اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



واهم من يعتقد اننا في طور عادي من أطوار الحرب مع العدو في الجنوب والشمال، ومن ينظر الى ما حدث هو عبور من دولة الى دولة ليس مهما كيف كانت المنتقلة الى الغياب وكيف هي الآتية الى الحياة.

واهم من يعتقد ان ما حصل في الشام امر شامي في الصميم، فكما لم تكن أحداث لبنان ومعارك لبنان ضد العدو أمرا لبنانيا في الصميم وكما لم تكن فلسطين أمرا فلسطينيا في الصميم كذلك ما حصل في الشام ليس أمرا شاميا بل هو أمر سوري في الصميم.

كم تشبه لحظة سقوط النظام في الشام لحظة سقوط فلسطين تحت سلطة الاحتلال، ان من حيث أهمية الحدث او مواقف الكيانات السورية ودول العالم العربي ليس كأنظمة فقط بل كشعوب وقوى فاعلة في المجتمع.

إذا أردنا ان نضع مقياسا لما حدث ويحدث في الشام علينا أن نعتمد المصلحة القومية مقياسا لما حدث وما سيترتب على سقوط النظام، والمصلحة القومية تقتضي معرفة انعكاس سقوط النظام على مشروع العدو في الجنوب والعدو في الشمال وكيف يصب هذا السقوط في المصلحة "الإسرائيلية " والتركية والأخوان المسلمين والولايات المتحدة والغرب الأوروبي ولا يخدم القضية القومية.

اذا كانت حرب النكبة أنشأت دولة العدو في فلسطين الطامحة الى انشاء " إسرائيل الكبرى " فإن سقوط النظام في الشام وما أنتجه من مفاعيل هو المرحلة الثانية من الخطة اليهودية الصهيونية للمنطقة، لذلك وجب علينا إبراز تفاصيل هذه اللحظة ووضع الامة أمام مسؤولياتها وبعث الأفكار القومية التي تمنع الشام من الانقياد الى التقسيم والحرب الأهلية وتقضي على فكرة الثأر والانتقام لأن الخطر على جميع فئات الشعب دون استثناء وإلى إنشاء حركة تفاعل إيجابي تحدد الاخطار وتحدد المصير وتقضي على التناقض السلبي داخل المجتمع.

المطلوب في هذه اللحظة ليس اللعنة على الذي كان بل المطلوب التركيز على الآتي وما يحمله من أخطار، وها نحن نرى مشاهدات الانتقام الطائفي، وتصفية الحسابات بين المذاهب والطوائف، وإن ما نشاهده من سلوك لجماعة إدارة العمليات العسكرية ردع العدوان في السياسة وفي التعامل مع الناس، وفي رسم خريطة نظام الدولة الآتية وردات الفعل من معظم فئات الشعب لا يبشر بالخير ابدا، ولا يأخذ بعين الاعتبار خطر المشروع اليهودي الصهيوني بل هناك عشرات التصاريح والمواقف التي تؤكد انهم يسلكون طريق التفاهم مع العدو، وهم لا يعلمون انه اذا كان هذا اليوم لهم بسبب ما حصلوا عليه من دعم من أعداء الامة في الشمال والجنوب وفي العالم فإن الغد لن يكون لهم لأنه عندما تنتهي صلاحياتهم في خدمة المشاريع العدوانية سيكون لهم يوما عليهم ابشع بكثير من اليوم الذي كان لهم، والخطورة اننا نشاهد هذا الحقد الطائفي في لبنان يفعل ما يفعله في الشام.

لم يعد الخطر على بعد كيلومترات بل أصبح على بعد أمتار، ولم يعد الخطر على الحدود الشمالية والجنوبية بل أصبح الخطر في قلب المجتمع، وكما سقط النظام في دمشق بجهود محلية وأقليمية ودولية، أصبحنا نعيش خوف سقوط المجتمع بنفس الجهود ونفس المرجعيات فخطر السقوط ليس في الشام فقط بل أنه في لبنان والأردن والعراق وكل قرية ودسكرة على مستوى الأمة السورية.

منذ اصبحنا كيانات، ومنذ ان وجد سرطان الاحتلال في فلسطين ونحن ندور على محاور لا تخدم القضية القومية ولم تستطع الامة تقدير حجم الاخطار الموجودة داخل المجتمع السوري، ولم نستطع نحن أبناء النهضة السورية القومية الاجتماعية من تعريف الشعب السوري على هذه الاخطار، لذلك كنا ننتقل من النكبة الى النكسة ومن النكسة الى الويل ومن الويل الى المصيبة واليوم نحن نعيش على حفاف الانهيار الكامل اذا لم ننهض من كبوتنا التي طال أمدها.

لقد حقق التركي غايته وبقي عليه تدبير أوضاعه مع الأكراد، وحقق اليهودي الصهيوني غايته بالشروع بشق " ممر داوود " ووضع الشام على احتمال حصول خيار دويلا ت طائفية وأثنية، وما يبشر به الجولاني من ان المنطقة تسير نحو سلام سيستمر خمسين عاما وانه لا دستور قبل ثلاث سنوات على الأقل ولا انتخابات قبل أربع سنوات على الأقل يؤكد ان المواجهة مع هذا النظام الجديدة آتية وقريبا وستزداد اكثر مع صدور القرارات والمراسيم التي تسنها الدولة ومع المواقف التي تعلنها.

نحن أمام دكتاتورية لأربع سنوات تخطط لتكون دكتاتورية الى سنوات عديدة إذا استطاعت الى ذلك سبيل.

الامة اليوم واقفة بين السقوط والنهوض ولا يكون النهوض الا اذا استطعنا تعميم ثقافة المصلحة القومية التي هي بديل المصلحة الطائفية التي تذهب بالبلاد الى جهنم السوداء.

إذا وضع الجولاني أربع سنوات لتثبيت مشروع الدولة الإسلامية التي لا تقيم اعتبارا للمواطنين من أصحاب الكفاءة ومن غير أصحاب الكفاءة وتسعى لبلورة عقد اجتماعي يجعلها تتعامل معهم كطوائف وجماعات وليس كمواطنين والمتصالحة مع العدو والخاضعة للنفوذ التركي وضمن شمسية الولايات المتحدة فنحن يجب ان نعتبرها فرصة لنا كي نحقق غاية الحزب الاولوية التي هي الوصول الى الشعب.

يرتبط إنقاذ الحزب في هذه اللحظة بوضع خطة وصول مبادئ الحزب وغايته الى الشعب وتحويل الحقيقة التي نعرفها الى وجود فاعل لأنها كادت تصبح في حيز خارج المعرفة .

علينا تحديد الاخطار حتى نحدد طُرُق المواجهة.

في طليعة هذه الاخطار أننا نسير الى فقدان الهوية بعد ان فقدنا السيادة الثقافية والفكرية والسيادة الاقتصادية والسيادة العسكرية والسيادة القومية، وفي هذه اللحظة نحتاج الى استرجاع السيادة الثقافية والسياسية كي نسترجع السيادة الاقتصادية والسيادة القومية الشاملة لكل نواحي الحياة .

سقوط النظام في الشام أوقعنا في المحظور فمن يرفع الخناجر عن رقابنا، نحن الآن في حال لا تحمد عقباه، فهل نُقدم وننجح في تحويل الويل الكبير الى فرصة، هل نستطيع منع إقامة الدولة المتصالحة مع العدو، هل نستطيع منع التقسيم على انواعه، هل نستطيع منع الحرب الأهلية، ونمنع الفوضى.

بعد سقوط الأفكار الوحدوية التي تنادي بالأمة العربية وبعد سقوط الأفكار الانعزالية وبعد سقوط قيادات الأحزاب القومية وخروجها عن محور القضية القومية، هل نستطيع كما استطاع سعادة من إعادة بناء الحزب واستكمال تأسيسه ليواجه وينتصر وتنتصر الأمة.

الأكثر قراءة

بغياب «كلمة السر» الخارجية المعارضة تلمّح لتطيير جلسة الانتخابات الرياض تصر على عدم التسمية... وجنبلاط ينصح جعجع بالتواضع! تعهد اميركي لبري نهارا بلجم الخروقات واسرائيل ترد ليلا بتوسيعها؟