حين لا تكون ايران في سورية، لا تكون في لبنان ولا تكون في العراق. وحين تكون تركيا في سورية، تكون في لبنان وفي العراق. هوذا المشهد الآن، ما يجعلنا نسأل أين حزب الله من الزلزال الذي أفضى الى حصول تغيير بنيوي في المسار الاستراتيجي (وربما الايديولوجي أيضاً) للمنطقة؟
استطراداً، هل يتصور رجب طيب اردوغان ـ بدهاء أو بغباء السلاطين ـ أن بنيامين نتنياهو يعمل لحسابه حين يضرب المقاومة في لبنان، وحين يقضي على الترسانة العسكرية السورية ؟ ما فعله الرئيس التركي، وهذا ما نستشفه من تعليقات جماعة الائتلاف في "اسرائيل"، أنه شق الطريق بين دمشق وأورشليم!
كلام الظل كما كلام الضوء، أن الحزب الآن وسط الحصار الداخلي بين التيار السوري والتيار "الاسرائيلي" على الساحة اللبنانية، والحصار الخارجي بين سورية بالمرجعية التركية، و "اسرائيل" بالمرجعية الأميركية، حتى اذا فكر في الخروج من هذا الوضع، لن يفاجأ بأن كل القوى ستلتف عليه، بل وتنقض عليه. في هذه الحال، هل يتخلى عن سلاحه، ويعلن الاستسلام لبنيامين نتنياهو، وبعدما قال آموس هوكشتاين ألاّ فارق بين جنوب الليطاني وشمال الليطاني. فقط لم يقل ان الخطوة التالية فتح أبواب غوانتنامو أمام من تبقى من قيادات حزب الله...
نتوقف عند تصريح هام للنائب الياس حنكش، بعيداً عن الزبائنية وبعيداً عن المكيافيلية الشائعة في هذه الأيام، وفي أكثر وجوهها بشاعة. قال "لدينا فرصة تاريخية لاختيار الرئيس "الصح"، والذهاب الى عقد مؤتمر مصارحة ومصالحة بين اللبنانيين لاعادة بناء البلد". منطق رجل دولة بالرؤية الدقيقة والمتزنة للواقع اللبناني، وسط تلك الأمواج المتلاطمة إن على المستوى الاقليمي أو على المستوى الدولي.
ايران باتت بعيدة. لا مجال للعبة الجيوسياسية ثانية بعدما انقلب المشهد. قضيتها الآن حماية النظام من التقاطع الهيستيري بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو.
"اسرائيل" لا تشارك تركيا نظرتها الى سورية. اردوغان يريد تحويل سورية كلها الى منصة انطلاق الى الداخل العربي. من يتابع أبحاث "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، المموّل من "اللوبي اليهودي"، يلاحظ أن في اجندة المؤسسة اليهودية، لضمان الوجود الأبدي لـ "اسرائيل"، تفكيك سورية، واقامة كردستان الكبرى. هكذا لا يتم فقط شل القلب العربي، بل وتفكيك تركيا وايران، اذا أخذنا بالاعتبار خشية المؤسسة اياها من وجود أي دولة "اسلامية" قوية في المنطقة.
في نظر الباحثين في المعهد اياه، المساواة بين الخطر الايراني والخطر التركي، لا بل انها ترى في تركيا الأكثر خطراً لكونها تضم أكثرية سنية، ما يجعلها أكثر تأثيراً في البلدان العربية كما في المجتمعات العربية. يوم الثلاثاء الفائت قال مسؤول كبير في الخارجية "الاسرائيلية" "على القوى الدولية الضغط على تركيا لوقف الهجوم على الأكراد في شمال سورية". ماذا يعني ذلك؟
ليس صراخ الديكة في لبنان، بل صراع الضحايا. المشكلة في الاصرار على أن نكون الضحايا، والى الحد الذي يحملنا على التساؤل، اذا كنا سنشاهد الجيش السوري أو الجيش "الاسرائيلي" في لبنان أم الاثنين معا كما في حالة سابقة؟
وسط هذه العواصف الهوجاء، تجري اليوم الانتخابات الرئاسية اللبنانية. المطلوب عربياً و"اسرائيلياً"، أميركياً وتركياً، تجريد حزب الله من سلاحه. لا اشارة الى سلاح المخيمات الذي نعرف بمن يدار وكيف يدار، وان كانت المشكلة الكبرى بالنازحين السوريين، مع الحديث عن خطة سرية لتوطينهم مع اللاجئين الفلسطينيين، ما يؤدي الى نشوء طائفة مركزية تدور حولها الطوائف الكبرى، بعدما أثبتت تجربة التوازن بين الطوائف فشلها بالانتقال بالبلاد من أزمة الى أزمة.
ثمة قوى سياسية، خصوصاً قوى مسيحية، لا تكترث بالتحذيرات حول ما يجول في رأس أحمد الشرع، وعبره في رأس اردوغان، من أن النازحين السوريين هم الاحتياطي البشري الضخم لتحويل لبنان الى دولة تابعة لـ "الدولة الاسلامية" في سورية، والتابعة بدورها لتركيا.
الثابت أن هناك من يخطط للمضي بعيداً في التغيير، ان على مستوى الأنظمة أو على مستوى الخرائط في الشرق الأوسط. لبنان جزء من هذه العملية الكبرى، بوجود تباينات عاصفة بين تلك الخطط، وبين واضعيها. هكذا يوضع منصب رئيس الجمهورية في مهب التجاذبات الاقليمية والدولية، ليبدو أن الداعمين الخارجيين للعماد جوزف عون، كشخصية تمتلك كل المواصفات اللازمة للمرحلة، هم من يؤثرون فيه سلباً بربطهم بين الموقع وبين أهدافهم الاستراتيجية الخطيرة.
يوم أمس، كان يوم الاتصالات البالغة الحساسية والبالغة الأهمية، ودون أن تكون هناك أي اشارة الى تغيير في الموقف السعودي، الذي يشترط نزع "السلاح غير الشرعي" لمساعدة لبنان، ما يثير الهواجس لدى الثنائي الشيعي من شيء ما يعدّ وراء الستار، ليحكى عن مفاجأت مثيرة في الجلسة الانتخابية، فهل يترك الثنائي الجلسة تأخذ مجراها، وليكن من يكون رئيساً للجمهورية في ظروف لا يستطيع أحد التكهن الى أين يمكن أن تذهب بالمنطقة، وأن تذهب بلبنان...
واضحة جداً ما فعلته الأموال الخارجية والاغراءات الخارجية، وحتى الضغوطات الخارجية، بعشرات النواب، ليبقى الخوف من أن يكون اجراء الاستحقاق الدستوري مدخلاً الى أزمة كبرى لا الى تسوية كبرى. مفاجآت الغد هي التي تتكلم. المهم رئيس لا يفجّر لبنان...
يتم قراءة الآن
-
الخميس الكبير: الجنرال جوزاف عون على عتبة الرئاسة اميركا ــ فرنسا ــ السعودية حشدت اكبر قدر من التوافق على قائد الجيش
-
رئيس جمهوريّة لا يُفجّر لبنان
-
«الثنائي الشيعي» يبلغ «القوات»: أزعور «لا يمر»
-
ما سرّ العودة السعوديّة "الفجّة"... وأيّ مُهمّة للرئيس الجديد؟ هل يحصل "الثنائي" على أجوبة... ام تنفجر "الألغام" لاحقاً؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
14:46
إطلاق نار ومفرقعات كثيفة جداً تعم المناطق اللبنانية احتفال بالرئيس جوزيف عون
-
14:44
أجواءٌ احتفاليّة في بلدة العيشيّة مسقط رأس العماد جوزيف عون
-
14:42
انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية
-
14:31
انتهت عملية الإقتراع لرئيس للجمهورية في دورَةٍ ثانِيَة وبدأت الآن عملية فرز الاصوات.
-
14:23
بدء التصويت في الدورة الثانية من الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهوريّة
-
14:22
الرئيس بري رداً على سؤال للنائب ملحم خلف: عتبة الـ86 صوتاً تمنع تقديم طعن أمام مجلس الدستوري.