اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


دخلت المنطقة مرحلة جديدة على كل الاصعدة منذ عملية طوفان الاقصى او السابع من تشرين الاول – اكتوبر، فتمت اعادة خلط الارواق مع انتصار الخط الاميركي في الشرق الاوسط. اغتال العدو "الاسرائيلي" امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ، ومن ثم سقط نظام الاسد، ليأتي نظام جديد في سوريا لا يزال في صيغة الحكم الانتقالي، الا ان  ملامح المشهد الكبير في بلاد الشام بدأت تتوضح شيئا فشيئا.

كما ان ايران ودورها في المنطقة شملتهما ايضا التغييرات الجذرية التي حصلت في سوريا ولبنان وغزة بشكل مباشر وبشكل غير مباشر.

اليوم التحدي الكبير التي ستواجهه الجمهورية الايرانية الاسلامية، هو كيفية تعاطي ادارة ترامب معها، وتحديدا حول نفوذها في المنطقة وبرنامجها النووي، الذي قام ترامب بابطال الاتفاق الذي وقعته ادارة اوباما السابقة مع الحكم الايراني.

السؤال الذي يطرح نفسه : هل ستحصل  تسوية مع ايران؟ ام ان واشنطن ستتعاطى بحزم وبعدوانية مع الدولة الايرانية فتؤدي الى الانفجار الكبير ؟ حتى اللحظة لا بوادر اميركة تشير الى مسار سلبي او ايجابي في مقاربة الملف الايراني. انما في الوقت ذاته، تبدو واشنطن عازمة على التفاوض مع طهران ، لابرام اتفاق اكثر عدلا بالنسبة للمصلحة الاميركية.

وهنا ايضا يتساءل المرء ما هي التنازلات التي ستقدمها ايران، مقابل اتفاق جديد حول برنامجها النووي ومدى حجم هذه التنازلات وتوقيتها؟ قد يريد ترامب ان يكون حاكما  يعزز الاستقرار في المنطقة ، وان اراد ذلك فان الامر يرتكز على  المقاربة الاميركية لايران. ذلك ان "امن" الكيان الصهيوني يأتي اولا بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية، وانما في الوقت ذاته اذا كان ترامب يسعى لتبريد المنطقة وحماية هذا الكيان، فلا يمكنه ان يستمر في معاقبة ايران وفي التضييق عليها، لان ذلك سيضع المنطقة برمتها على فوهة بركان، او بالاحرى امام انفجار كبير.

 فالعدالة لا تعرفها الدول، ولكن الواقع يكشف الظلم الذي يعيشه الناس، وتتم ترجمته ببروز منظمات جديدة مناهضة للاستبداد وغياب العدل. بمعنى آخر، اذا انحسر نفوذ وقوة بعض المنظمات المقاومة للعدو "الاسرائيلي"، فستعيد بناء نفسها، الى جانب صعود منظمات تريد مواجهة الكيان الغاصب، وستلجأ الى اي مصدر يعززها بالسلاح سواء ايران او غيرها من الدول، والتاريخ شاهد على ذلك.

كانت مصر رأس الحربة في التصدي للكيان الصهويني، ودعمت فتح في قتالها جيش الاحتلال. بعدها ومع سقوط نظام الشاه وانتصار الثورة الاسلامية في ايران، اخذت طهران مكان مصر وبدأت بتقوية اي مقاومة تناهض الكيان العبري.

انطلاقا من ذلك، من يريد فعلا ان تصبح منطقة الشرق الاوسط مستقرة اكثر، فهناك ممر واحد لذلك، وهو تعاط اميركي اكثر عدلا مع ايران. بيد ان كل الاحداث التي زعزعت الاستقرار في دولنا وجعلت هذه المنطقة تعيش جحيما فعليا، هي يسبب قيام واشنطن بالنظر الى مشاكل وعقد المنطقة بعين واحدة. وخلاصة القول اننا نعلم جيدا ان واشنطن لا تعير اهتماما للشعوب العربية، بل تهتم فقط بمصلحة الشعب "الاسرائيلي"، ولكن حان الوقت لتلتفت الى الآخرين، الى مَن يريدون العيش بكرامة في ارضهم.

من هنا، اذا قرر ترامب اعطاء "اسرائيل" الضوء الاخضر بتوسيع حدودها، فهو يؤسس لولادة الف حركة على غرار حماس وحزب الله والحشد الشعبي. ان التراب سيظل خصبا لتأسيس مقاومة تناضل بوجه المغتصب لارض فلسطين ولبنان والجولان، ولن يعرف الشرق الاوسط اياما هادئة، بل ستشتعل المنطقة مرات عديدة.

فالقنابل الخارقة للتحصينات لن تتمكن من خرق روح المقاومة النابضة في قلب كل عربي حر، ان كان لبنانيا او عراقيا او سوريا او فلسطينيا. نعم المسلمون العرب في اميركا صوتوا لترامب لمعاقبة ادارة بايدن التي قتلت الفلسطينيين في غزة، فكيف اذا اكمل ترامب هذه السياسة؟ عندئذ سيكون الانفجار في قلب الولايات المتحدة الاميركية، وان كانت الدولة العميقة ستقمع اي ضغط عربي في واشنطن.

اما اذا قررت ادارة ترامب التعامل بعقلانية سواء مع ايران او مع التنظيمات التي تناضل بوجه قوى الاستكبار والظلم ، فعندئذ سيشهد الشرق الاوسط سلاما متينا.

 

الأكثر قراءة

حزب الله يُحذر من الخروقات «الإسرائيليّة»: للصبر حدود الجولاني مُستقبلا جنبلاط: سنكون سنداً للبنان