من المعروف أن الدول الليبرالية ذات الاقتصاد الحر تربط السياسة بالاقتصاد، حيث يؤثر أي قرار سياسي في الاقتصاد، والعكس صحيح. ففي هذه الدول، يُدرس أي قرار سياسي مسبقًا لتقييم أثره الاقتصادي. ومع ثورة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، أصبح لأي قرار سياسي أو اقتصادي في دولة كبرى تأثير واسع النطاق قد يمتد إلى دول أخرى.
أما في لبنان، ورغم أن اقتصاده ليبرالي، إلا أن قرارات الدولة السياسية نادرًا ما تخدم تطور الاقتصاد. بدلاً من ذلك، تُرسل موازنات عشوائية ملأى بالضرائب والرسوم إلى مجلس النواب دون أي خطة إصلاحية أو تنموية حقيقية. وعندما نتحدث عن الاقتصاد، فإننا نتحدث عن قطاعات الصناعة، التجارة، السياحة، والخدمات.
على أي حال، ما حصل قد حصل، ويجب الآن التركيز على خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية يوم تنصيبه في مجلس النواب. ومن بين عدة أمور تكلم عليها قال ثلاث مرات متتالية: "العلم، العلم، العلم"، وهذه إشارة ممتازة من فخامته لتشجيع العلم والمعرفة، خاصة في التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي. كما تحدث عن تشجيع ونمو الاقتصاد اللبناني، وهنا نقول إن تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي وزيادة حجم الاقتصاد والنمو يتطلب عدة عوامل، منها قضاء مستقل ونزيه لا يتأثر بالضغوط السياسية ولا برشوة المال، بالإضافة إلى الكفاءة العالية التي يجب أن تكون من أولويات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير العدل ومجلس القضاء الأعلى.
إن مكننة الإدارات العامة وخفض عدد العاملين المحسوبين على السياسيين أمران ضروريان، حيث أصبحت الإدارات العامة عبئًا على المواطن وعلى خزينة الدولة. إعادة هيكلة المصارف بأسرع وقت ممكن عبر دمج أو شراء المصارف الصغيرة وإعادة رسملة المصارف عن طريق بيع حصص لمصارف عالمية، بالإضافة إلى إعادة قسم كبير من أموال المساهمين الأساسيين وأموال المودعين. ويقول مصدر مصرفي كبير إن بلدًا مثل لبنان ليس بحاجة إلى أكثر من عشرة مصارف، وعلى جمعية المصارف بمساعدة المصرف المركزي اعتماد سياسات تعيد ثقة المواطن بالمصارف. علمًا أن، بحسب خبير مالي ومصرفي، هناك بين 5 و7 مليارات دولار مخبأة في منازل اللبنانيين.
إعادة هيكلة النظام الاقتصادي وزيادة النمو تحتاج أيضًا إلى اجتماعات مكثفة لمجلس الوزراء مرتين أسبوعيًا على الأقل بعد دراسات معمقة من خبراء اقتصاديين وماليين تُعرض للمناقشة والإقرار. كما أن مجلس النواب يجب أن يعمل كخلية نحل لإقرار القوانين والتشريعات المفيدة للاقتصاد والشعب بعد دراستها ومناقشتها بعمق بعيدًا عن الشعبوية، ومن خلال تطوير الموضوع علميًا عبر المتخصصين.
تطوير الاقتصاد وزيادة النمو يتطلبان زيادة كمية التصدير وفتح أسواق جديدة، لكن قبل ذلك يجب تحسين جودة المنتجات لتتناسب مع معايير المنافسة، خاصة في أوروبا والدول العربية. كما يجب تأمين الكهرباء والنقل وتسهيل المعاملات الإدارية للمصنعين لخفض كلفة الإنتاج وتحسين القدرة التنافسية من حيث الجودة والأسعار. على سبيل المثال، في عام 2023، صدّر العدو الإسرائيلي بضائع بقيمة 75 مليار دولار، نصفها من التكنولوجيا والسلاح، في حين صدّر لبنان فقط بقيمة 500 مليون دولار.
اقتصاد سليم يتطلب بنى تحتية سليمة. لذلك، يجب تخصيص جزء من الصندوق الدولي لإعادة الإعمار لإعادة هيكلة وإعمار وصيانة البنى التحتية، بما في ذلك إنشاء قطار حديث يربط طرابلس بصور، وتوسيع وتأهيل مطار بيروت، وتحسين مرفأ بيروت ليصبح مجهزًا بأفضل التكنولوجيا وقادراً على منافسة مرفأ حيفا. كما يجب توسيع وتنظيم وصيانة الطرق، خاصة على مداخل ومخارج بيروت.
أما في السياسة، فيبدو أن الجميع يرغب في العودة إلى مبدأ المحاصصة بين الأحزاب، وكأنهم لم يتعلموا شيئًا من الماضي. لكن مصدرًا مقربًا من الرئيس جوزيف عون أكد أنه ينسق مع الرئيس سلام لرفض المحاصصة الحزبية، حيث يصبح مجلس الوزراء أشبه بمجلس نواب مصغر، مما يجعل من الصعب على مجلس النواب مراقبة الحكومة أو محاسبتها. ويقول مرجع سياسي رفيع إن الرئيس عون والرئيس سلام متفقان على رفض المحاصصة بصيغتها القديمة، وإن الرئيس سلام يتولى الاتصالات مع جميع الأطراف ومع سفراء الدول الخمسية لتسوية الوضع بصيغة تُرضي المجتمعين العربي والدولي، مما يساعد لبنان في إعادة الإعمار والنهضة الاقتصادية.
يتم قراءة الآن
-
من هو الشريك المسيحي الذي يراهن عليه في لبنان؟ جنبلاط صاحب قرار "الحرب والسلم" في الجبل... يختار المصالحة وشريكه فيها
-
دمشق تحت النار ومجازر في السويداء: لا رابح من لعبة الخراب التركية «الإسرائيلية»! كيف انكسرت حسابات الشرع على أبواب السويداء؟ «تل ابيب» تريد الجنوب السوري «منطقة عازلة» وحاكم خليجي: لقد خدعنا الأميركيون
-
سورية تتعرّى من عظامها
-
استنفار أمني وسياسي «لنأي» لبنان عن الفتنة السورية تبريرات اسرائيلية مقلقة لعدوانها...هل تمهّد للتصعيد؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
20:04
الأمم المتحدة: نحو 80 ألف شخص تشردوا بسبب العنف في محافظة السويداء جنوبي سوريا.
-
20:04
3 قتلى على الأقل في حادث بمركز تدريب للشرطة الأميركية في مدينة مونتيري بارك بولاية كاليفورنيا.
-
20:03
القناة 12 "الاسرائيلية" عن مصدر "إسرائيلي": إذا استمرت المحادثات بالوتيرة الحالية وإذا ردت حماس بشكل إيجابي على العرض الجديد فسيكون التوصل إلى اتفاق ممكنا.
-
19:52
جنبلاط: الهجري حتى هذه اللحظة يرفض الحوار، ويجب الدخول في حوار سياسي بشأن السويداء والحرب قد تهدد مستقبل سوريا، ووقعت جرائم بحق المدنيين العزل من الدروز وعشائر البدو في السويداء، ولا بد من وقف إطلاق النار في السويداء ومنع عشائر البدو من القدوم إليها.
-
19:51
جنبلاط: الدولة السورية قادرة على وقف العشائر واستمرار القتال يعزز موقف الهجري الذي يرفض الحوار، وعلى الدولة السورية أن تقف حاجزا أمام الهجمات في السويداء وتحقق فيها، وأكدنا على عروبة أهل الجبل وانتماء السويداء إلى سوريا.
-
19:48
الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للجزيرة: الحكومة السورية أعلنت أنها تريد وقف إطلاق النار وهذا يجب أن يطبق على الأرض لبدء الحوار، ونرفض أي حماية دولية وأي تدخل إسرائيلي في شؤون سوريا.
