اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ليست المرة الأولى التي تخسر الامة جزءا من أراضيها وقد لا تكون المرة الأخيرة، فقد سبق وان خسرت سيناء والاحواز وكيلكيا واسكندون وفلسطين لكنها بقيت تقاتل من اجل تحرير فلسطين وفي ذاكرتها باقية الأراضي السليبة.

وقبل ذلك خسرت الامة الوطن بكامل أراضيه وكادت تخسر الهوية، لو لم تحافظ الذاكرة عليها، ويتصدى للتتريك والفرنسة والفارسية ادراك بعض السوريين العالي، ولو لم يولد في ضهور الشوير زعيم اسمه أنطون سعادة نقل الهوية من الوجود بالقوة في الذاكرة الى الوجود بالفعل في صفوف الشعب.

تعيش سوريا هذه الأيام سباقا حادا بين خسارة الأرض وخسارة الهوية، فهي تعيش داخل مثلث أضلاعه لا يحدوها فقط الاستيلاء على الأرض بل يحدوها امنية خسارة الهوية كي يتسنى لها اللعب بمصير بلادنا الى قرون عديدة.

فما فعله العدو في فلسطين على مدار اكثر من قرن وبعد احتلاله الأرض بغاية ضياع الهوية، تفاجأ بأثر الهوية في الجماعة وصحا على خبر بعد قرن من الزمن ان الفلسطيني يحمل الهوية الفلسطينية السورية ويصعب عليه نزعها عنه لأنها لصيقة بها كما الروح لصيقة بالجسد.

أرعبته المواجهة مع الأطفال، أخافته عمليات الذئاب المنفردة التي نفذها الشباب، عمليات طلبة المدارس مواقف سكان الاحياء سكان نابلس وطولكرم وجنين وكل سكان الضفة الغربية فاقتنع انه عاجز عن القضاء على الهوية، فلجأ الى القضاء على الشعب بكل فئاته، وهذا ما يفعله في غزة والضفة الغربية وكامل خريطة فلسطين.

فشلت مقولة احتلال الأرض تلغي الهوية، وما يبقى من الفلسطينيين على الخريطة الفلسطينية لن يتنازل عن الهوية القومية مهما فعل العدو ومهما حاولت جماعات المذاهب والطوائف تضييع الهوية القومية لمصلحة الهوية المذهبية.

فشل التعليم والتوظيف وتأمين الخدمات والإغراءات، فشلت الجامعات والمعاهد والأندية والجمعيات ـ فشل مشروع تعليم اللغة العبرية في المدارس في مشروع التهويد.

فشلت محاولات ضياع الهوية على امتداد الوطن السوري ولكن هذا لا يعني ان الهوية بخير ولا تواجه تحديات خطيرة ومصيرية.

أولى هذه التحديات التحول الذي شهدته المقاومة في لبنان وفلسطين، بحيث أصبحت مقاومة طائفية دينية ولم تعد مقاومة قومية وطنية، لكنها أي المقاومة فشلت في تبني الاستراتيجية الإسلامية لذلك كان شعبنا يخوض معركة قومية بخطاب طائفي ديني وهذا كان له أثر كبير على الهوية وبالتالي على المواجهة مع كيان العدو.

تواجه الأمة اليوم تحديا يوازي الخطر اليهودي، أنه خطر التتريك!

لقد فشل التركي في تتريك الشعب عندما حكم البلاد أربعمئة عام، فقد عمد الى تعميم الجهل كي يقضي على الهوية بعد ان كان احتل الأرض وحكم البشر على طريقته.

اليوم، عيّن الخليفة التركي واليا على الشام وبمباركة من العدو وبعض العرب والقوى العالمية بعد ان أنشأ عشرات الفصائل المسلحة كي تصل غايته الى جميع فئات الشعب.

لقد استطاع ان يحتل الأرض من جديد فهو اعلن وصوله الى دمشق ويريد التوجه نجو كركوك والموصل، ولكن هل يستطيع القضاء على الهوية؟.

ان الخلية التركية المسؤولة عن صورة والي دمشق تعمل بتدرج على تغيير صورته كي يتأقلم معها الناس فمن البذلة الأوكرانية الى السبور الى البذلة المدنية الى الكرافات ومن الذقن الطويلة الى الذقن المقبولة ولا ندري ان كان بعد غد سيكون دون ذقن، غاية هذا التغيير نقل الجولاني من قائد المذابح الى رجل الدولة المقبول من الناس، وليشهد على توقيع العقد الاجتماعي بين الدولة والطوائف.

لست ادري ان كان التركي قرأ التاريخ واتعظ ان تعميم الأمية وممارسة أعظم أنواع الظلم لا يقضي على الهوية، وأن إفقار الناس وحرمانهم من لقمة العيش لا يقضي على الهوية، وأن القهر الطائفي لا يُلغي الهوية أ او انه استنتج ان مساعدة الطوائف لتكون متساوية في العدة والعدد والعتاد يخلق صراعا يؤسس لغلبة الطائفية والمذهبية على الهوية القومية.

يلعب التركي على تركيب الوضع الداخلي للشام بما يشبه الوضع اللبناني بحيث تصبح الدولة راعية مصالح الطوائف والمذاهب، وتدير البلاد بنظام الشركات الإسلامية المتطورة.

ان طرح فكرة العقد الاجتماعي هي الخطوة الأولى في طريق القضاء على الهوية القومية، بحيث تصبح الدولة الناظم للعلاقات بين الطوائف وليست المرجعية الوحيدة للمواطن وهذا يغلّب الهوية الطائفية على الهوية الوطنية، ومع الوقت تضمحل الهوية القومية وتنتعش الهوية الطائفية وهذا ما يحدث الآن في لبنان والعراق ودمشق.

ان اعلان والي الشام منحه الجنسية للمرتزقة الأجانب الذين ساندوه في مشروع تخريب الشام، والذين كان بعضهم صاحب مسؤوليات كبيرة في الفصائل وأكثرهم اذا لم نقل جميعهم مرسلين من قبل أجهزة مخابرات دولهم بمهام خطيرة، يساعد على تبديد الهوية لأنه سينالهم ألقابا كبيرة تساوي ألقاب قيادات الفصائل الشاميين، وسيكون كل واحد منهم متصرفا اجنبيا في موقع مسؤوليته.

ان التعيينات التي يجريها والي دمشق تؤكد انه يسير نحو انشاء الدولة الإسلامية التي لا يكون من مهامها الصلح مع دولة العدو فقط بل سيكون من مهامها أيضا القضاء على الهوية القومية، لأنه لا يمكن لدولة إسلامية ان تكون بتوجهات قومية إلا اذا كانت تحمل شعارات إسلامية لتحقيق مصالح قومية.

ومن العوامل التي أثرت على الهوية القومية نشوء كيانات أثنية عجزت حكومات الكيانات من حلّ مشاكلها المادية والنفسية، فأقامت هذه الإثنيات كيانا مستقلا بها في مكان وجودها، وهذا أيضا أثر على الهوية لكنه لم يستطع القضاء عليها بحيث بقيت هذه الإتنيات تنتظر حلولا تخاطب وجودها كمواطنين وليس كفئة.

هذه بعض ملامح مشاريع القضاء على الهوية القومية التي تعتمدها الدولة التركية والعدو ومع آتي الأيام ستبرز ملامح جديدة وأخفقت الكيانات الإثنية من تثبيت واقعها كدول مستقلة وهي باقية مشاريع كيانات تتحكم في مصيرها قوى ترعاها وترعى مصالحها.

الأكثر قراءة

لبنان امام استحقاق وقف النار وواشنطن: لإنهاء الإنسحاب بمهلة 60 يوماً سلام عرض على عون خارطة طريق لحكومة تحظى بثقة شعبية وعربية ودولية انطلاقة الجمهورية الثالثة بعد الانتخابات النيابية...وبن فرحان: السعودية لن تترك الشعب اللبناني