في نيسان من العام 2018، وقبل أسابيع من الإنتخابات النيابية، إلتأم عدد من الدول في باريس لدعم لبنان ضمن مؤتمر «التنمية الإقتصادية والإصلاح من خلال المؤسسات» أو ما يُعرف بمؤتمر CEDRE. وتمّ طرح قائمة مشاريع، بهدف دعم التنمية الاقتصادية والبنيوية في لبنان، ضمّت 250 مشروع لم تكن معروفة بالكامل للجمهور، بسبب طبيعة المؤتمر التي كانت غير شفافة إلى حد كبير. وتمّ تصنيف المشاريع بحسب القطاعات على ثلاث مراحل كما يلي:
- قطاع النقل والذي إحتوى على مشاريع مثل توسعة مطار رفيق الحريري الدولي، وتأهيل الطريق السريع من خلدة إلى نهر إبراهيم، ونظام نقل سريع في بيروت الكبرى، وتأهيل مطارات وموانئ أخرى... قيمة تمويل المرحلة الأولى 2.3 مليار دولار أميركي.
- قطاع الكهرباء مع زيادة الإنتاج منها 1000 ميغاواط موزعة بين محطات سلعاتا والزهراني، وتمديد خطوط أنابيب غاز للغاز الطبيعي، والتطوير التقني بهدف تقليل الخسائر،وإدارة إستيراد الفيول... قيمة تمويل المرحلة الأولى 2.2 مليار دولار أميركي.
- قطاع المياه والريّ من خلال تحسينات عامّة في توفير المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وأنظمة الريّ... قيمة تمويل المرحلة الأولى 2.2 مليار دولار أميركي و1.31 مليار دولار أميركي لمعالجة مياه الصرف الصحّي.
- قطاع الإتصالات مع ثمانية مشاريع (قدّرت إحتياجات تمويلها بـ 700 مليون دولار أميركي) تهدف إلى تعزيز بنية الاتصالات في لبنان.
- قطاع الصناعة من خلال دعم مشاريع تهدف إلى دعم البنية الصناعية التحتية وبالتالي دعم التنمية الصناعية.
- قطاع النفايات لمعالجة النفايات الصلبة وتأهيل المطامر وتبلغ قيمة تمويل المشاريع 1.4 مليار دولار أميركي.
- قطاع السياحة مع مشاريه تهدف إلى إحياء بنية السياحة وحفظ التراث الثقافي بتمويل 84 مليون دولار أميركي.
إحدى الشروط الرئيسية لتحرير أموال «سيدر» والبالغة أكثر من 11 مليار دولار أميركي، هي تنفيذ إصلاحات اقتصادية منها:
- أولًا : مكافحة الفساد: انضمام لبنان الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تعيين وزير دولة لمكافحة الفساد، وجود وزير دولة لشؤون التنمية الإدارية، اقرار قانون الحق في الوصول الى المعلومات، اقرار قانون حماية كاشفي الفساد، مشروع الإستراتجية الوطنية لمكافحة الفساد، قانون لإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
- ثانيًا : الحوكمة المالية: اقرار موازنتي العام 2017 و 2018، تعزيز شفافية الموازنة العامة، تطوير ادارة الضرائب والدين العام، تطوير الخدمات الإلكترونية، تحسين فاعلية المناقصات العمومية والشفافية في استدراج العروض، اصلاح الجمارك من خلال تبسيط المعاملات وتحديث انظمة الدفع وحفظ المعلومات.
- ثالثًا : عصرنة واعادة هيكلة الإدارة العامة بعد اقرار القانون رقم 46/2017 حول رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور: إعتماد إستراتجية التحول الرقمي للإدارة العامة، منع جميع حالات التوظيف والتعاقد بما فيها القطاع التعليمي والعسكري بمختلف مستوياته وإختصاصاته وفي المشاريع المشتركة مع المنظمات الدولية المختلفة إلا بقرار في مجلس الوزراء بناء لتحقيق تجريه إدارة الأبحاث والتوجيه، إعتماد نظام موحد للتقديمات الإجتماعية، إعادة النظر بسياسة الدعم ومساهمات الدولة في الصناديق، تحديد إنفاق المحروقات في الإدارات العامة، إنجاز مسح شامل يبين الوظائف الملحوظة في الملاكات والوظائف التي تحتاج إليها الإدارة للقيام بالمهام الموكلة إليها، وتحديد أعداد الموظفين والمتعاقدين والعاملين فيها بأي صفة كانت، وتحديد الحاجات والفائض والكلفة الحالية والمستقبلية للموارد البشرية بما في ذلك كلفة إنهاء الخدمة، وتقييم أداء الموظفين في الإدارات العامة.
- رابعا : إقرار قانون جديد للمناقصات العمومية، مكننة المحاكم في لبنان، إقرار قانون دعم الشفافية في قطاع الغاز والنفط، مراجعة قانون التجارة وإدخال تعديلات عليه وتطوير البيئة التشريعية للعمل وإنشاء الشركات، إقرار قانون المعاملات الإلكترونية، إقرار قانون الوساطة القضائية، اصلاح الأسواق المالية.
قسم من هذه الإصلاحات تمّ والقسم الأخر لا يزال يراوح مكانه. فهل يُمكن إعادة طرح هذه المشاريع اليوم وتحرير أموال سيدر؟
الجواب ليس بالسهل، خصوصا أن الإطار السياسي والإقتصادي تبدّل بالكامل. ففي حين كانت مشاريع «سيدر» تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الإقتصادية والتنمية الإقتصادية (من خلال الشراكة مع القطاع الخاص) والإجتماعية (من خلال خلق الوظائف)، تغيّر اليوم الإطار بالكامل مع إنهيار إقتصادي لا يزال قائمًا منذ خمسة أعوام ونيّف. وأكبر مثال على ذلك، إعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي يُعتبر مدخل أساسي لعودة الرساميل إلى لبنان، سواء كانت ضمن مؤتمر «سيدر» أو ضمن الإستثمارات الأجنبية المباشرة.
وبالتالي، هناك حاجة قصوى لإعادة النظر في لائحة أولويات المشاريع الإصلاحية والإستثمارية ، سواء وردت في مؤتمر «سيدر» أو لم ترد، مع إعطاء الأولوية لإعادة الإعمار والبنى التحتية، خصوصا بعد الأضرار الناجمة عن الصراعات الأخيرة. وإستطرادا، قد تتطلب الحاجة إلى إعادة الإعمار على الفور تحديد أولويات مختلفة للمشاريع أو إستراتيجيات، قد تتطلب تحديثًا أو تغيير في التركيز لمواجهة قضايا أكثر إلحاحا، خصوصا في الشق الإجتماعي مثل السكن وإصلاح البنية التحتية الأساسية، والقطاع الصحي والتربوي.
بالخلاصة، يُمكن القول أن هدف مؤتمر «سيدر» في العام 2018 كان تعزيز البنية التحتية والاقتصاد في لبنان، أمّا اليوم فالأمور تبدّلت، وبالتالي فإن قابلية تنفيذ مشاريع «سيدر» في عام 2025 تبدو مسألة مشكوك فيها، بسبب الإطار الجديد، وبطء وتيرة الإصلاحات في الفترة المنصرمة.
خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان لتهنئة رئيس الجمهورية جوزاف عون، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن مؤتمر دولي تعتزم باريس إستضافته خلال الأسابيع المقبلة، بهدف إعادة إعمار لبنان، داعياً إلى وجوب تشكيل حكومة جديدة سريعاً، وإلى الإسراع في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار. وبحسب المعطيات المعلنة سيكون هذا المؤتمر محصورا بإعادة الإعمار (مع شروط؟) مما يعني أي مساعدات أو قروض مُستقبلية للبنان، للخروج من أزمته الإقتصادية، لا تزال خاضعة للإصلاحات الواردة في مؤتمر «سيدر»، مُضافًا إليها العديد من الشروط التي فرضها الإنهيار الإقتصادي منذ العام 2019.
اليوم ومع النفس الجديد الذي ضّخه إنتخاب العماد جوزاف عون على رأس الدوّلة، معطوفة بدعم دولي وعربي لشخصه ونهجه، وتكّليف شخصية إصلاحية مثل القاضي نوّاف سلام لرئاسة الحكومة، فإن إعادة إحياء مؤتمر «سيدر» (بنسخته الثانية) وتحرير أمواله مشروط بقدرة القيادة الجديدة على تنفيذ الإصلاحات، وعلى رأسها مكافحة الفساد الذي يبدأ من إستقلالية القضاء، ويطال مؤسسات الدولة بالكامل. وإذا كان الإصلاح في ما مضى خيارا للقوى السياسية، إلا أنه اليوم لم يعد كذلك، فلم يعد هناك من هامش مالي يسمح بالإستمرارية، والمجتمع الدولي يُطوّق لبنان من كل النواحي (لائحة رمادية، عقوبات إقتصادية، غياب الإستثمارات...).
يتم قراءة الآن
-
العالم يترقب مُفاجآت ترامب... مصالح «أميركا أولاً» أسبوع حاسم جنوباً...غموض «إسرائيلي» والمقاومة تحذر توزيع نهائي للحقائب الأساسيّة... ولادة قريبة للحكومة
-
أيّ رؤوس ستسقط ...؟!
-
توضيح هام من حزب الله حول كلام قماطي على الـ OTV
-
لبنان يترقب ولادة حكوميّة سريعة وسلسة غزة تتنفّس الصعداء بعد 471 يوماً من الحرب! ترامب يعود الى البيت الابيض... والعين على خططه للمنطقة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
12:41
رويترز عن خدمة الطوارئ الإسبانية: مقتل شخص في انفجار بميناء برشلونة.
-
12:40
المتحدث باسم الخارجية القطرية: نطالب شركاءنا الدوليين والإقليميين بالضغط لضمان التزام طرفي الاتفاق بتنفيذه، ونؤمن بأن الأدارة الأميركية السابقة والحالية تبحثان عن السلام في غزة.
-
12:39
المتحدث باسم الخارجية القطرية: ستتم عملية التبادل الثانية في عطلة الأسبوع ويليها تسهيل الحركة من الجنوب للشمال، ونعتقد أن التبادل القادم سيتم بسلاسة أكبر، ونتحفظ على ذكر التفاصيل الفنية بشأن تنفيذ عملية التبادل الثانية.
-
12:38
المتحدث باسم الخارجية القطرية: 25 شاحنة محملة بالوقود وصلت أمس إلى قطاع غزة، وراضون عن مستوى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والاتفاق ما زال قائما ولدينا ثقة كبيرة في التزام الطرفين بالتنفيذ.
-
12:26
"رويترز": خدمة الإطفاء الإسبانية تبلغ عن وقوع انفجار في ميناء برشلونة وتفعيل خطة طوارئ.
-
12:25
المتحدث باسم الخارجية القطرية: قطر دشنت جسرا لإمداد قطاع غزة بالوقود.