كُثُرٌ، هم المهتمون بقضية جورج ابراهيم عبدالله، المعتقل في سجون الدولة الفرنسية منذ نحو اربعين سنة ولا يزال، والذين ابدوا موقفا" متضامنا" مع قضيته المحقة بدافع من الشعور الوطني او المناطقي او العقائدي، وانا احدهم على اعتبار ان جورج عبدالله هو من ابناء بلدتي القبيات، وسبق لي ان كنت وكيلا" عنه في قضية عدلية في بيروت في الثمانينات من القرن الماضي. كما اني رافقت المرحومة والدته في زيارتها لمحل توقيفه في فرنسا، وهذه كانت أمنيتها بأن تراه قبل ان توافيها المنية. وفي تلك الرحلة التقيت وكيله المحامي الفرنسي، آنذاك جاك فرجيس، الذي اولى هذه القضية كل اهتمام ورعاية .
اما اليوم، وفي هذه العجالة، اردت تسليط الضوء بالوقائع والادلة والوثائق على مدى الضغوط، التي مورست على السلطات السياسية والقضائية الفرنسية لانزال اقصى العقوبات به وابقائه معتقلا" في قضية تفتقد الادلة، وذلك باعتراف واضح وصريح لمسؤولين في الدولتين الاميركية والفرنسية . بالاضافة الى وجود ثُغر قانونية في المحاكمة الجنائية، التي أفتقدت ابسط قواعد العدالة والانصاف، وقد شاب تلك المحاكمة العديد من الثغر القانونية، التي لم نعهدها في القضاء الفرنسي .
اما الحديث عن الضغوط الخارجية فقد كشفت عنها مؤخرا" دراسة اعدتها ناشطة لبنانية في الشؤون الدولية من جامعة هارفرد في مدينة بوسطن الاميركية سبيل فارس، وفيها اشارة الى وثيقة صادرة في شهر تموز من عام 1986 عن وزارة الخارجية الاميركية موجهة الى وزير الخارجية الفرنسي آنذاك، رفعت السرية عنها مؤخرا" تضمنت تهديدا" واضحاً:" بانه سوف يترتب عواقب وخيمة على العلاقات الثنائية، اذا لم تؤخذ مصالح الولايات المتحدة بعين الاعتبار في هذه القضية ."
كما تضمنت الوثيقة، المشار اليها اعلاه، اعترافا "صريحا" بأن الادلة في قضية جورج عبد اللّه ليست كافية لادانته . وقد اكد ذلك المسؤول في مجلس الامن القومي الاميركي " بويندكستر" (Poindexter) في وثيقة صادرة في العام 1986، ورد فيها: "أن مجلس الامن القومي كان يدرك جيدا" ان ملف جورج أبراهيم عبدالله يفتقد القوة وان شيراك (الرئيس الفرنسي السابق) لا يأخذ بعين الاعتبار الضغوط الاميركية".
The United States threatened France, stating that there will be "serious consequences for bilateral relations if our (US) strong interest was not heeded." The Paris case against ABDALLAH is not strong and it will be very hard to get a conviction".
وفي وثيقة اخرى كتب روبرت ب اوكلي الى اوليفر نورث في شهر ايلول من عام 1986 ما يأتي : "من المهم ايضا" ان نواصل الضغوط على الملاحقة القضائية لمحاكمة عبدالله، الثانية، كوسيلة لاجبار الحكومة الفرنسية على تجاوز القوانين وابقائه في السجن ... ان استراتجيتنا وتكتيكاتنا تعمل بشكل جيد".
وتضيف الوثيقة عن توصية الولايات المتحدة بزيادة الضغط من خلال التهديد بقتل جورج في زنزانته ...
In another memorandum Robert B. Oakley writes to Oliver north in September of 1986:" it is also important that we keep the pressure up on prosecution for the second Abdullah trial as a means of forcing and an unformed GOF (Government of France) agreement to keep him in jail ... Our strategies and tactics are working well." The memo goes on the describe how the US recommends to add pressure by threatening to kill Georges in his prison cell ...
وفي موقف صريح وواضح للمدير السابق لوكالة المخابرات الداخلية الفرنسية ايف بونيه، وفي مقابلة مع فرانس 24، اعلن عن وجوب اطلاق سراح جورج عبدالله ودافع عن قضيته امام القضاء، واعلن انه لا يوجد شيء يبرر سجنه . وان الولايات المتحدة واسرائيل تواصلان ممارسة ضغوط هائلة على فرنسا.
كما تقتضي الاشارة انه في العام 2013 وافقت المحكمة الفرنسية، على الافراج عن جورج أبراهيم عبدالله بشرط ترحيله الى لبنان، الا ان وزير الداخلية الفرنسي آنذاك مانويل فالس (Manuel Valls) منع ذلك، وقد تم الإكتشاف لاحقا، من خلال رسائل البريد الالكتروني المسربة من قبل ويكيليكس لهيلاري كلينتون (وزيرة الخارجية الاميركية)، انها تدخلت بشكل مباشر، بحيث كتبت في رسالة الى وزير الخارجية الفرنسي "لوران فابيوس": على الرغم من ان الحكومة الفرنسية لا تملك سلطة قانونية لالغاء قرار محكمة الاستئناف الصادر في 10 كانون الثاني، الا اننا نأمل أن يجد المسؤولون الفرنسيون اسأساً آخر للطعن في قانونية القرار".
وبالعودة الى مجريات المحاكمة الجنائية امام محاكم فرنسا، يتبين انه في العام 1984 وُجهت الى جورج عبدالله تهمة حيازة وثائق واسلحة ومتفجرات، حكم عليه، على اثرها، باربع سنوات حبس. اما في العام 1987 فنسبت اليه تهمة التواطو في القتل في عمليتي اغتيال جرت في فرنسا، الاولى استهدفت الملحق العسكري الاميركي تشارلز ري، والثانية الديبلوماسي الاسرائيلي يعقوب بارسيمنتوف. واللافت في هذه المحاكمة الاخيرة ان المدعي العام طلب له عقوبة السجن لمدة عشر سنوات، في حين ان محكمة الجنايات قضت بعقوبة السجن المؤبد عليه، وذلك في خروج فاضح وجذري على الاجراءات، لانه من المبادىء المتعارف عليها انه من حيث المبدأ ليس لمحكمة الجنايات ان تتجاوز في حكمها العقوبة التي طلبها المدعي العام في مطالعته، على اعتبار أنه هو صاحب الحق بكونه ممثل المجتمع، الامر الذي يعتبر خروجاً غير مألوف في هذه الحالة ومرده خضوع القضاء الفرنسي للضغوط التي مورست عليه .
ومن جهة اخرى، لا بد من الاشارة الى الخديعة الكبرى، التي تعرض لها جورج عبدالله، خلال تلك المحاكمة، عندما سخرت اجهزة المخابرات، المحامي الفرنسي جان بول مازورييه وكيل جورج ابراهيم عبدالله، لينقل معلومات استخباراتية عن موكله، كما صرّح هو بالذات من على شاشة التلفزيون الفرنسي. وفي موقف مستهجن لوزير العدل الفرنسي الان شالا ندون، ومناف للتقاليد الفرنسية، رفض هذا الاخير طلب المحامي الفرنسي جاك فيرجيس، باعادة المحاكمة استنادا" الى ما تعرض له جورج عبدالله من خديعة وخيانة من وكيله السابق جان بول مازورييه.
وفي الخلاصة، يمكن القول، ان قضية جورج ابراهيم عبدالله المعتقل منذ اربعين سنة في قضية اقل ما يقال فيها انها تفتقد مبادئ العدالة والانصاف، والتي لطالما عرف بها القضاء الفرنسي.
وبالنتيجة، اني اسوق هذه المعطيات لاحاطة المعنيين بتفاصيلها، من فخامة رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال ورئيس الحكومة المكلف ووزير العدل، وحثهم على التحرك السريع لرفع هذا الظلم الكبير اللاحق باللبناني جورج ابراهيم عبدالله، علما" بان مجريات الامور، كما سبق بيانه تشير بصورة واضحة وصريحة بان العدل مفقود في هذه القضية، وعلى الدولة اللبنانية، بحكم مسؤولياتها الوطنية والدستورية عن مواطنيها، التحرك سريعا" لرفع الظلم عنه واعادته الى بلده سالما".
يتم قراءة الآن
-
لهذه الأسباب... أورتاغوس ألغت زيارتها الى بيروت
-
ماذا يريد نتنياهو من لبنان؟
-
خلافات أميركية فرنسية بشأن بقاء «اسرائيل» بالنقاط الـ 5 في الجنوب «مكانك راوح» وغموض يحيط باجتماعات سلام... هل نضجت الطبخة؟ التحرك الشعبي متواصل جنوباً والغارات وصلت الى وادي خالد وجنتا؟
-
"إسرائيل" تشكك بانتشار الجيش اللبناني جنوباً وتطالب بكشف هويّة أفراده!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
21:31
وزير الخارجية الأميركي: عملنا مستمر لضمان الإفراج عن جميع الاسرى الذين لا تزال حماس تحتجزهم
-
21:14
البيت الأبيض: السيسي أكد أن قيادة ترمب تبشر بعصر ذهبي للسلام بالشرق الأوسط
-
21:13
الخارجية السودانية: مقتل أكثر من 60 شخصا نتيجة قصف مليشيا الدعم السريع لسوق في أم درمان
-
21:12
محمود عباس: مستعدون للعمل مع الدول الشقيقة والصديقة لتسـريع إعادة إعمار غزة وربطها بالضفة الغربية
-
21:12
إعلام العدو: الإعلان عن اختيار إيال زمير رئيسا جديدا للأركان خلفا لهرتسي هاليفي خلال ساعات
-
19:59
مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي: نتنياهو يتوجه إلى أميركا غدا للقاء ترامب