اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


إنّا على العهد... هكذا كان شعب المقاومة وهكذا سيَبقى... كما كان السيد حسن نصرالله وبقيَ... هذا الشعب، شعب المقاومة الذي سار خلفه على مدى عقود، وانتقل معه من نصرٍ الى نصر في زمن المعجزات التي حققها بوجه العالم المتصهين والمتوحش.

كنتَ ولا زلتَ بوصلة الحق بوجه الباطل، رمز الشرف والوفاء والإخلاص والصدق والإنسانية، كنتَ وستَبقى الرجل الرجل في زمن قلَّ فيه الرجال... فمثلُكَ لا يغيب... لا يترك قضيتَه وشعبَه... الفرق أنكَ أصبحت في مكانٍ يُشبهُكَ... يليقُ بكَ... تنظر إلى شعبكَ من عليائكَ، كما كنتَ دائماً عالي المقام بقلبكَ وفكركَ ومبادئكَ ومسيرتكَ، وبما قدمتَه مِن نجلِك حتى نفسِك...

من أجل ذلك كلّه وأكثر، فإن التشييع يوم الأحد في الثالث والعشرين من شباط، يُشكِّل فرصة لمجتمع بأسره وللمتعاطفين معه، للتعبير عن رسالتيّ الوفاء والثبات معاً بوجه كل الإعتداءات المادية والمعنوية التي تلقّاها هؤلاء طوال سنوات، من التحريض والتآمر على قيادتهم وخياراتهم وتضحياتهم وأصل وجودهم...

هذا النوع من الأحداث لا يحتاج الى الدعوات والتحفيز للحضور، يَكفي الإعلان عن الموعد والمكان والمسار، لضمان المشاركة اللائقة وفاءً لهذه الشخصية العظيمة، أما الدعوات الشخصية فهي جزء من البروتوكولات والعلاقات العامة، وليست بخلفية التحشيد...

ما سيَحمله المشيِّعون معهم هو مشاعر الحزن العميق المختزَن منذ لحظة الفاجعة، والذي لم تتوفر لهم الفرصة للتعبير عنه، بل ازدادت الأسباب الموجبة لهذا التعبير طوال الأشهر الماضية، مع تزايد شعور هذا الجمهور بالمظلومية والشماتة، وانعدام المسؤولية الأخلاقية عند شركائهم في الوطن، سواءً أكانوا قيادات سياسية أم جمهوراً تُديره العصبية والحقد... وما سيحمله هذا الشعب معه هو الإحساس المتزايد بالمسؤولية تجاه الإرث العظيم لسيّد المقاومة والقيادات الجهادية، هذا الإرث المتمثِّل بمنظومة القيم الأخلاقية وسمو الأهداف والجهوزية للتضحية والأمل بتحقيق الإنتصار في آخر المطاف.

ما سنراه يوم التشييع ليس مجرّد حشد بشري يَلبس السواد ويَذرف الدموع، إنما هو البحر الذي جمعته قيادة السيد قطرة قطرة بلسان الصدق وعاطفة الأبوّة ويد البأس وعمق البصيرة... ما سنراه هو السيد موَزَّعاً في أرواح الحاضرين، كلُ واحد منهم اقتباس لشعاع مِن شمسه وجزء المرآة المتكسِّرة التي يرى فيها الناظر كل ما كان يَراه في المرآة قبل الكسر، حتى يكاد أن يكون الوصف لهذه الجموع: انظروا الى السيّد يُشيِّع جثمان السيّد...

نحن لسنا بصدد التعبير الشاعري عن مشهد مُتخيَّل، إنما نحاول صياغة الحقيقة التي قد يُعبِّر عنها كل واحد بطريقته، والثابت الوحيد هو أنه لم يمر في تاريخنا الحديث هكذا اندماج بين قائد وشعبه، ولم نشهد هذا القدر من الوفاء لقائد استُشهد في أول الحرب، وأَكمَل مجتمعه حربه كي يَنتصر بعد شهادته...

إذاً، إنه السيد حسن نصرالله الذي قاد شعباً ووطناً وأمةً، وأوصلَها الى زمن الإنتصارات... زمن العزّة والكرامة بعد أن كانت غارقة في عجزها وخيبتها وتخاذل حكامِها وضعفِها... الرجل الذي أثبت أن الحقَ قوة... والإيمان قوة... والوفاء قوة... والجرأة قوة... والإخلاص قوة... والصدق قوة... والأخلاق قوة... فمَن يسير في طريق الله يُعزُّه ولا يَخذُلُه أبداً، حتى لو كان ثمن هذا الطريق دماءً وقهراً وأرواحاً ودموع...

فمثلُه لا يرحل، يبقى خالداً في التاريخ والحاضر والمستقبل، لأنه تركَ خلفَه أبناءً يَحملون الراية ويُكملون الطريق... كيف لا وهذا الشعب يَحمل في قلبه وعقله ووجدانه السيد حسن نصرالله...

الأكثر قراءة

محادثات بناءة لعون في الرياض وتحديات امام قمة القاهرة قلق من «فخ» ملف اعادة الاعمار وطريق التعيينات سالكة استنفار سياسي درزي لمواجهة الفتنة والفوضى والتقسيم