في بدايات لبنان كان يوجد حزبان أساسيان هما: "الكتلة الوطنية اللبنانية" وهو حزب عابر للطوائف، وحزب "الكتلة الدستورية" وكان ينادي بإلغاء الطائفية في لبنان. لكن هنالك أربع وقائع غيرت المشهد الحزبي، وهي إنشاء دولة "إسرائيل" على الحدود الجنوبية للبنان، النكبة الفلسطينية عام 1948، اتفاق القاهرة عام 1969، والواقعة الرابعة دولة لبنانية ضعيفة ومنقسمة.
ومنذ ذلك الحين بدأت بعض الأحزاب الأخرى التي شعرت بالتهديد على نفسها بالتسلح من عدة دول، وحتى البعض ذهب و طلب السلاح من "إسرائيل"، التي كانت تخطط منذ زمن طويل لحرب أهلية في لبنان. وقد بدأت الحروب الطائفية اللبنانية - اللبنانية عام 1840 ثم عام 1860 في جبل لبنان بين الدروز والمسيحيين، ما دفع بالأمبراطور الفرنسي نابليون الثالث إلى عقد اتفاق مع العثمانيين لوقف هذه الحروب.
مع اغتيال الرئيس بشير الجميل، خسر المسيحيون قائدهم الوحيد، ومع نفي العماد ميشال عون واعتقال سمير جعجع أحبط المسيحيون مرة ثانية. ومع اغتيال الرئيس رفيق الحريري أحبط سنة لبنان، ومع اعتزال الرئيس سعد الحريري السياسة شعر السنة بإحباط أكبر. وعندما اغتيل السيد حسن نصرالله كان إحباط كبير عند إخوتنا الشيعة.
المهم الآن أن نتعلم من أخطائنا، ونستفيد من دعم المجتمع الدولي، الذي حتى الآن يدفع بجهود كبيرة كي نبني وطنا ونعيش في كنفه بسلام وازدهار اقتصادي. بالطبع واشنطن لا تفعل ذلك من أجل اللبنانيين، بل بسبب حرصها على أمن "إسرائيل" وسلامتها، وكي يعود الكيان "الإسرائيلي" والجمهورية اللبنانية إلى خط الهدنة 1949، وربما تطبيق اتفاقية "آبراهامز". وكان حلم "إسرائيل" الدائم تقسيم لبنان عبر حرب أهلية لتسيطر عليه.
وجود عدة أحزاب في وطن واحد أمر جيد جدآ، ودليل عافية ديموقراطية، ولبنان هو البلد العربي الوحيد الذي يوجد فيه هذا الكم من الأحزاب، سببه الرئيسي الديموقراطية ودولة مركزية فاشلة وفاسدة، فشلت في تأمين الحاجات الأساسية للمواطن.
لكن لماذا أغلبية الأحزاب اللبنانية طائفية؟ ولماذا إثارة شبه يومية للعواطف الدينية والطائفية، فيصبح الإنسان لا يفكر بعقله بل بغرائزه؟
1) عند كل استحقاق دستوري خاصة الانتخابات النيابية، تبدأ الأحزاب بإثارة العواطف الطائفية، وهنا نعود إلى غرائز المواطن.
2) الحرب الأهلية أو حرب الآخرين على أرضنا خاصة بين الجبهة اللبنانية من جهة، وبين الحركة الوطنية ومنظمة التحرير من جهة ثانية، هذه الحرب خلقت نوعا من شرخ طائفي وأحقاد كبيرة بين الطوائف. كما أن الطوائف المسلمة تسلحت لتخوض حروبا للمطالبة بالمناصفة بالصلاحيات والحقوق السياسية في ظل نظام المارونية السياسية .
3) محاولات "إسرائيلية" للعب على هذا الوتر الحساس جدآ أي الطائفية، فنتج منها حرب الجبل بين الدروز والمسيحيين.
4) طبيعة أغلبية الشعب اللبناني العاطفي جدآ خاصة تجاه الدين، فهو ينطلق بأفعاله مما يشعر بقلبه وبأحاسيسه وليس بما يفكر بعقله.
أما الحلول للخروج من الأحزاب الطائفية تكمن في عدة نقاط أهمها:
1- إعادة تأهيل النفوس والعقولFormatage )) في احترام والقبول بما هو مختلف عنا، وان يؤدي الأهل ورجال الدين والمدارس والجامعات والقادة السياسيين دورا مهما جدًا.
2- تغييرعقيدة الأحزاب والتيارات العقيدة الدينية واستبدالها بعقيدة وطنية، وبالرغبة الحقيقية بالعيش المشترك، دون أن يسيطر فريق معين على مفاصل الدولة ولا على بقية الأفرقاء.
3- بناء دولة مدنية عصرية، وفصل الدين عن الدولة مثلما فعلت فرنسا عام 1905 أي منذ 120 عام، وبخاصة عدم ذكر الطائفة والمذهب على أي مستند رسمي مثل إخراج القيد.
4- على كل حزب لبناني أن يقدم برنامجه السياسي على أساس وطني وليس أساسا طائفيا، كما وبرنامجه الاقتصادي والاجتماعي والدفاعي والصحي والتعليمي، وسياسته الخارجية، وخطته للنهوض بالاقتصاد والطاقة، وإعادة جزء كبير من أموال المودعين، وموقفه من الصراع العربي – "الإسرائيلي". لكن هذه المرة نريد أن يكون البرنامج منشورا على website الحزب بوضوح، لدرسه ورؤية مدى جدية تطبيقه والمحاسبة، كما نريد أن نعرف كيف وبأي طرق و متى ينوي تحقيق برنامجه، فربما هذا البرنامج يلاقي رغبات وتطلعات مواطنين من عدة طوائف.
5- قانون انتخابي يحفظ حقوق الجميع، لكن لا يكون على أساس طائفي.
6- إنشاء مجلس الشيوخ كما ينص عليه الدستور.
كما هنالك اختبار ربما يكون مفيدا، وهو أن يكرس كل حزب كبداية كوتا من 5% أو أكثر من المنتسبين الجدد للطوائف الأخرى، وتسليمهم مسؤليات متوسطة ورفيعة .
أما أخيرًا شعار " بالروح بالدم نفديك يا زعيم " هو شعار لبناني نسمعه دائما، وأحيانًا في أنظمة ومجتمعات متخلفة جدًا. فاللبناني عاطفي لدرجة أنه يحدد نفسه بالنسبة للزعيم، وليس لمشروع الزعيم، حتى لو كان سيئا أو فاشلا، وللأسف نرى ذلك كثيرًا في لبنان.
أما إذا بقينا على الأحزاب الطائفية فستزداد مشاكلنا الدستورية والداخلية، وقد نذهب إلى الجمهورية الثالثة بالقوة مع كل ما يثير ذلك من مخاطر على وجود لبنان كدولة وككيان نهائي.
الأكثر قراءة
-
مُشاركة"الوطني الحرّ" في تشييع الشهيد نصرالله أكدت انّ العلاقة في طريق العودة بين باسيل وصفا تفاهم حافظَ على خط الرجعة... والوسطاء دخلوا على الخط
-
حضور رسمي لبناني وإيراني وعراقي في مراسم التشييع... غاب رئيسا الجمهوريّة والحكومة.. 4 طائرات "اسرائيليّة" خرقت جدار الصوت على مرحلتين خلال ظهور الجثمانين وفي خطاب قاسم
-
في يوم الرسائل السياسيّة... الشارع قال كلمته
عاجل 24/7
-
23:04
الفاتيكان: البابا فرنسيس لا يزال في حالة حرجة وفحوصات الدم تظهر إصابته بفشل كلوي مبكر
-
22:47
عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب: شمال نهر الليطاني لا علاقة له بالقرار 1701 ومسألة احتكار الدولة للسلاح يحتاج إلى مسار طويل سنشارك به لنصل إليه، وأسلحة حزب الله التي يتسلمها الجيش اللبناني يقوم بتدميرها بطلب من الأميركيين.
-
22:46
عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب: استفقدت جبران باسيل في التشييع وكان يجب أن يكون من أول الناس، ولا يمكن أن تأمن جانب العدو وكلمة الشيخ نعيم قاسم كانت مباشرة وليست مسجلة.
-
22:33
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: شعب ألمانيا سئم مثلنا من أجندة غير منطقية سادت لسنوات عديدة خاصة ما يتعلق بالطاقة والهجرة، وهذا يوم عظيم لألمانيا وللولايات المتحدة الأميركية التي يقودها السيد المسمى دونالد ترامب، وتهانينا للجميع وهناك المزيد من الانتصارات قادمة.
-
22:33
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: ملتزمون بضمان عودة السلام لأوكرانيا بشكل عادل وقوي ودائم وتعزيز أمن الأوروبيين في جميع المفاوضات.
-
22:03
هيئة البث "الإسرائيلية": جهود جارية "بإسرائيل" لحل أزمة صفقة التبادل قبل وصول ويتكوف يوم الأربعاء، وهناك رغبة أميركية في توسيع المرحلة الأولى لإطلاق سراح مزيد من المختطفين.
