بدعوة من نقابة المحامين في طرابلس، القى نقيب المحامين السابق في بيروت، الاستاذ ناضر كسبار، محاضرة امام المحامين المتدرجين في نقابة المحامين في طرابلس، تناول فيها الملف الاكثر تعقيدا في لبنان، الا وهو موضوع الايجارات، مستعرضا الامر من النواحي القانونية، والتداعيات التي تركها اهمال العدالة في هذه القضية الحيوية، عارضا الحلول.
يوم اتصل بي سعادة النقيب العزيز الاستاذ سامي الحسن وتمنى عليّ إلقاء محاضرة في نقابة المحامين في طرابلس، تذكرت عبارة الكاتب الكبير سعيد تقي الدين يوم دعته والدته واشقاؤه لزيارتها، رجعنا للصبا لما دعينا.
إذ قال:
بنوك فديت يا أم البنينا هم أهل الوفا لو تعلمينا
دعوتهم فلبينا كأنا رجعنا للصبا لما دعينا
نعم. اليوم رجعت الى مرحلة الصبا. عدت الى طرابلس الفيحاء التي من ترابها والى ترابها نعود. طرابلس الحب والجمال وزهر الليمون وعطر الياسمين.
طرابلس التي تنزهنا في شوارعها، وتعلمنا في مدارسها. لها مني كل الحب والوفاء.
أيها الزميلات والزملاء
ملف الايجارات في لبنان، من اكثر الملفات تعقيداً، وبعكس ما يعتقد البعض عندما يقول لزميله: هل ستبقى في لبنان لتتوكل في ملف ايجارات؟
من هنا، سوف احاول شرح المبادئ المهمة في هذا القانون بصورة مبسطة وسهلة.
عقد الايجار الذي يمكن ان يكون خطياً او شفهياً هو عقد بين مؤجر ومستأجر يحدد فيه المأجور والمدة وقيمة البدل ووجهة الاستعمال.
قلت انه يمكن ان يكون شفهياً، لان البعض يعتقد بانه اذا سلم المأجور لشاغله، وقبض منه مبلغاً من المال، ولم ينظم عقداً خطياً، فهذا يعني انه لم يؤجر المأجور، ويتباهى بأنه لم ينظم عقد ايجار وهنا قمة الخطأ. إذ من الافضل تنظيم عقد خطي واضح، ترد فيه جميع البنود بصورة صريحة وواضحة حتى لا يترك مجالاً للتأويل.
في قضايا الايجارات في لبنان يجب التفريق بين:
1- الايجارات المعقودة قبل 23 تموز 1992، وتلك المعقودة بعد 23 تموز 1992.
2- في الايجارات المعقودة قبل 23 تموز 92، يجب التمييز بين الايجارات السكنية والايجارات غير السكنية.
أولاً: الايجارات المعقودة بعد 23 تموز 92:
فالايجارات المعقودة بعد 23 تموز 92 يرعاها القانون رقم 159/92 المعروف بقانون حرية التعاقد، سواء في الاماكن السكنية او غير السكنية.
نشرح بنود هذا القانون على الشكل الآتي:
1- يمكن للمؤجر والمستأجر ان يتفقا على مدة العقد سواء لمدة سنة او سنتين او ثلاث سنوات او اربع سنوات او خمس سنوات او اكثر، وذلك في العقد الموقع بينهما.
2- يمكن لهما ان يتفقا على البدل الذي يريدانه. بمعنى إما ان يبقى البدل طوال مدة العقد كما هو. او يتفقان على بدل مختلف كأن ينص العقد على بدل ايجار عن السنة الاولى بمبلغ وقدره مثلا ثمانية آلاف د.أ. وتسعة آلاف في السنة الثانية واثنا عشر الفا في السنة الثالثة واربعة عشر الفاً في السنة الرابعة...الخ. فلا شيء يمنع من ذلك.
3- أما اذا اتفق الفريقان على ان مدة العقد هي سنة او ثلاث سنوات او خمس سنوات او اكثر ببدل ايجار ثابت سنوياً. فلا شيء يمنع من ذلك.
4- اذا اتفق الفريقان على ان مدة العقد هي سنة واحدة او سنتان مثلاً. فيمكن للمستأجر ان يطلب تمديدها لتكون ثلاث سنوات، حتى ولو كُتب في العقد انه بعد السنة الاولى مثلا يكون شاغلاًالمأجور دون مسوغ شرعي او قانوني، او تحت طائلة غرامة اكراهية...الخ. مع كل ذلك فإنه يحق للمستأجر ان يبقى في المأجور بالبدل ذاته لمدة ثلاث سنوات ودون اي زيادة على البدل. أما اذا رغب المستأجر المستفيد من التمديد في ترك المأجور، فعليه ان يعلم المؤجر قبل شهرين من نهاية السنة المحددة ببطاقة مكشوفة مضمونة مع اشعار بالاستلام بموجب كتاب لدى الكاتب العدل.
5- والسؤال المهم الذي طرح على القضاء، ويطرح حالياً: اذا انتهت مدة ثلاث السنوات وبقي المستأجر في المأجور، وقبض منه المؤجر مبلغاً من المال سواء عن شهر او عن شهرين او حتى عن سنة كاملة. فما هو مصير الاجارة؟ بعد صدور قرار عن قاضي الامور المستعجلة في صور، قضى بالتمديد لمدة ثلاث سنوات أخرى، فسخته محكمة الاستئناف واصدرت بعدها محكمة التمييز قراراً صائباً وصحيحاً اعتبرت فيه ان المستأجر يستفيد من سنة واحدة اضافية وليس ثلاث سنوات اخرى.
6- استثنى القانون الاماكن الموسمية والاماكن التي يقدمها ارباب العمل لاجرائهم مجاناً او ببدل.
7- في العقود الحرة، واثناء تنظيمها انصح بوضع بند يتعلق بدفع بدلات الايجارات بأن يكتب: "اذا لم يدفع المستأجر البدلات المحددة ضمن المهلة المحددة في العقد، يفسخ العقد حكماً ودون الحاجة الى اي انذار او معاملة قضائية". ففي هذه الحالة تنعقد صلاحية قضاء العجلة للحكم بالاخلاء. وهذا ما حصل في قضيتين امام قاضي الامور المستعجلة عينه في المتن. حيث قضى في الاولى بفسخ العقد لان هذه العبارة واردة فيه. وقضى برد الدعوى الثانية لعدم صلاحية قضاء العجلة لان هذه العبارة غير موجودة في العقد .
8- اذا كان العقد لمدة ثلاث سنوات او خمس سنوات او حتى سنة او سنتين، وقرر المستأجر أنه لن يستمر في اشغال المأجور طوال المدة الواردة في العقد، فإنه يحق للمؤجر ان يقاضيه وان يقبض البدلات عن الفترة الباقية. مثلاً اذا كان العقد لمدة اربع سنوات ببدل سنوي يوازي عشرة آلاف دولار اميركي. وفي السنة الثانية، قرر المستأجر عدم الاستمرار في الاشغال وترك المأجور، فإنه يجب عليه دفع بدلات الايجار عن الفترة المتبقية. وصدرت احكام وقرارات بهذا الخصوص عن المحاكم اللبنانية.
9- خلال مدة العقد، لا يمكن للمؤجر استرداد المأجور للضرورة العائلية او للهدم وإعادة البناء. ولم ينص القانون 159/92 على آلية بهذا الخصوص.
ثانياً: الايجارات المعقودة قبل 23 تموز 1992:
في الايجارات المعقودة قبل 23 تموز 1992، يقتضي التمييز بين الايجارات السكنية والايجارات غير السكنية. إلا انه لا بد من الاشارة أولًا وقبل كل شيء الى ان قانون الايجارات رقم 160/92 والقوانين اللاحقة شددت على انه لا تخضع لاحكامها إلا عقود ايجارات العقارات المبنية. وبالتالي لا بد من الاشارة الى أن قانون الايجارات الذي صدر بتاريخ 23 تموز 1992 تحت الرقم 160/92 ، استثنى في مادته الاولى العقارات غير المبينة من التمديد القانوني. وهذا يعني ان معارض السيارات مثلاً، وملاعب النوادي والمدارس، وضمن شروط معينة لم تعد خاضعة للتمديد القانوني. لماذا قلنا ضمن شروط معينة، لانه اذا كان هناك عقد لملعب مثلاً في عقد مستقل عن مبنى النادي او مبنى المدرسة ومن مؤجر آخر مثلاً، فلا يخضع للتمديد القانوني.
وطرح السؤال بالنسبة للهنغارات، وصدرت عدة احكام تعتمد معياراً يتعلق بمدى خضوعه لقوانين البناء ووجود اساسات لها.
وفي حكم صادر عن القاضي المنفرد المدني في المتن الرئيسة دورا الخازن، اعتبرت ان الهنغار المهدم خلال الاحداث كان يتألف من جزأين يفصل بينهما حائط مع وجود ابواب ونوافذ، وكان سقفه مصنوعاً من الواح التوتيا، وجدرانه من حجر الصخر، ويكون بالتالي من ضمن المآجير المشمولة بقوانين الايجارات الاستثنائية.
كما نشير الى الحالات المتعلقة بالمستأجر غير اللبناني:
ففي الاماكن السكنية نصت المادة الرابعة من قانون الايجارات الصادر تاريخ 26/12/2014 على ان المستأجر غير اللبناني لا يستفيد من تقديمات الصندوق مهما كان وضعه المادي. اما في ما يتعلق بالمستفيدين في حال وفاة المستأجر او تركه المأجور، فقد نصت المادة 29 من القانون عينه على هذه الاحكام ولم تستثن ورثة المستأجر غير اللبناني.
أما في ما يتعلق بحالات الاسقاط من حق التمديد القانوني، فقد نصت المادة 35 على حالات معينة تشمل المستأجر اللبناني والمستأجر غيراللبناني، إلا انها فرقت في الفِقرة "ه" من المادة المذكورة والفقرة "ز" بين المستأجراللبناني وغير اللبناني. إذ نصت على انه اذا ترك المستأجر اللبناني المأجور مدة سنة دون انقطاع رغم استمراره في دفع بدلات الايجارات تسقط اجارته. اما الفِقرة "ز" فقد نصت على انه اذا لم يشغل المستأجر غير اللبناني المأجور فعلياً لمدة ستة اشهر دون انقطاع رغم دفعه البدلات تسقط اجارته.
يبقى انه في الاماكن غير السكنية، لم يميز القانون بين المستأجر اللبناني والمستأجر غير اللبناني في ما يتعلق بحالة الوفاة او الترك. اما الاسقاط من حق التمديد فقد كررت المادة 40 منه حالات الاسقاط من حق التمديد المنصوص عليها في المادة 34 من القانون، وخصوصاً الفقرة "ز" المتعلقة بالمستأجر غير اللبناني الذي لا يشغل المأجور فعلياً مدة ستة اشهر دون انقطاع رغم دفعه بدلات الايجار.
ألف: الايجارت غير السكنية.
كانت القوانين السابقة قبل العام 2014 تفرق في الايجارات غير السكنية، بالنسبة لبدلات الايجار، بين الاماكن المؤجرة للمهن الحرة، وللصناعة والتجارة، وللحرفيين والاماكن الاخرى كالمدارس مثلا. أما في قانون 2014 المعدل بالقانون 2017 فلم يفرق بين هذه الاماكن بالنسبة للبدلات، ونص على ان بدلات الايجار تزاد بنسبة تعادل معدل التضخم السنوي وفقا للمؤشر الرسمي الصادر عن دائرة الاحصاء المركزي في السنة السابقة، على الا تتجاوز النسبة الخمسة بالمئة. وبالتالي فقد طرحت عدة اسئلة بهذا الخصوص:
1- متى تبدأ الزيادات القانونية بعد صدور قانون 2014. وهل تزاد نسبة التضخم البالغة 4,8% على البدل وتدخل ضمنه؟
أهمية طرح السؤال تكمن في مدى دخول الايام الخمسة من العام 2014 بزيادة 4,8% على البدل. والاهمية لا تعود الى المبلغ الضئيل جداً عن هذه الفترة، بل الى الزيادات الاخرى التي تزاد على البدل بعد زيادة 4,8% عليه. وبالتالي فهي تدخل وتزاد على البدل.
2- منذ سنوات وسنوات، كنا نطالب المشترع بوجوب زيادة بدلات الايجار بصورة تدريجية حتى لا يبقى المالك مظلوماً، ولا يقبض إلا المبالغ الضئيلة جداً من البدلات.
في القانون 2014 عاد المشترع وكرر الخطأ نفسه بأن زاد بدلات اقل من ضئيلة على الايجارات غير السكنية. علماً بأن هذه الاماكن هي اماكن منتجة كالمآجير التجارية والصناعية والمهن الحرة والحرفيين وغيرها. فكيف يقيد المشترع هذه الزيادة بنسبة 5% فقط لسقف الزيادة. علما بأن هناك بدلات لا تتجاوز عدة دولارات سنوياً. وبدلاً من تطبيق مؤشر التضخم كاملاً او على الاقل بنسبة كبيرة منه، حصرها المشترع بخمسة في المئة فقط. وهذا ما كان يفعله سابقاً حيث كان يقرر زيادات طفيفة على بدلات ايجار الاماكن السكنية والاماكن غير السكنية حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم.
3- اقر مجلس النواب حديثاً قانوناً يتعلق بتحرير عقود الايجار في الاماكن غير السكنية بعد اربع سنوات على ان يتم تصحيح البدلات من السنة الاولى من خلال رفعها بمعدل 25% من بدل المثل اي 8% من قيمة المأجور. ثم رفعها بنسبة 50% في السنة الثانية ثم 100% عن السنتين الثالثة والرابعة. إلا ان هذا القانون لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية.
باء: الايجارات في الاماكن السكنية
1- في الاماكن السكنية، وبعد صدور قانون الايجارات رقم 160/92 وما تضمنه من زيادات على بدلات الايجار، طرأت زيادات في الاعوام اللاحقة على الشكل اللآتي:
2- 35% في العام 1994
3- 10% في العام 1995
4- 10% في العام 1996
5- 33% في العام 2008
6- 12,8% في العام 2012
2- وبتاريخ 26/6/2014 صدر قانون الايجارات الذي ادخل تعديلات جديدة على ما سبقه من القوانين الاستثنائية السابقة كالقانون رقم 10/74 و 20/82 المعدل بالقانون رقم 22/83 والقانون رقم 160/92. ونص كما نعلم على اللجان والصندوق وعلى مهلة لترك المأجور من قبل المستأجر في الاماكن السكنية والتي حددت بتسع سنوات للمستأجر الذي لا يستفيد من تقديمات الصندوق واثنتي عشرة سنة للمستأجر الذي يستفيد من تقديمات الصندوق. اما من يستفيد من تقديمات الصندوق فهو المستأجر الذي لا يتجاوز معدل دخله الشهري، حسب قانون 2014 ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور، وباتت هذه الاضعاف تساوي خمس مرات الحد الادنى للاجور طبقاً للقانون الصادر بتاريخ 28/2/2017. اما الحد الادنى للاجور فكان يومذاك /675000/ل.ل. وهو اليوم 17 مليون ل.ل. علماً بأن مفهوم كلمة مستأجر يعني المستأجر ومن يقيم معه في المأجور، كزوجته واولاده، وفي حالات معينة انسباؤه الذين دخلوا معه الى المأجور والذين لا يزالون مقيمين معه. فتجمع معاشاتهم جميعاً. اما افراد عائلته الذين لا يقيمون معه كاولاده مثلاً سواء اكانوا متزوجين ام لا، فلا تدخل معاشاتهم ومداخيلهم مع مداخيل المستأجر.
3- اما الاشكالية التي وقع فيها المواطنون من مالكين ومستأجرين فهي الآتية:
- متى تبدأ تسع السنوات والاثنتي عشرة سنة هل من سنة 2014 ام من سنة 2017 بعد تعديل القانون؟
هنا برز رأيان: رأي يقول إنها تبدأ بتاريخ 26/12/2014 لان قانون الايجارات رقم
2/2017 الصادر بتاريخ 28/2/2017 هو مجرد قانون تعديلي وليس قانوناً جديداً، ولم يبطل القانون السابق او يلغه، وصدر قرار عن محكمة استئناف المتن برئاسة القاضي جورج حرب يؤيد هذه الوجهة. ورأي آخر يقول انها تبدأ في العام 2017 لان هذا القانون نص على احكام واجراءات جديدة. وله رقمه وهو 2/2017، وطعن فيه على حدة امام المجلس الدستوري وليس كقانون تابع للقانون الصادر في العام 2014 الذي سبق وطعن فيه في حين ان قانون 2017 طعن فيه وحده وليس مع قانون 2014. وصدر قرار المجلس الدستوري الذي لم يبطل اللجان. كما ان لأصحاب هذا الرأي حجة اضافية وهي انه وردت عبارة "من تاريخ نفاذ هذا القانون" في عدة اماكن من هذا القانون وهو بات نافذاً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 28/2/2017. وصدر قرار عن محكمة استئناف بيروت برئاسة القاضي أيمن عويدات يؤيد هذه الوجهة.
صحيح ان حكماً صدر عن القاضي المنفرد في كسروان وأقرته محكمة الاستئناف في المتن، ولكن هذا لا يعني انه لا يمكن الرجوع عن هذا الاجتهاد لان النص واضح ولا يمكن تخطيه. فالقاضي خليل جريج رجع مرة عن اجتهاده وهنأه النقيب ادمون كسبار على هذه الخطوة واستشهد بكتاب عمر بن الخطاب بهذا الخصوص.
ففي محاضرة القاها في نقابة المحامين في بيروت في العام 1983 بعنوان: "هل ان قطع مرور الزمن المسقط باقامة الدعوى يتلاشى مفعوله بترقين الدعوى او بالتنازل عنها" وبعد عرض قرار صادر عن محكمة الاستئناف برئاسة القاضي الكبير خليل جريج والذي نقضته محكمة التمييز، عاد واورد رأياً للقاضي جريج يحبذ فيه موقف محكمة التمييز.
وفي هذا المجال يقول النقيب كسبار:
"اكتفي بسرد هذا الرأي الذي له اهمية خاصة لانه صادر عن الرئيس جريج الذي كان يرأس محكمة الاستنئاف مصدرة القرار الاستئنافي الذي اشرنا اليه آنفاً الذي نقضته محكمة التمييز، فبرجوعه عن رأيه اظهر الرئيس جريج جرأة تستحق التقدير والتهنئة. وهذا شأن العلماء نسجله له متذكرين كتاب عمر بن الخطاب وهو اول قاض في الاسلام الى ابي موسى الاشعري، هذا الكتاب الذي يعد آية من آيات الله في قواعد الفقه وسنن الانصاف:
"ولا يمنعك قضاء قضيته امس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك ان ترجع الى الحق فإن الحق قويم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل".
كما ان محكمة استنئاف بيروت برئاسة القاضي شبيب مقلد رجعت عن اجتهادها في قرار جان كلود بولس واعتبرت ان للقرارات مفعولاً إعلانياً لا إنشائياً في قضايا الايجارات.
فالقانون واضح لجهة بدء المهلة ابتداء من 28/2/2017، حتى ولو سمي القانون رقم 2/2017 قانوناً تعديلياً. إذ ما الذي يمنع ان يكون تعديلياً ويعدل المهلة بحيث تبدأ من تاريخ نفاذه وليس منذ تاريخ نفاذ قانون العام 2014؟. وهنا أتمنى على المالكين عدم انتقاد رجال القانون الذين يفسرونه بصورة قانونية صحيحة. واذا كانت لديهم مآخذ فليوجهوها الى المشترع وليس الى رجال القانون.
4- والسؤال الذي يطرح بالنسبة لبدلات الايجار: متى تبدأ الزيادات؟
الجواب بالنسبة لبدلات الايجار هو نفسه الذي ذكرناه قبل قليل، الا انه وبسبب طرح هذه المسألة على القضاء، فقد بتّها. واصدرت محكمة استئناف بيروت الناظرة في دعاوى الايجارات والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطاالله وكارلا معماري قراراً اعتبرت فيه ان الزيادات القانونية تبدأ في العام 2014 وليس في العام 2017. والقرار صادر بتاريخ 8/3/2018 وهو منشور في صحيفة الديار بتاريخ 18 اذار 2018 وقد بررت المحكمة قرارها بما ياتي:
"وحيث ان قانون 2014 هو النافذ المفعول في الفترة الممتدة بين تاريخ نفاذه وتاريخ صدور القانون الجديد في 28/2/2017، فيستبعد اي مفعول رجعي لاحكام قانون 2017 لم ينص صراحة هذا القانون الاخير، لا سيما في ظل التغييرات المهمة التي احدثها والتي تنفى عنه صفة القانون التعديلي ذي المفعول الرجعي، فضلاً عن ان مضمون القانون نفسه نص على نفاذه من تاريخ نشره في المادة 60 منه، كما تضمن في نصوصه الداخلية على بدء تنفيذ احكامه من تاريخ نفاذه، فيكون بالتالي قانون 2017 نافذاً من تاريخ صدوره دون اي مفعول رجعي له".
"وحيث بالعودة الى احكام قانون 2014، لا سيما المادتين 15و20 منه، يحدد بدل المثل على اساس نسبة 5% من القيمة البيعية للمأجور في حالته القائمة فيما لو كان خالياً، ويزاد على بدل الايجار المستحق بتاريخ نفاذ قانون 2017 سنوياً وتباعاً 15% من قيمة فارق الزيادة بين البدل المعمول به قبل نفاذ هذا القانون وبدل المثل وذلك عن كل سنة من السنوات التمديدية الاربع الاولى التي تلي تاريخ نفاذ هذا القانون".
"وحيث، تطبيقاً للنصوص المذكورة آنفاً على الحالة الراهنة، يترتب على المستأجرعن سنة 2015 بدل الايجار الاساسي مضافاً اليه زيادة 15% من قيمة فارق الزيادة بين البدل الاساسي وبدل المثل (الذي يبلغ 5% من القيمة البيعية للمأجور)، ويترتب عليه عن ستة اشهر من سنة 2016 نصف مجموع بدل الايجار الاساسي مضافاً اليه زيادة 15% المذكورة آنفاً وزيادة 15% من قيمة فارق الزيادة بين البدل المعمول به قبل نفاذ هذا القانون وبدل المثل عن سنة 2016".
"وحيث انه، بالعودة الى القضية الراهنة وتحديداً الى الانذار الموجه الى المستأجر والهادف الى مطالبته ببدل ايجار عام 2015 مع الزيادات وبدل ايجار ستة اشهر من سنة 2016 مع الزيادات ايضاً، يتبين ان طريقة احتساب الزيادات على بدل الايجار الاساسي جاءت متوافقة والنصوص القانونية المكرسة في قانون 2014، فتكون مستحقة بذمة المستأجر على عكس ما ادلى به هذا الاخير لهذه الجهة".
5- كما يطرح السؤال في مثل هذه الحالة: ماذا يفعل المستأجر؟ هل يدفع ابتداء من العام 2014 ام 2017؟
اجيب صراحة انا انصح بالدفع ابتداء من العام 2014 اذا تبلغ المستأجر انذاراً قانونياً بالدفع، وهنا اتكلم على المستأجر الذي لا يستفيد من تقديمات الصندوق والذي يدفع فقط ما تعوّد دفعه من دون زيادات، وامام المستأجر الذي يدفع ابتداء من العام 2014 حلان: اما ان يدفع ولا يقوم بأي تحرك آخر، او يدفع ويتقدم هو بدعوى امام القاضي المنفرد للبت بمسالة ما اذا كان يجب عليه الدفع ابتداء من العام 2014 ام من العام 2017، فيكون قد خلص نفسه من مشاكل هو بغنى عنها. طبعاً هذا الامر يتعلق كما قلنا بالاماكن السكنية. اما في الاماكن غير السكنية فالمشكلة ليست مطروحة بهذا الخصوص لان الزيادات تبدأ في العام 2014 حسب معدل التضخم.
اما بالنسبة للمستأجرين الذين لا يعملون او الذين لا يزيد مدخولهم الشهري على خمسة اضعاف الحد الادنى للاجور.
لقد حسمت محكمة الاستئناف في بيروت هذه المسألة ايضاً في قرارها الصادر بتاريخ 14/1/2019 والمنشور في صحيفة الديار بتاريخ 17/1/2019، اذ اعلنت وقف المحاكمة لحين انشاء صندوق المساعدة الخاص بالمستأجرين وصدور المراسيم التطبيقية له ووضع نظامه المالي. وبالتالي فعلى المستأجرين الذين يستفيدون من تقديمات الصندوق دفع بدلات الايجار التي تعودوا دفعها، بعد اتباعهم الاصول القانونية باعلام المالك بوضعهم القانوني والمادي بهذا الخصوص.
6-س:ما هي مدة مرور الزمن بالنسبة لبدلات الايجار، وبالنسبة للدعوى الرامية الى الاسقاط من حق التمديد بهذا الخصوص؟
ج: ان مدة مرور الزمن على بدلات الايجار هي خمس سنوات طبقاً لنص المادة 350 من قانون الموجبات والعقود. اما الدعوى الرامية الى اسقاط المستأجر من حق التمديد القانوني لعدم تسديده البدلات رغم الانذار، فهي خاضعة لمرور الزمن العشري المنصوص عليه في المادة 349 موجبات وعقود.
7- كما يطرح السؤال: هل يستفيد جميع المستأجرين من تقديمات الصندوق في حال توافر الشروط؟
والجواب اذا توافرت الشروط بالمستأجرين يستفيدون من تقديمات الصندوق. ولكن المادة 4 من قانون 2/2017 تنص على انه "لا يستفيد من تقديمات هذا الصندوق المستأجر غير اللبناني"
وبالتالي فإن المستأجر غير اللبناني في الاماكن السكنية لا يستفيد من تقديمات الصندوق مهما كانت ظروفه المادية والمعيشية.
8- ويبقى السؤال الكبير الذي يطرح يوميا من قبل المالكين والمستأجرين ورجال القانون:
في حال حصول اتفاق حبي على تحديد بدلات الايجار، فما هو مصيره في ظل صدور قانون جديد للايجارات في العام 2017 وان كان سمي تعديلياً؟
هنا يجب التفريق بين عدة احتمالات:
1- ان الاتفاق الحبي المعقود بين المالك والمستأجر قبل 28/2/2017 يجب ان ينفذ وخصوصاً انه لم يطرأ اي تعديل قبل هذا التاريخ.
2- ان الاتفاق الحبي الذي يعقد بعد 28/2/2017 يجب ان ينفذ ايضاً.
3- اما الاتفاق الحبي الذي يعقد قبل 28/2/2017 فهل ينفذ بعد 28/2/2017؟
قبل الجواب عن هذا السؤال، يقتضي الاشارة الى عدة نقاط:
1- ان قانون 2014 كان ينص على تحديد قيمة بدل مثل المأجور ب5% من سعر المأجور في حين ان قانون 2017 خفضها الى 4%.
2- ان قانون 2014 كان ينص على استفادة المستأجر من تقديمات الصندوق اذا كان يتقاضى اقل ثلاث مرات الحد الادنى للاجور اي /675000/×3. (يومذاك).
في حين ان قانون 2017 بات ينص على تقاضي 5 مرات الحد الادنى للاجور الذي اصبح اليوم 17 مليون ليرة لبنانية.
فالوضع قد تغير هنا. والمستأجر الذي وقع على اتفاق حبي قد يكون مدخوله الشهري اربع مرات الحد الادنى للاجور وبالتالي يستفيد من تقديمات الصندوق.
أختم لاقول: انه لو اتبع المشترع الطريقة التي نادينا بها منذ عشرات السنين، ألا وهي العمل على رفع بدلات الايجارات بشكل مقبول تمهيداً لوصولها الى بدل المثل، لكنا ارتحنا منذ ذلك الوقت من مشاكل الايجارات. إذ في هذه الحالة يعلم المستأجر جيداً ان عليه استحقاقاً سنوياً هو بدلات الايجار، مثل استحقاق الهاتف والماء والكهرباء والمولد الكهربائي والسيارة والاقساط المدرسية والجامعية، والمأكل والمشرب وغيرها. ويضظر المستأجر الذي ليس بحاجة الى المأجور، الى تركه وتسليمه للمالك، وليس الاحتفاظ به طمعاً بتعويضات معينة في حين انه ليس بحاجة اليه خصوصاً مع دفع بدلات زهيدة جداً للمالك. كما نادينا بزيادة حالات الاسقاط من حق التمديد، وبتقليص حالات الحلول محل المستأجر الاساسي وقد وافق المشترع على اعتماد بعضها كعدم حلول الاحفاد محل المستاجر الاساسي. وبالتالي، كنا نتمنى على المشترع عدم الدخول في هذه التعقيدات التي اعتمدها في قانوني 2014 و2017، والتي تزيد في المشاكل بدلاً من حلها.
يتم قراءة الآن
-
ترامب يرفع العقوبات عن سوريا و«يشترط» لمساعدة لبنان طرابلس تحت الضغط: شارع غاضب وانتخابات معلّقة قضية «المرفأ» تتحرك و«المتقاعدين» الى التصعيد
-
أيّ صفقات استراتيجيّة بعد الصفقات الاقتصاديّة؟
-
رئيس أميركي في المزاد العلني
-
رفع العقوبات عن سورية: المخاطر والإيجابيّات لبنانيًا ما هي الأثمان.. وهل من دور لدمشق في محاصرة حزب الله؟ ترقب لردّ فعل "اسرائيل" بعد انتهاء زيارة ترامب الى المنطقة
الأكثر قراءة
-
ترامب يرفع العقوبات عن سوريا و«يشترط» لمساعدة لبنان طرابلس تحت الضغط: شارع غاضب وانتخابات معلّقة قضية «المرفأ» تتحرك و«المتقاعدين» الى التصعيد
-
إتفاق أميركي – إيراني... هكذا سيتأثر حلفاء واشنطن
-
رفع العقوبات عن سورية: المخاطر والإيجابيّات لبنانيًا ما هي الأثمان.. وهل من دور لدمشق في محاصرة حزب الله؟ ترقب لردّ فعل "اسرائيل" بعد انتهاء زيارة ترامب الى المنطقة
عاجل 24/7
-
18:46
المدفعية "الإسرائيلية" إستهدفت جبل السدانة في خراج بلدة شبعا بـ8 قذائف.
-
18:46
الجيش اللبناني يتابع سقوط مسيرة "إسرائيلية" مسلحة في منطقة علمان - الشومرية (الجديد).
-
18:18
رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات اسطنبول: مهمة وفدنا هي إزالة أسباب الصراع وإحلال السلام الدائم، وننظر إلى مفاوضات اسطنبول على أنها استمرار لتلك التي توقفت عام 2022.
-
18:18
قائد الحرس الثوري الإيراني: ترامب بدأ مؤخرا عمليات نفسية لبث اليأس والتأثير على شعبنا.
-
18:16
رئيس الوفد الروسي إلى مفاوضات اسطنبول: مهمة المفاوضات المباشرة مع أوكرانيا التوصل عاجلا أو آجلا إلى وقف للصراع، ووفدنا عازم على إيجاد الحلول الممكنة.
-
17:50
الخارجية الأميركية: روبيو والوزراء الأوروبيون ناقشوا منع إيران من تطوير أو امتلاك سلاح نووي ومواجهة نفوذ الصين، وروبيو أطلعهم على جهود الرئيس ترامب لوقف إراقة الدماء في أوكرانيا.
