اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أهل الجنوب من الأرض من تراب الجنوب، وما بينهم وبين التراب قصة خلق، قصة وجود وقصة بقاء، وشريان الوصل بينهما عاص على القطع، يعطيهم الحياة ويعطي الأرض الحياة، ولأن الأرض لا تموت ولا عمر محدودا لها، كذلك أهل الجنوب باقون على أرض الجنوب على تراب الجنوب ما بقي التراب، ما بقيت السماء وبقي المطر.

جنوب أوسع من الكون، وسماؤه ليست كسماء الكون، وترابه ليس كتراب الدنيا، ترابه من أرواح الشهداء وأرواح العظماء، وسماؤه من شهيق وزفير أولاده.

لم يعد الجنوب، جنوب لبنان، ولا جنوب الأمة، صار الجنوب وجنوب الجنوب الأمة بأسرها، كما هي الشام اليوم تسلك الطريق لتكون الأمة.

كيف لا ننتصر في الجنوب، وأم الشهيد تقول بفرح انها عائدة لتفتش عن جثمان ولدها الشهيد بين الأنقاض، كيف لا ننتصر والأهل في الجنوب يواجهون العدو بأرواحهم وأجسادهم ولا يخافون الشهادة.

كيف لا ننتصر في الجنوب وأولاد الشهداء تقمصوا أرواح آبائهم، وقرروا ان يعودوا الى الأرض ليعيدوا اليها الحياة.

لأن الأعداء يجهلون معنى إرادة الشعب، ويجهلون معنى العلاقة مع الأرض، فعلوا في الجنوب وجنوب الجنوب ما لا يتصوره العقل ولا يقبله المنطق، فقد هدموا المنزل ودمروا الطريق واقتلعوا الأشجار، وحاولوا القضاء على كل شروط الحياة، لكنهم لا يعلمون ان ما يربط الناس بالجنوب الأرض والتراب وليس البيت والطريق والشجر.  فالجنوبي يبني منزلا جديدا ويشق طريقا جديدة ويزرع الأشجار من جديد.

فرح اهل الجنوب هو فرح الأمة لأنهم وجنوب الجنوب دروب الإنبثاق من العتمة الى الفجر الى النور.

فرح العودة منقوص، لأنه لم يعرف طعمه من شككوا وخانوا وتآمروا، ولم يعودوا أفرادا بل أصبحوا فئات وتيارات وجماعات، لا تخجل من خيانتها.

فرح العودة الى الأرض يترافق مع غصة الغياب، غياب أولئك الذين شقوا طريق المقاومة وعمدوه بدمائهم.