تعتبر فترة الحمل من أهم المراحل في حياة المرأة، حيث يتشكل الجنين وينمو. لذا، فإن أي عامل قد يؤثر في صحة الأم خلال هذه الفترة يمكن أن يكون له آثار بعيدة المدى على صحة الطفل. من بين هذه العوامل، يبرز دور الأدوية التي تتناولها الحامل، حيث أظهرت الدراسات الحديثة ارتباطاً بين بعض الأدوية وزيادة خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد لدى الأطفال.
اضطراب طيف التوحد (ASD) هو حالة عصبية تؤثر في قدرة الطفل على التواصل والتفاعل الاجتماعي. كما يصاحبه أنماط سلوك متكررة واهتمامات محدودة. الأسباب الدقيقة للتوحد ما زالت غير معروفة، لكن يُعتقد أن العوامل الوراثية والبيئية تؤدي دورًا كبيرًا في تطوره.
وفقًا لعدة دراسات حديثة، تم الربط بين استخدام بعض الأدوية أثناء الحمل وزيادة خطر إصابة الأطفال بالتوحد، ومنها:
- الأدوية المضادة للاكتئاب: تشير الأبحاث إلى أن استخدام مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) أثناء الحمل، خاصة في الثلث الثاني والثالث، قد يزيد من خطر التوحد لدى الأطفال. هذه الأدوية تُستخدم بشكل شائع لعلاج الاكتئاب والقلق، ولكن تأثيرها في نمو دماغ الجنين يثير قلق الباحثين.
- الأدوية المضادة للصرع: يُعتبر عقار الفالبروات واحدًا من الأدوية المرتبطة بزيادة خطر إصابة الأطفال بالتوحد. هذا الدواء يُستخدم لعلاج الصرع واضطرابات المزاج، ولكن يمكن أن يؤثر في تطور الجهاز العصبي للجنين.
- الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية: رغم فائدتها في تخفيف الألم والالتهابات، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن استخدام هذه الأدوية خلال فترة الحمل قد يؤثر في نمو دماغ الجنين.
هذا وتشير الأبحاث إلى أن استخدام بعض الأدوية أثناء الحمل ، يمكن أن يؤثر بشكل كبير في تطور دماغ الجنين، مما يزيد من خطر الإصابة باضطراب طيف التوحد. أحد الآليات الرئيسية هو تأثير هذه الأدوية على النواقل العصبية مثل السيروتونين، وهو ناقل كيميائي أساسي لتنظيم الحالة المزاجية والنوم. على سبيل المثال، تعمل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية على زيادة مستويات السيروتونين بشكل مفرط في دماغ الجنين، مما يؤدي إلى اضطرابات في تطور الدوائر العصبية المسؤولة عن المهارات الاجتماعية والوظائف الإدراكية. كما أن التوازن الكيميائي في دماغ الجنين خلال فترة التطور يكون حساسًا جدا، وأي تغييرات فيه قد تؤثر في النمو السليم للجهاز العصبي.
بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الدراسات أن بعض الأدوية مثل الفالبروات، وهو دواء يستخدم لعلاج الصرع واضطرابات المزاج، يمكن أن يؤثر في التعبير الجيني في خلايا الدماغ النامية. هذا التأثير الجيني يمكن أن يؤدي إلى تغييرات دائمة في تكوين الخلايا العصبية واتصالاتها، مما يضعف قدرة الدماغ على تطوير وظائفه بشكل طبيعي. الفالبروات أيضًا يزيد من الإجهاد التأكسدي داخل خلايا الدماغ، مما يسبب تلفًا في الحمض النووي ويحد من عوامل النمو العصبي الضرورية لتكوين دوائر دماغية سليمة.
من جهة أخرى، قد تؤدي بعض الأدوية إلى تغييرات في البيئة المحيطة بالجنين داخل الرحم. على سبيل المثال، مضادات الالتهاب غير الستيرويدية قد تزيد من مستويات الالتهاب وتقلل من تدفق الدم والأكسجين إلى الجنين، وهي عوامل حاسمة لنمو الدماغ. كما أن هذه الأدوية يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في السائل الأمنيوسي، مما يؤثر سلبًا في تغذية الجنين ويحد من نموه العصبي.
أخيرا، فإن التأثيرات المتنوعة لهذه الأدوية قد تتسبب بتعطيل تطور الجهاز العصبي المركزي. يمكن أن تؤدي إلى تأخر في نضوج القشرة الدماغية المسؤولة عن الوظائف الإدراكية العليا وتغييرات دائمة في استجابة الدماغ للمحفزات الخارجية. هذه العوامل مجتمعة قد تزيد من احتمال ظهور اضطرابات مثل التوحد، خاصة إذا كان التعرض لهذه الأدوية يحدث في فترات حرجة من الحمل مثل الثلث الأول والثاني، حيث يكون تطور الدماغ في أوجه.
على الرغم من هذه النتائج، فإن خطر تأثير هذه الأدوية يعتمد على الجرعة، مدة الاستخدام، وحالة الأم الصحية. لذلك، من الضروري أن تتلقى الحوامل استشارات طبية دقيقة قبل تناول أي دواء، لضمان حماية صحة الجنين وتطوره الطبيعي.
الأكثر قراءة
-
عون: انكسار اي طرف انكسار للبنان وسلام: لا اقصاء الثنائي الشيعي يوازن بين المواقف: مشاركة مرهونة بالتوافق الوطني بيطار يُحيي ملف المرفأ وتحذيرات من «دعسة ناقصة» في توقيت حساس
-
كرة النار أمام القصر وأمام السراي
-
مَن جاء بنواف سلام وأطاح بميقاتي... وما هي حكاية سيناريو الليل والفجر ؟ كيف انقلب الملتزمون على وعودهم؟ وما هي اجواء الإشارات الخارجيّة ؟
عاجل 24/7
-
08:47
مستشار الأمن القومي لترامب: نحن بحاجة إلى مناقشة مستقبل وفعالية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان
-
08:47
"رويترز": تيك توك تستعد لإغلاق التطبيق في أميركا الأحد المقبل
-
08:46
"هآرتس": "إسرائيل" تعد نفسها للانسحاب تدريجيا من مناطق في غزة مثل ممر نتساريم ومعبر فيلادلفيا ضمن المرحلة الأولى من الصفقة
-
08:46
"رويترز" عن مسؤول "إسرائيلي": مفاوضات صفقة التبادل وصلت إلى مرحلة حرجة رغم أن بعض التفاصيل تحتاج إلى حل
-
08:40
هاشم لـ"صوت كل لبنان": الكتلة لم تكن يومًا سلبية في تعاطيها السياسي لكن ما سبق الاستشارات من تفاهمات لم يُلتزم بها أو تم الخروج عليها دفع الكتلة إلى اتخاذ هذا الموقف وما زال هناك متسع من الوقت لإعادة صياغة التشكيل الحكومي وعندما نلمس تعاطيًا إيجابيًا وجديًا سيكون موقفنا إيجابيًا
-
08:39
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم لـ"صوت كل لبنان": الكتلة تتجه حاليًا إلى عدم المشاركة في الاستشارات النيابية غير الملزمة لتشكيل الحكومة المقبلة وأن هذا التوجه يُسجَّل كموقف مبدئي يعكس حرص الكتلة على المساهمة في تحقيق نتائج إيجابية خصوصًا في القضايا الوطنية الكبرى