة لأنه يعلم أن هذه الأطعمة ليست محصورة بفترة زمنية محددة".

تجنب مقاصصة النفس

وتنصح باشي أيضًا بتجنب "مقاصصة النفس" بعد الأكل. وتشرح "من الأخطاء الشائعة أن يتناول الشخص الطعام بلا حدود خلال العيد، ثم يمتنع عن الأكل ليومين أو ثلاثة كتعويض. هذا خطأ كبير، لأن الجسم يتعرض لضغط غير منطقي عند إدخال كميات كبيرة من الطعام، ثم تركه دون غذاء. الحل الأفضل هو العودة إلى النظام الغذائي المعتاد بعد العيد، دون اللجوء إلى الحرمان أو التقشف".

وتشير إلى أن "أفضل استراتيجية خلال فترة الأعياد هي الحفاظ على التوازن. فلا داعي لوضع أهداف صعبة مثل خسارة الوزن بعد العيد، لأنها غالبا ما تكون غير واقعية. الأكل هو لذة ومشاركة وذكريات جميلة. لن يتذكر الشخص بعد عشر سنوات كم كان وزنه خلال العيد، بل سيتذكر اللحظات الجميلة التي قضاها مع العائلة على طاولة واحدة".

السعرات الحرارية لبعض الأطعمة

وتشير باشي الى أن "عدد السعرات الحرارية يختلف حسب حجم الطعام ومكوناته. وفي ما يلي بعض الأرقام التقريبية:

- قطعة بيتزا صغيرة الحجم: 250 سعرة حرارية.

- قطعة رقاقات بالجبنة: 150 سعرة حرارية.

- كوب من المشروبات الروحية: بين 150 و200 سعرة حرارية.

- قطعة كاتو العيد: 300 سعرة حرارية.

قطعة جبنة بوزن 30 غراما: حوالي 100 سعرة حرارية.

وتختم "الاستمتاع بالأطعمة خلال الأعياد لا يعني الإفراط أو الحرمان. التوازن والوعي هما المفتاح للحفاظ على الصحة، والاستمتاع بفرحة العيد مع العائلة والأصدقاء، دون شعور بالذنب أو الضغوط".

 

الأكثر قراءة

"Soft landing" فرنجية : فتّش عن المحيطين "كفانا خسارة"! جنبلاط نسق مع بري وقطع الطريق على جعجع القوات تنتظر بري وناقشت كلّ الخيارات منها المقاطعة