اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في الوقت الذي تتابع فيه اللجنة الوزارية المصغّرة صياغة البيان الوزاري، الذي ستتبنّاه وتنفّذه حكومة الرئيس نوّاف سلام، خلال فترة سنة وثلاثة أشهر من عمرها وعمر الوطن، تتجه الأنظار اليوم الى ما سيُعلنه رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري في الذكرى العشرين لاغتيال والده الشيخ رفيق الحريري. كلّ الأجواء المواكبة تشير الى أنّ ذكرى 14 شباط تختلف هذا العام عن سابقاتها من حيث الشكل والمضمون. والأهمّ هو ما ينتظره الشارع السنّي من تطمينات سياسية مستقبلية، سيما أنّه لم يتمكّن خلال السنوات الماضية التي علّق فيها الحريري عمله السياسي (في 24 كانون الثاني من العام 2022) من الانخراط في الحياة السياسية، ولا من إيجاد زعيم سنّي بحجمه يتكلّم باسمه ويمثّله في الدولة اللبنانية.

فهل يُفجّر الحريري اليوم قنبلة سياسية ينتظرها مناصرو "تيّار المستقبل" أكثر من سواهم، معلناً وقف "تعليق عمله السياسية"، أي العودة الى الحياة السياسية شخصياً في وقت قريب، من خلال الترشّح للانتخابات النيابية المقبلة (في أيّار 2026)، أو إعطاء الضوء الأخضر لنوّاب كتلته ومناصري “التيّار الأزرق” بالترشّح للانتخابات البلدية والاختيارية (في أيّار المقبل إذا لم يحصل أي تأجيل تقني)، ومن ثمّ للانتخابات النيابية في العام المقبل؟ أم لا يزال "الفيتو السعودي" يُعيق اتخاذ مثل هذا القرار؟ وهل يتحضّر للعودة الى العمل السياسي بعد ذلك كرئيس للحكومة الثانية في عهد الرئيس جوزاف عون، في حال نال كتلة نيابية وازِنة في الانتخابات، على ما كان الوضع عليه خلال الحكومات التي ترأسها، قبل تعليق عمله السياسي منذ أكثر من 3 سنوات، ودعوته تيّاره لاتخاذ الخطوة نفسها بعدم الترشّح للانتخابات النيابية؟!

مصادر سياسية مواكبة لعودة الحريري الى بيروت، لإحياء الذكرى العشرين لاغتيال والده اليوم، والتي سيغادر لبنان بعدها بأيّام الى مكان إقامته في الإمارات العربية، تقول انّ “قرار تعليق العمل السياسي للحريري شخصياً، ولتيّاره بشكل عام، يعود له بشكل خاص، وسيُعرف من خلال الموقف الذي سيُعلنه اليوم أمام جمهور "المستقبل" الذي يشعر بتهميشه منذ قرار تعليق العمل السياسي، ومغادرة الحريري البلد. فالطائفة السنيّة لم تُعامل، كما يجب خلال السنوات الماضية، لهذا فإنّ عودة الحريري من شأنها إعادة الزخم الى الطائفة السنية، التي عانت من التهميش. وقد يقوم الحريري بزيارات عديدة الى لبنان خلال الفترة المقبلة، للبقاء في أجواء ما يحصل على الساحة الداخلية وتعزيز عودته المرتقبة.

أمّا الأسباب التي أدّت في العام 2022 الى تعليق الحريري عمله السياسي مع تيّاره، على ما تلفت المصادر، والتي ذكرها في خطاب التعليق يومذاك، إذ قال انّه وصل الى "طريق مسدود"، وأنّه "لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظلّ النفوذ الإيراني والتخبّط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة" الخ.. فقد زال عدد منها اليوم، مع تغيّر المشهد في لبنان وسورية وبعض دول المنطقة، ويُنتظر أن تنتفي بأكملها في المرحلة المقبلة. الأمر الذي يدفع الحريري الى إعادة حساباته السياسية، وربما الى اتخاذ قرارات حاسمة اليوم أو في المستقبل القريب، خصوصاً بعد أن لمس رغبة الشارع السنّي بالعودة بقوّة الى العمل السياسي.

فهل تأخّر الحريري عن اتخاذ خطوة العودة الى الحياة السياسية؟ في حال قام بالإعلان عن ذلك اليوم، لا سيما بعد تكليف القاضي نوّاف سلام تشكيل الحكومة وقيامه بذلك، واستئثاره بتمثيل الوزراء السنّة فيها، من وجهة نظر نوّاب "الاعتدال الوطني"، تُجيب المصادر نفسها، "على العكس تماماً، ما يقوم به الحريري اليوم يأتي في وقته. كما أنّه دعم عهد الرئيس عون، والحكومة الجديدة برئاسة سلام، كونه وجد في ما حصل أخيراً "فرصة جديدة للبنانيين" لم تكن متوافرة سابقاً في عهده. ولا بدّ للبنان الرسمي وللبنانيين من الاستفادة من هذه الفرصة مع المعطيات الجديدة في لبنان والمنطقة، لتنفّس الصعداء مجدداً والعمل من أجل النمو والازدهار الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وما الى ذلك، لكي يبقى اللبنانيون في بلدهم، أو يعودون اليه بعد تأمين فرص العمل للذين هاجروا بحثاً عن لقمة العيش في الخارج.

من هنا، تقول المصادر انّه إذا دعا الحريري تيّاره اليوم الى العودة للإنخراط في العمل السياسي، من خلال ترشّحه للإنتخابات البلدية والإختيارية، وكذلك النيابية المقبلة من خلال "لوائح حريرية"، تكون هذه خطوة تحضيرية لعودته في العام المقبل الى الحياة السياسية من بوّابة السراي الحكومي، لا سيما إذا تمكّن مناصروه من تمثيل الطائفة السنية بكتلة نيابية كبيرة. أمّا إذا لم يفعل، فيكون حضوره اليوم الى جانب الشارع السنّي، محطة اختبارية لما قد يُقرّره لاحقاً بالنسبة الى العودة الشخصية، كما الى عودة "التيّار الأزرق" الى العمل السياسي.

كذلك فإنّ التغيّرات التي طرأت في المنطقة، ستنعكس على لبنان بالدرجة الأولى، ولكن ماذا إذا كان "الفيتو" السعودي لا يزال "يتحكّم" بقرارات الحريري؟ تشير المصادر نفسها الى أنّ المملكة السعودية لا تضع اي “فيتو” على الحريري، وهي لم تطلب منه تعليق العمل السياسي أو العودة اليه، وذلك خلافاً لما يعتقده البعض. كما أنّ علاقته جيّدة مع المملكة، ومع سائر الدول العربية والخليجية وغيرها، ولا يُمكن أن يتخذ أي موقف مواجه أو معادٍ لها، كونها حاضنة للطائفة السنيّة بشكل عام. والقرار يعود للحريري نفسه، وهو يقرّر ما سيقوم به وفق التطوّرات الجديدة في المنطقة، التي تنعكس على لبنان بطبيعة الحال. كما أنّ الانفتاح العربي والدولي على لبنان قد عاد أخيراً، بعد أن كان محاصراً ومعزولاً، الأمر الذي يُسهّل العمل السياسي على العهد والحكومة وغالبية القوى السياسية.

الأكثر قراءة

الأحد التاريخي: تشييع القادة واستفتاء شعبي على قوة حزب الله الانتخابات البلدية 2025: تحالفات ومفاجآت واستعدادات مكثفة الجيش اللبناني يقود الخطة الأمنية في يوم التشييع