كانت ارمينيا ـ بحكم موقعها الاستراتيجي ـ مسرحاً دائماً للحروب الدامية بين الشرق والغرب. مما أدى الى هجرة أبنائها خارج الوطن، ويعود وجود الارمن في الشرق الاوسط الى تاريخ ما قبل الميلاد.
ويروي التاريخ انه منذ زمن طويل عرف الانسان الأرمني لبنان، وأحبه، واستقر فيه، واندمج مع شعبه، ويقسم المؤرخ الأرمني سيساك فارجابيديان في كتابه: "الارمن في لبنان ـ الهجرات الارمنية الى هذه البلاد من العهود القديمة حتى عام 1700 م".
من 1700 حتى عام 1896 حتى عام 1918 والفترة الرابعة 1918 حتى عام 1950 وفترة من عام 1950.
كانت هناك "عائلات" علاقات متينة بين الارمن واللبنانيين، كما يؤكد المؤرخ اللبناني يوسف يزبك الذي يقول: انهم توزعوا (اي الارمن) في قرى لبنان الشمالي وانتقل كثيرون منهم مع الايام الى طرابلس وبيروت وكسروان، وفي جوار زغرتا قرية صغيرة اسمها "بيت البايع" هي أرمنية الاصل تنتمي الى اسرة بايان، وقد حرف الاسم مع الايام وصار بايع. كما توجد كنيسة في هذه القرية وفيها اثريات مكتوبة باللغة الارمنية يعود تاريخها الى القرن السابع عشر. والمؤرخ الارمني فارجابيديان الذي يتحدث عن هجرة ثلاثة اساقفة من الارمن في عام 1820، ويؤكد الاديب اللبناني الكبير الدكتو فؤاد افرام البستاني على العلاقات المتينة بين الارمن واللبنانيين عندما يتحدث عن تاريخ لبنان المعاصر: فيقول: "يدين التاريخ اللبناني المعاصر للأرمن بوجود اثنين من المتصرفين كانا من اوفى الولاة غيرة على لبنان وحفاظا على استقلاله وامتيازاته الخاصة، وكان من الصدفة ومن العناية ان يبدأ بأحدهما عهد المتصرفية، وينتهي العهد نفسه بالمتصرف الثاني هما داود باشا وأوهانس قيومجيان. اما الهجرة الكبيرة فبدأت خلال الحرب العالمية الاولى وعقب المجازر الأرمنية التي حصلت منذ مطلع عام 1915. وفي عام 1939، كانت هناك هجرة مباشرة الى لبنان حينما استوطن حوالى عشرة الاف أرمني في بلدة عنجر على الحدود السورية. وانتشروا في مختلف انحاء لبنان. وهم يعيشون اليوم بكثافة في بيروت وضواحيها كبرج حمود التي تشكل وحدها مدينة بذاتها، كما ان بعضهم يقطنون مناطق اخرى، كمنطقة مار يوسف والجديدة والزلقا وانطلياس ـ الربوة وجونيه وجبيل وعنجر وزحلة وطرابلس وكل لبنان".
بدأ الكرسي الكاثوليكوس بالتطور والازدهار وقد عُرف الشعب الارمني- منذ العصور القديمة- بمهارته وتغلبه على المصاعب والمشقات وانشاء حياة جديدة في مختلف الميادين الثقافية والتجارية والصناعية والفنية. فاستطاع الارمن القيام بنشاط واسع في المجتمع اللبناني، وكانت الصناعة أول مهنة للارمني في لبنان، وبعد فترة قصيرة استطاع هذا الشعب الخلاّق بناء معامل ودبّاغات. فقد كان هناك اكثر من عشرة معامل للدباغة يديرها ارمن لبنانيون. "فقد كان هناك اكثر من عشرة" كما قام بعضهم، في الوقت نفسه، باستيراد الجلود من الدول العربية وتصديرها الى الخارج، وهناك صناعة الاسفنج الاصطناعي ـ وصناعة الأدوات المنزلية والصياغة والميكانيك وصناعات اخرى، كاصلاح وبيع الساعات والخياطة والنظارات اول من ابتكرها وصنعها هاغوب Kanajian ـ كما اشتهروا ايضاً في التجارة الداخلية والخارجية معاً ـ فمنذ مطلع الخمسينات عمد عدد كبير منهم الى تأسيس شركات صغيرة وكبيرة تتعاطى الاستيراد والتصدير من والى لبنان، وبذلك أسهموا في تأمين حاجات المجتمع، ولا بد من الاشارة الى معامل فولكان لانتاج مطافىء الحريق لصاحبها انترانيك كريجيان، وبعد تطوير المعمل، قام صاحبه بخدمات كثيرة، منها مساعدة الجيوش الحليفة اثناء الحرب العالمية الثانية في مكافحة الحرائق ونزع الألغام ودرء الاخطار. لقد عرفت هذه المعامل كقدوة في العطاء الوطني والاجتماعي. للصحافة الارمنية مركزها البارز في المجتمع اللبناني بصورة عامة. وفي حياة الشعب الارمني بصورة خاصة ولا بد من الاشارة هنا الى ان الارمن هم من اوائل من انشؤوا الصحف في القرون الماضية في تركيا وروسيا، واول جريدة أرمنية صدرت في الهند وطبعت في مدينة مادراس ـ عام 1793 ـ ثم انتشرت الصحف الارمنية في دول أخرى. والجدير بالذكر ان الجرائد الارمنية المحلية تعالج المشاكل الاجتماعية التي تهم الارمن. وتتضمن زوايا ثقافية وتاريخية وعقائدية والاخبار المحلية والدولية. وللارمن في لبنان عدة دور للنشر والطباعة منها مطبعة ومكتبة الكاثوليكوسية الارمنية الارثوذكسية في انطلياس ـ ومطبعة هامسكايني العائدة للجمعية اثقافية الارمنية ـ ودار سيفان ودونيكيان اخوان وغيرها. وهناك ادباء وشعراء أرمن لبنانيون. ومن ابرز الصحفيين نذكر بوغوص سنابيان والناقد الادبي كريكور شاهينيان اللذين يعتبران من الادباء ايضاً. كما نذكر الشاعر الاب اسهاك كشيشيان وللموسيقى ايضاً مكان مفضل في قلب الشعب الارمني، وتاريخ الموسيقى والغناء، حافل بمنجزات ابناء الكنيسة الارمنية في العالم أجمع وفي لبنان بصورة خاصة نذكر هنا الموسيقي المؤلف بوغوص جيلاليان الذي انتشرت الحانه في الخارج مع عازفة البيانو المعروفة ديانا تقي الدين ومع الشبيبة الموسيقية، ومع المايستروا رئيف ابي اللمع وعدة مشاهير ومنذ القدم عرف عن الارمن المهارة في التصوير الفوتوغرافي وفي فن النحت والرسم وسيصدر كتاب pour le Liban للصيدلي والاديب والشاعر والمؤلف الموسيقي والمسرحي yervant Karadjian.
ان الارمن ـ خلال تعايشهم ضمن العائلة اللبنانية ـ قد برهنوا على حب كبير لهذا الوطن العزيز لبنان ـ واندمجوا في الشعب اللبناني واصبحوا يشكلون وحدة متراصة تسهم في بناء لبنان ـ لبنان العزة والكرامة.
ميلاد مجيد وكل عام وانتم بخير
يتم قراءة الآن
-
مصير الرئاسة والهدنة يحسمه هوكشتاين حزب الله: مُنفتحون على قائد الجيش... ولا «فيتو» سوى على سمير جعجع
-
هذه الكلفة المتوقّعة للحرب في حال تجدّدها
-
الموفد السعودي حيّر الجميع: مُواصفات لا اسم... والخيار لكم... وننسّق مع قطر!
-
إنتخاب الرئيس الخميس؟ "البصمة" لبري و "النكهة" أميركيّة هل يتمكّن جعجع من تطيير النصاب... والاعلان "الأمر لي"؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
18:53
الجيش اللبناني يعثر على جثامين شهداء في الناقورة وعلما الشعب والجيش الإسرائيلي ينفّذ تفجيرًا في حولا
-
18:06
وزير الإعلام زياد المكاري يتلو مقررات الجلسة الوزارية: مجلس الوزراء إتخذ في جلسته قرارًًا بترحيل الناشط المِصريّ المعتقل في لبنان عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات
-
18:06
الحكومة اللبنانية تتخذ قراراً بترحيل عبد الرحمن القرضاوي إلى الإمارات بناءً على توصية قضائية رفعها المدعي العام التمييزي جمال الحجار في طلب الاسترداد الاماراتي
-
18:05
وزير الإعلام زياد المكاري يتلو مقررات الجلسة الوزارية: جرى اتصال بين الرئيس ميقاتي والشرع واتفقا على دوام التواصل بما فيه مصلحة لبنان وسوريا والمنطقة
-
16:40
ميقاتي كلّف نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي التواصل مع مختلف الأفرقاء للعودة بمشروعين متكاملين حول موضوع معالجة أوضاع المصارف وتعديل قانون النقد والتسليف
-
16:36
وزير المهجرين عقب انسحابه من الجلسة الوزارية: ميقاتي ممتعض من المودعين لإقدامهم على وقفة تضامنية ولا أرضى أبداً أن يضع ملف المودعين على الرف ومشروع معالجة المصارف لن يكون على حسابهم