اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في ظل التخبط المستمر في عملية تشكيل الحكومة، تعول قوى سياسية على دور يقوم به رئيس الجمهورية، لتصويب الامور واعادتها لنصابها، وبالتحديد للمسار الجديد الذي يفترض ان يكون انطلق مع انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للبلاد، وتكليف نواف سلام تشكيل الحكومة. فالاصوات التي ترتفع لانتقاد ما تقول انها سياسة "الكيل بمكيالين" وعدم اعتماد الرئيس المكلف معايير موحدة بعملية التشكيل، تلقي الكرة بملعب الرئيس عون.. فأي صلاحيات يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية بعملية تشكيل الحكومة؟

قبل اتفاق "الطائف" كانت صلاحيات رئيس الجمهورية بموضوع تشكيل الحكومات واسعة جدا، بحيث كان هو ينتقي الوزراء ويختار من بينهم رئيسا.. لكن بعد الطائف اصبح الدور الاساسي لرئيس الحكومة المكلف، فالاتفاق الذي تم توقيعه في العام 1989 يضع وبوضوح آلية للتكليف والتأليف معا.

وبالتالي، فانه راهنا وبحسب الفقرة الثانية من المادة 53، يقوم رئيس الجمهورية باستشارات نيابية ملزمة مع النواب لتسمية رئيس للحكومة، وهو يعلن تكليف الشخصية التي تحظى بأكبر عدد من اصوات النواب ال128.

وبعد وضع رئيس الحكومة المكلف مسودة حكومية يقوم بعرضها على رئيس الجمهورية، الذي يحق له ان يوافق عليها، او ان يرفضها برمتها، او يطلب ادخال تعديلات اليها. واذا لم يتفق الرئيسان على تشكيلة معينة لا يمكن تشكيل حكومة. وهذا ما حصل مع الرئيس ميشال عون ونجيب ميقاتي، لينتهي عهد عون بحكومة تصريف الأعمال نفسها التي شكلت في ايلول 2021.

اما وفي حال موافقة رئيس الجمهورية على التشكيلة، وسندا للفقرة الرابعة من المادة 53 من الدستور، يُصار الى اصدار مرسوم تشكيل الحكومة، موقعا من قبل رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء.

وشاع مؤخرا ما سمي بكتلة رئيس الجمهورية الوزارية، الا ان دستوريين يؤكدون انه لا يجوز ان يكون هناك حصة وزارية لرئيس الجمهورية "لان كل الوزراء هم حصته، ويفترض ان يكون على مسافة واحدة من الجميع، ولا يكون جزءا من اللعبة السياسية، باعتبار ان الدستور جعله سلطة عليا فوق كل السلطات، ما يمكنه من القيام بدور الحكم الناظم الذي يراقب دور الوزارات".

وبحسب المعلومات، فان الرئيس عون راهنا يشارك في اختيار اسماء الوزراء، من منطلق ضمان ان تكون حكومة العهد الاولى منتجة، وتشبه المرحلة التي دخلها البلد مع انتخابه، وبالتالي هو لا يسعى لان تكون له كتلة او حصة وزارية. وتضيف مصادر مطلعة لـ "الديار": "كما يحاول الرئيس عون تدوير الزاويا قدر المستطاع مع الكتل النيابية للسير بأسماء معينة. فقرار سلام الا يكون في حكومته حزبيون، اثار امتعاض الاحزاب الاساسية، لذلك كان تدخل عون ضروريا لاقناعها بالتعاون في هذا المجال".

ولم يعد خافيا ان رئيس الجمهورية يدفع لانجاز التشكيلة الحكومية بأسرع وقت ممكن، وهو يؤدي راهنا دور الوسيط بين سلام ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، للتوصل للتفاهم على اسم الوزير الشيعي الخامس، باعتبار ان الولادة الحكومية راهنا متوقفة على هذا الاسم، واذا طال انجاز هذا التفاهم ، فان الامور قد تدخل متاهات جديدة في ظل التطورات الكبيرة التي تشهدها المنطقة والضغوط الاميركية الكبيرة على حزب الله.

بالمحصلة، بات واضحا ان عهد الرئيس عون لن يكون مفروشا بالورد والتسهيلات، وان المطلوب منه تأدية دور استثنائي في مرحلة استثنائية بتاريخ البلد والمنطقة. لذلك تراه يدفع الى الاستفادة من الزخم الدولي الراهن، لتشكيل الحكومة ووضع الخطط العملية للنهوض في البلد، خشية ان يتلاشى هذا الزخم مع مرور الوقت، وتتسارع التطورات في المنطقة، ويكون لبنان احد ضحاياها.

 


الأكثر قراءة

نتنياهو يعلن الحرب على السعودية