اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ماذا لو سقط نظام بشار الأسد قبل وقف النار في 27 تشرين الثاني الفائت، بالتداعيات اللوجيستية، والعملانية، والأهم بالتداعيات المعنوية على المقاومة في لبنان بعد سلسلة الكوارث (أم الزلازل ؟) التي واجهتها، وقد بدت وحيدة في أرض المعركة وفي ظروف مستحيلة، بسبب الغارات الجوية الهائلة التي كان الهدف منها، بعد اغتيال السيد حسن نصرالله ـ وكانت الخسارة التاريخية الكبرى ـ وقادة الصف الأول، تدمير البنية السيكولوجية للمقاومة، حين كانت القنوات، والصحف، الاسرائيلية تتوقع تقهقراً دراماتيكياً في أداء «حزب الله»، ما يمكّن حكومة الائتلاف من ازالته كلياً من الخارطة اللبنانية.

السؤال طرحناه على أكثر من جهة سياسية، وديبلوماسية، وعسكرية. بطبيعة الحال، كان بنيامين نتنياهو قد ازداد جنوناً، ودون أن يكون بالامكان التكهن الى أين يمضي به هذا الجنون على الأرض اللبنانية. ولكن، على الأرجح، كان سينتقل الى الجبهة السورية، كما حدث تماماً، كون دمشق «حالة توراتية» ولأن «ذئاب الشمال» شكلوا، دوماً، الهاجس الاستراتيجي، وحتى الهاجس الايديولوجي، داخل اللاوعي الاسرائيلي العام منذ أن اقترب لواء الدبابات السوري، رقم 81، من جسر «بنات يعقوب» (التسمية، حسب بعض المؤرخين، أن النبي يعقوب عبر هذا المكان برفقة بناته في طريقهم الى الشمال السوري)، ما كان يؤدي الى شق الدولة العبرية الى نصفين.

الآن دمشق في مرمى مدفعية الدبابات الاسرائياية. الخطة التي أقرها مجلس الوزراء المصغر تقضي بالتقدم الى مسافة 15 كيلومتراً من المدينة. ما هو السيناريو الذي وضع في الظل، وهل يمكن القول ان رجب طيب اردوغان، وقع في الفخ أيضاً ليكتشف في نهاية المطاف أن نتنياهو يمكن أن يطرده من العاصمة السورية ساعة يشاء ؟ الأشهر المقبلة تنطوي على الكثير من المفاجآت.

هل يكفي أن يقول قائد الادارة العسكرية أنه لا يريد خوض صراع مع اسرائيل، كما لو أن السوريين لن يسألوه عما يفعله ببلادهم حين عراها حنى من عظامها، ولا سبيل أمامها الا أن ترفع الرايات البيضاء، وهو الذي قال انه لن يكون عامل قلق بالنسبة الى اسرائيل، ولكن يكون عامل قلق للسوريين الذي لا يعرفون الى أين تمضي بهم هذه العاصفة. كل الدلائل تؤكد أن السياسة الاميركية تدفع نحو تطبيع سوريا لعلاقاتها مع دولة الاحتلال. في هذه الحال، ما حال لبنان، وما حال العراق ؟ حتى لو عقد السلام بين البلدين. دولة مدججة بالسلاح، ودولة مدججة باللحى. مثلما استولت تركيا على لواء الاسكندرون، استولت اسرائيل على مرتفعات الجولان. أمام هذا الواقع كيف يتم توزيع ما تبقى من سوريا حين يقضي مشروع المؤسسة اليهودية، وبالتفاهم مع ادارة دونالد ترامب على التقسيم الى دويلات طائفية، أو اثنية، أو مناطقية، باعتبار أن للعشائر دولتهم أيضاً. لكأنه الدخول في عصر الظلمات...

اللافت هنا أن تعليقات تركية تتقاطع مع تعليقات اسرائيلية حول التوجس مما اذا كان ذلك الكوكتيل الاسلامي، بالخلفيات الايديولوجية الغامضة، يمكن أن يضم خلايا متطرفة تتولى تفجير الستاتيكو.

هنا يلاحظ أن التقارير الاستخباراتية الغربية التي تتسرب منها مقتطفات الى وسائل الاعلام، تتحدث عن تحولات كبرى لدى الرأي العام السوري الذي سحقته الضائقة الاقتصادية على مدى سنوات، لا مشكلة لديه لمد اليد الى الشيطان، ولطالما مدت الفصائل الاسلامية يدها، وهي تصدح بـ"الله أكبر»، الى الشيطان. لا حاجة للمفاوضات، ولا وقت للمفاوضات. ما قيمة الوطن اذا كان المواطنون يزحفون على بطونهم من أجل رغيف الخبز أو من أجل قارورة الغاز ؟ لكن اسرائيل لا تريد لنجمة داود أن تحل محل النجمة الخماسية في الهلال التركي. الفريق الذي سينتقل الى البيت الأبيض، والى كل المواقع الحساسة في 20 كانون الثاني المقبل يتبنى كليا الخارطة الاسرائيلية لسوريا المستقبل. أي سوريا ؟ ميريام ادلسون أرملة الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون، والتي تعتبر كبيرة الممولين لحملة ترامب، وهي صديقة حميمة لأبنته ايفانكا، عرضت، منذ نحو اسبوع، عبر قناة «فوكس نيوز»، شراء «قصر الشعب» على احدى تلال دمشق لتحويله الى مقر للسفارة الاسرائيلية.

تشابك أم اشتباك تركي ـ اسرائيلي حول من يحكم سوريا. ولكن ألا يوحي كلام للأميركي اليوت آبرامز أن من يحكم سوريا الصغرى يحكم سوريا الكبرى ؟ / كردستان الكبرى مصادر خليجية تنقل عن جهات أميركية واسرائيلية أن حكومة نتيناهو تبذل جهوداً في الخفاء لاقناع الادارة الأميركية بانشاء دولة كردية في سوريا تكون النواة لاقامة كردستان الكبرى في المثلث السوري ـ العراقي ـ الايراني. هذا ما يثير جنون اردوغان الذي يعرف ما مفاعيل ذلك على الجزء الكردي من تركيا (شرق الأناضول وجنوب شرق الأناضول) بموقعه الاستراتيجي الحساس، وبموارده المائية.

مجلة «باري ماتش» الفرنسية أطلقت على وزير الخارجية الأميركية السابق هنري كيسنجر لقب «أبو الدولة الكردية»، ولكن في العراق، حين كان اللعب بأسعار النفط ليتمكن الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي من مساعدة الأكراد للثورة ضد الحكومة المكزية في بغداد، وقد تبين بعد ذلك ما الهدف من العملية. حمل بغداد على توقيع اتفاقية شط العرب مع ايران في 16 أذار 1975. ولدى سؤالي طارق عزيز، وكان وزيرالاعلام آنذاك، عن سبب توقيع الاتفاق الذي أعتبر مجحفاً للعراق، نظّم لي رحلة الى المنطقة الكردية بصحبة ضابطين، أطلعاني على الجبال الانكشارية هناك. «كانت القنابل تنزلق على تلك المنحدرات الصخرية، كما لو أنها قطرات الماء تنزلق على لوح زجاجي»، ليتكبد العراقيون 16000 قتيل وجريح دون طائل.

واذا كان مفعول قانون قيصر (5 سنوات) قد انقضى في 20 كانون الأول الجاري، يقول الأميركيون ان العقوبات الأخرى تبقى سارية حتى عام 2029. لكن ما يتردد وراء الضوء يشير الى أن رفعها سيتم فور توقيع معاهدة السلام بين دمشق وتل أبيب، في حديقة البيت الأبيض، دون أن يكون باستطاعة السوريين التفلت من التوقيع اذا كانت هناك رغبة في ذلك. على كل، ثمة أشياء كثيرة ترتبط بلعبة المصالح بين تركيا واسرائيل، وبينهما أميركا، دون أن تكون سوريا أكثر من مسرح للصراع، أو للتناغم، بين البلدين.

الاسرائيليون احتلوا محافظة القنيطرة بالكامل، وأجلوا سكان بعض القرى. خطوتهم التالية هي درعا، ما يعني السيطرة على معبري الرمثا ونصيبين الى الأردن الذي يعيش حالة من القلق، بعدما كان الرئيس الأميركي المنتخب قد وعد بتوسيع مساحة اسرائيل، ليبدو جليّاً أن المقصود الحاق الضفة الغربية وقطاع غزة باسرائيل. وكان ييغال آلون، وهو وزير خارجية سابق قد أطلق مشروعاً شهيراً اعتبر فيه أن مكان الدولة الفلسطينية هو في الضفة الشرقية.

ويذكر أن المحللين الأميركيين المقربين من اللوبي اليهودي قد اعتبروا أن قرار ترامب، خلال ولايته الأولى، نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس (6 كانون الأول 2017) بمثابة الخطوة الكبرى نحو اقامة الدولة اليهودية بعد تنقية اسرائيل من «الغوييم»، أي «الأغيار» !

الزلزال وقع في سوريا. هكذا يتغير الشرق الأوسط. ولقد بدأ يتغير. انتظروا عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض لاستئناف لعبة الدومينو. مائة عام وأكثر على اتفاقية سايكس ـ بيكو. هذا يكفي لمحو كل أثر لها...

الأكثر قراءة

الخطة الاسرائيلية: 15 كيلومتراً عن دمشق القنبلة الكردية القنبلة النووية في الشرق الأوسط ادلسون لشراء «قصر الشعب» وتحويله الى سفارة لـ«اسرائيل»...