اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بعد إعلان رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب عن وقفٍ مؤقتٍ (اعتبره البعض دائما) لغالبية برامج المساعدات الخارجية التي تديرها الولايات المتحدة، بدأت التساؤلات تُطرح حول تداعيات هذه الخطوة على الاقتصاد المحلّي، سيّما أنّ هذا القرار يشمل لبنان.

هذه الخطوة شكّلت صدمة داخل القطاعات الإنسانية والتنموية، بعد فقدان العديد من الأفراد وظائفهم أو عقودهم المستقبلية، بينما توقف الدعم عن ملايين الأسر التي تعتمد على المساعدات الأميركية. ففي العام 2023، قدّمت الولايات المتحدة 72 مليار دولار كمساعدات خارجية. وكان لبنان من بين الدول التي تأثرت بشدة بقرار الإدارة الأميركية.

محليًا

بعد أن كانت الولايات المتحدة واحدة من أكبر المانحين في القطاعَين الإنساني والتنموي والقطاع العسكري في لبنان، سحبت يدها من أيّ تمويل داخلي.

ففي عام 2023، تلقّى لبنان حوالى 643 مليون دولار من المساعدات الأميركية، منها 130 مليون دولار ضمن التمويل العسكري، و83 مليون دولار لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، و125 مليون دولار للمساعدات الغذائية الطارئة، إضافةً إلى عشرات الملايين لدعم سبل العيش لعناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، إلى جانب مبادرات أخرى. وحوالى 2000 موظف يعملون في USAID باتوا اليوم من دون عملٍ.

وعلى الرغم من أنّ العديد من المنظمات الإنسانية والتنموية في لبنان لا تعتمد كليًا على التمويل الأميركي، إلا أن القرار أثَّر في الواقع الاقتصادي وتحديدًا الوظيفي منهُ.

بالنسبة للعديد من الجهات الفاعلة في المجال الإنساني والتنموي في لبنان، جاء القرار كصدمة مؤلمة، لكنه قد يشكّل نداء استيقاظ ضروري لهذا القطاع.

مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ العديد من المنظمات في لبنان قد اختارت بالفعل عدم الاعتماد على التمويل الأميركي لثلاثة أسباب رئيسية. أولها أخلاقي، بسبب الدور الذي أدّته الولايات المتحدة في دعم الحملات العسكرية الإسرائيلية في لبنان والمنطقة. الثاني بيروقراطي/إداري، حيث تفرض الجهات الأميركية المانحة شروطًا معقدة وإجراءات تدقيق أمني صارمة تتعلق بـ "الإرهاب"، مما يعيق عمل منظمات حقوق الإنسان التي تدعم مجموعات غير رسمية. الثالث إنساني، حيث فرضت الإدارة الأميركية قيودًا على دعم قضايا مثل الصحة الجنسية والإنجابية وحقوق الإجهاض، ما حدّ من قدرة المنظمات المتلقية للتمويل الأميركي على العمل في هذه المجالات.

تعليميًا

أثّر قرارا ترامب في القطاع التعليمي سلبًا، بعد أن كانت أميركا تمنح المساعدات المالية التعليمية لبعض الطلاب والمدارس والجامعات، معززةً التعليم والثقافة في البلد... ومن بين هذه المبادرات برنامج "Tomorrow’s Leaders" التابع لمبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (MEPI) والذي يقدم منحًا دراسية لحوالى 54 طالب دراسات عليا وعدد غير محدد من طلاب المرحلة الجامعية. كما تأثرت برامج أخرى مثل منحة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للتعليم العالي وبرنامج المنح الدراسية للقيادة في الأزمات. والمنظمات العاملة مع الأطفال وفي قطاع التعليم مثل "أنقذوا الأطفال" (Save the Children) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).

وأيضًا، سيؤدي تعليق التمويل إلى تداعيات ضخمة على ملف النزوح السوري. فمع توقّف البرامج الإنسانية وتوفير المساعدات، ستتقلّص الخدمات وبالتالي سترتفع موجات النزوح السوري الداخلي. هذا ما سيزيد أيضًا وأيضًا من أزمات اقتصادية جمّة.

وفي السياق، رأت مصادر مقرّبة من الدّيار،" أنّ قرار ترامب هذا، سيزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، نتيجة عدم ضخّ الأموال في الداخل وترك آلاف الموظفين من دون عمل".

ولفتت إلى" أنّ هذا القرار بإمكانه أن يُنهض المؤسسات الداخلية من خلال الاتّكال على سياسياتها الخاصة من دون أي دعم أجنبي، واضطرارها في بعض الأحيان لرفع رواتب موظّفيها، ما يمكنه أن يؤثر ايجابًا في الموظّفين".

ورأت المصادر، "أنّ التمويل الخارجي، كان يهدّد كيان المؤسسات العامة، من خلال المقارنة بين الرواتب والدوامات، ما أدّى إلى إهمال كل القطاعات وتوجّه الأغلبية للمشاريع الإنمائية الأجنبية. هذا الأمر أجبر بعض المؤسسات قبول أشخاص غير كفوئين، أو ربّما من دون خبرة واسعة، لأنهم يرضون برواتب ضئيلة.

بالإضافة إلى أنّ هذا القرار بإمكانه أن يُنهض المؤسسات الداخلية من خلال الاتّكال على سياسياتها الخاصة من دون أي دعم أجنبي، واضطرارها في بعض الأحيان الى رفع رواتب موظّفيها، ما يمكنه أن يؤثر ايجابًا في الموظّفين."

مؤسسات جديدة تفتح أبوابها

تقول غبريال نسر، مسؤولة عن صفحة مستقلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي:

" إنّ المقالات التي تنشر عبر منصّتها، تُسعّر بالدولار وتسلّط الضوء على اللاجئين والفئات المهمشة مثل المرأة والطفل وتركّز على الصحة النفسية، تمامًا كالمشاريع التي كانت سابقًا تموّل من قبل أميركا، إلّا أنّ الفارق اليوم أنّ منصاتنا لم تعد بحاجة إلى هذا التمويل، لأنّنا بتنا نتكّل على كفاءتنا وجودة مشاريعنا."