يطوي لبنان اليوم الأخير من العام 2024، ليستقبل غداً اليوم الأول من العام الجديد 2025، على وقع إعلان "إسرائيل" عدم إلتزامها بالإنسحاب خلال فترة الـ 60 يوماً من القرى الحدودية، التي توغّلت اليها خلال الفترة الأخيرة، تنفيذاً لقرار وقف إطلاق النار، إنّما البقاء فيها. وتُواصل "إسرائيل" خروقاتها جنوب لبنان التي تجاوزت الـ 850 خرقاً، وقد حوّلت القرى الحدودية الجنوبية الى أرض محروقة غير قابلة للحياة، تحت عنوان "الحقّ في الدفاع عن النفس" الذي أعطاه التفاهم لكلّ من لبنان و"إسرائيل". فضلاً عن "حرية التحرّك في لبنان" التي ضمنتها من الأميركي، على نحو ما أعلنت وتصرّفت ولا تزال، الأمر الذي أعلن لبنان رفضه القطعي له، من دون أن يعلم الشعب اللبناني على أي إتفاق وافق بلده فعلياً.
وما يُثير القلق اليوم من خلال ما يُحكى عنه من سيناريو بقاء القوّات "الإسرائيلية" جنوب لبنان وعدم وقف إطلاق النار، على ما تتحدّث أوساط ديبلوماسية مطّلعة، أنّ القرار "الإسرائيلي" هذا الذي يتخطّى اتفاق وقف النار يعني عودة الحرب أو استمرارها، سيما بعد انقضاء فترة الـ 60 يوماً، وهي لم تتوقّف بشكل نهائي، وإنّما بطريقة مختلفة. فوجود هذه القوّات في القرى الحدودية الجنوبية على مساحة تتراوح بين 5 و7 كيلومترات، والتي لم تُنفّذ بعد الإنسحاب الكامل المطلوب منها قبل 27 كانون الثاني المقبل، الى جانب وجودها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر وبلدة النخيلة المحتلّة، يجعل المواجهة معها تنتقل من المقاومة الى الجيش اللبناني.
فالمقاومة اتخذت "حتى الساعة"، على ما أوضحت الاوساط، قرار عدم الردّ على الخروقات "الإسرائيلية"، سيما وأنّ اتفاق وقف النار يُعطي الجيش اللبناني تسلّم زمام الأمور بيده، بعد انتشاره في الجنوب بعديد أكبر من الذي كان منتشراً فيه، وقد بدأ بهذا الإنتشار منذ أسابيع. كما يُعطي الحكومة اللبنانية مسألة حلّ السلاح وخلق منطقة عازلة جنوب الليطاني، على ما ينصّ عليه اتفاق وقف النار والقرار 1701. وهذا يشير الى أنّه في حال قرّرت "إسرائيل" فعلاً عدم الإنسحاب من جنوب لبنان وتنفيذ قرار وقف النار بيدها وعلى طريقتها، فهي بذلك لا تخرق اتفاق النار فقط، إنّما "لا تثق" بما وافقت عليه في هذا الإتفاق، ولا بالدولة اللبنانية ولا بلجنة المراقبة. الأمر الذي قد يجعلها في مواجهة الجيش اللبناني الذي يملك الأرض، والحكومة اللبنانية التي تملك القرار السياسي. وهو أمر خطير لا يُنذر بالخير.
وتقول الأوساط نفسها بأنّ عودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان، المرتقبة بعد رأس السنة الجديدة في 6 كانون الثاني، ستصبّ في إطار "توجيه البوصلة"، إذ لا يُمكن لـ "إسرائيل" التصرّف على هواها، والإمعان في تدمير القرى الحدودية تحت أعين "اليونيفيل" ولجنة المراقبة، بعد أن وافقت على اتفاق وقف النار الذي قام هوكشتاين بهندسته وتمريره بهدف وقف إطلاق النار "لعقود"، على ما أعلن في إحدى مقابلاته التلفزيونية.
وإذ تريد "إسرائيل" حصول خلاف بين الجيش اللبناني والمقاومة، والإيحاء بأنّ حزب الله لا يزال يحتفظ بسلاحه، رغم عدم وجوده حالياً في جنوب الليطاني، تفيد الأوساط بأنّه لا يُمكنها المراهنة على هذا الأمر، كما أنّها ليست المعنية أو المخوّلة بتنفيذ بنود الإتفاق، إنّما لجنة المراقبة "الخماسية"، الى جانب الحكومة اللبنانية التي تعلم كيف عليها تثبيت أمن حدودها بعد إخلاء القوّات "الإسرائيلية" لمواقعها في القرى الحدودية وانتشار الجيش اللبناني مكانها.
وتؤكّد الأوساط الديبلوماسية بأنّ الإتفاق، كما القرار 1701 ينصّان على خلو منطقة جنوب الليطاني من السلاح والمسلّحين وليس شمال الليطاني، أو لبنان بكامله. وهذا ما على "إسرائيل" فهمه، خلافاً لما يصرّح به مسؤولوها الذين يتذرّعون بما يقومون به من خروقات وتعديات في القرى الحدودية من تدمير المنازل وحرق الأراضي الزراعية، وما الى ذلك من دون وجه حقّ، بأنّهم يريدون القضاء على بنية حزب الله لتأمين أمن مستوطناتهم. فتأمين أمن هؤلاء يحصل، وفق الإتفاقيات، بخلو جنوب الليطاني من السلاح والمسلّحين، ولا علاقة بما يحصل بعد ذلك بسلاح الحزب لأنّه شأن داخلي يُمكن للبنان حلّه. كما أنّ "الإسرائيلي" ارتكب المجزرة في حولة عندما لم يكن هناك حزب الله. وهذا يعني بأنّ هذا الأخير يتقدّم دائماً بحجج واهية، لا تتعلّق بما يُوافق عليه بوساطة أميركية.
من هنا، فإنّ تمادي "الإسرائيلي" في الإمعان في الأراضي اللبنانية، لا سيما عند الشريط الحدودي الذي لم يغادره بعد، سيجعل الجيش اللبناني يردّ على تعدياته هذه، انطلاقاً من "حقّه في الدفاع عن نفسه" أيضاً، المنصوص عنه في الإتفاق، وعن أرضه وعن سيادة وطنه تنفيذاً للقرار 1701. كما عليه تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار من خلال الإنتشار في المواقع "الإسرائيلية" بعد إخلائها. وهو ما سيتطرّق اليه المسؤولون اللبنانيون خلال محادثاتهم المرتقبة مع هوكشتاين الذي يأتي لمواكبة تنفيذ اتفاق وقف النار. هذا الأمر الذي لا تريده، وفق المعلومات، الدول الداعمة لوقف النار، من الولايات المتحدة الى فرنسا، والسعودية وقطر ومصر. كما سيجتمع بلجنة المراقبة، ليطّلع منها على ما يحصل تقنياً على الأرض، ولن يكون "موافقاً" جدّاً على استكمال "إسرائيل" لخروقاتها، وكأنّ وقف النار لم يتمّ التوافق عليه بينها وبين لبنان.
كذلك فإنّ بقاء "الإسرائيلي" في القرى الحدودية، حتى ولو أصبحت أرضاً محروقة، على ما تلفت الأوساط، قد يخلق غضباً عارماً من قبل سكّان هذه القرى الذين يريدون العودة الى منازلهم وأراضيهم فيها، ما قد يخلق شرارة "مقاومة" من نوع آخر، الجميع بغني عن وجودها مستقبلاً، في حال تطبيق بنود اتفاق النار والقرار 1701 على ما يجب.
يتم قراءة الآن
-
مصير الرئاسة والهدنة يحسمه هوكشتاين حزب الله: مُنفتحون على قائد الجيش... ولا «فيتو» سوى على سمير جعجع
-
هذه الكلفة المتوقّعة للحرب في حال تجدّدها
-
الموفد السعودي حيّر الجميع: مُواصفات لا اسم... والخيار لكم... وننسّق مع قطر!
-
إنتخاب الرئيس الخميس؟ "البصمة" لبري و "النكهة" أميركيّة هل يتمكّن جعجع من تطيير النصاب... والاعلان "الأمر لي"؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
19:25
ترامب: في حال عدم استعادة الرهائن قبل موعد تسلمي السلطة فإن جحيماً سيندلع في الشرق الأوسط
-
19:24
مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط: نحقق تقدماً كبيراً في محادثات الدوحة وسأتوجه إلى هناك اليوم أو غداً
-
18:53
الجيش اللبناني يعثر على جثامين شهداء في الناقورة وعلما الشعب والجيش الإسرائيلي ينفّذ تفجيرًا في حولا
-
18:06
وزير الإعلام زياد المكاري يتلو مقررات الجلسة الوزارية: مجلس الوزراء إتخذ في جلسته قرارًًا بترحيل الناشط المِصريّ المعتقل في لبنان عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات
-
18:06
الحكومة اللبنانية تتخذ قراراً بترحيل عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات بناءً على توصية قضائية رفعها المدعي العام التمييزي جمال الحجار في طلب الاسترداد الاماراتي
-
18:05
وزير الإعلام زياد المكاري يتلو مقررات الجلسة الوزارية: جرى اتصال بين الرئيس ميقاتي والشرع واتفقا على دوام التواصل بما فيه مصلحة لبنان وسوريا والمنطقة