اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



شكّل تكليف القاضي نواف سلام برئاسة الحكومة مفاجأة كبيرة، بعد ان كانت حطوظه ضئيلة ليل الاحد- الاثنين، فعاد أدراجه ثم ما لبث ان تلقى اتصالات بأنّ الوضع الحكومي إنقلب، ولم تعد المعركة بين الرئيس نجيب ميقاتي والنائب فؤاد مخزومي، بل بينه وبين الاول، وبأنّ المعارضة إتفقت على التصويت له مع كتل نيابية، ولطالما إعتبرت من حصة "الثنائي الشيعي" او بيضة القبان او من المستقلين، حتى ظهرت بوادر المعركة إبتداءً من ظهر الاثنين مع دخول "اللقاء الديموقراطي" وكتلة " لبنان القوي" و"الاعتدال الوطني" وبعض المستقلين على خطوط السراي، فنال سلام 84 صوتاً أعادته على وجه السرعة الى لبنان صباح امس الثلاثاء، حاملاً في جعبته خطاباً واقعياً حمل الكثير من المشاريع والوعود، على غرار خطاب القسم الرئاسي، فشكّل خطاب التكليف تكملة للوعود الرئاسية، وفي الوقت عينه مدّ اليد الى الجميع وخصوصاً "الثنائي الشيعي"، ردّاً على كلمة رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمد رعد عصر الاثنين بعد زيارته وأعضاء الكتلة قصر بعبدا في إطار الإستشارات النيابية، وقوله:" أنّ البعض يكمن مجدداً من أجل التفكيك والتقسيم والإلغاء والإقصاء".

كلام رعد جعل البعض يخاف من عودة الخلافات والانقسامات بين الاطراف السياسية، وفق ما نقلت مصادر سياسية مراقبة لنتائج الاستشارات، ورأت بأن توالي المفاجآت السياسية في توقيت حساس ودقيق، قد ينذر بحدوث أزمة سياسية تعيد البلاد الى التناحر من جديد، خصوصاً انّ "الثنائي" لوحّا بالميثاقية من باب التأليف، مع إحتمال عدم المشاركة في الحكومة، وهذا يعني عدم التلاقي مع العهد الجديد، لكن ووفق أوساط " الثنائي" فالوضع لن يصل الى هذه النقطة السلبية ، لانهم لن يضعوا العصي امام دواليب الحكومة المرتقبة، ولن يكون من قبلهما اي موقف شخصي من الرئيس المكلّف.

الى ذلك، سارع الرئيس المكلف خلال كلمته الى الرد الايجابي، عبر إحياء الامل بإعادة بناء دولة القانون والمؤسسات، والعمل مع الجميع لبدء فصل جديد متجذر بالعدالة والأمن وإعادة اعمار لبنان، معتبراً انه ليس مجرّد وعد بل إلتزام، وتوجّه الى "الثنائي" محاولاً إبعاد الهواجس عنهم، بقوله:" لست من أهل الاقصاء بل من اهل الوحدة والتفهّم والشراكة الوطنية الصادقة، ويداي ممدودتان الى الجميع للانطلاق سوياً في مهمة الانقاذ والاصلاح واعادة الاعمار".

هذه الكلمات شكلّت إنطلاقة إيجابية وبشائر خير، بأنّ لبنان قادم على ورشة عمل كبيرة، وبأنّ العهد الجديد المتمثل برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف سيكون مبيناً على التعاون بين مجمل الافرقاء السياسيين، ولن يكون ضد أحد إلا الخارجين عن القانون والفاسدين والسارقين.

هذا الانفتاح سبقته زيارة قام بها نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب الى قصر بعبدا للقاء الرئيس، مطلقاً كلمة حملت كل الثقة بالعهد الجديد من خلال مرحلة جديدة من تاريخ لبنان كما قال، مشدّداً على ضرورة ان نتعلم بأنّ لبنان لا يبنى على العداوات التي تخلق بين الطوائف جميعاً، ورأى بأنّ السلاح ليس مقدساً لدينا بل وحدة البلد وكرامة الشعب.

هذا التغيير خلق تفاؤلاً كبيراً في الشارع اللبناني، الذي ينتظر تشكيلة حكومية بعيدة عن المحاصصة كما إعتدنا في لبنان، أي تشكيلة تعطي الحق لكل كتلة بحسب عددها، كما ينتظر الشارع بياناً وزارياً مغايراً عن البيانات السابقة، اي بعيداً عن الشعارات الواهية والمفروضة على اللبنانيين، أي انّ خطابي القسم والتكليف سيكونان متقاربين مع البيان الوزاري، ليشكّلوا قوة وإندفاعة مشتركة بين رئيسين اصلاحيين سيشهد لهما التاريخ، نظراً للنزاهة التي يتمتعان بها، الامر الذي ساهم في نيلهما ثقة المجتمعين العربي والدولي، وهذا يعني تقديم المساعدات المالية لإعادة إعمار لبنان، وتقوية دور الجيش اللبناني في حفظ الامن والقيام بمهمته على كامل الاراضي اللبنانية.

في السياق يتمنى الشارع اللبناني أيضاً تغييراً في الانتخابات النيابية المقبلة، كي يشعروا بالانقلاب الايجابي المترافق مع التبدّل الكبير في المنطقة.

الأكثر قراءة

العالم يترقب مُفاجآت ترامب... مصالح «أميركا أولاً» أسبوع حاسم جنوباً...غموض «إسرائيلي» والمقاومة تحذر توزيع نهائي للحقائب الأساسيّة... ولادة قريبة للحكومة