اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أحدُ التشييع أحد القيامة


اليوم، يوم الأحد هذا، لن يكون كسواه في روزنامة الأيّام الاَتية. لن يكون عبورًا مجّانيًّا في الزمن. سيبقى اشعاعًا اَخر في ذاكرة التاريخ الكربلائية المتواصلة في البلاء والرجاء والعلاء. بلى، وستبقى للمعنيين بها، على تنوّع المشارب والمذاهب والمحازب، ذكرى تنطوي على غير عبرة من تلك التي لا يقوى على محوها، لا هولُ المحن ولا طول الزمن .

انّ تاريخيّة هذا اليوم ليست تأتيه من كثافة الحاضرين، فقط، ولا من عديد المتابعين من بعيد، احبّاءَ وخصوما وأعداء، بل هو تاريخيّ لكثيف دلالاته ولغزير معانيه. فالى التأكيد على الوفاء لمن تجسّد فيهم الوفاء للحقّ الى حدّ الفداء، انّه تذخيرٌ للذاكرة بأنّ من يقضي شهيدًا في مقاومة الباطل بكلّ وجوهه فانّما يضيف الى الشهادة للحقّ رصيدًا جديدًا من العزّة، لا لبني جيله وحسب، بل لأجيالٍ لم تُولَد بعد .

وكما أسّس استشهاد الحسين، لالف وثلاثماية وخمسة واربعين عامًا خلت، مدرسة لمقارعة الباطل ومقاومة الطاغوت، وكما كان استشهاد الناصريّ قبله باجيال، في السبيل عينه، اساسًا، لا لحياد موهوم، بل لجهاد معلوم للحقّ الذي هو الله، كما كان كل ذلك منطلقا لجوهر المناسبة اليوم، فانّ الذين تحرروا بمعرفة الحق يتطلّعون الى احد التشييع مقدّمةً لموعدٍ مع أحد القيامة، قيامة الأمّة من قبر التاريخ الى الحياة بعزّة وكرامة .

ولئن كان هذا الحضور المهيب تشييعًا لمن سقط منهم الجسد فانّه، في معناه الأسمى، استحضار لأرواحهم من خلف الحجب سلاحًا نتذخّر به لمواجهة التحدّيات القائمة والاَتية .

ولئن خطر لسائلٍ، بطيب نيّةٍ او بسوء نيّة ان يسأل عمّا يجمع بين مجاهدين على قاعدة فصل الدين عن الدولة مع مجاهدين منطلقين من الدين فالجواب اليقين قُصاراه: حين يلتقي على طريق الحياة مؤمنون بِ"هيهات منّا الذّلة" مع مؤمنين بِ "انّ الحياة كلّها وقفةُ عزٍّ فقط"، حينها، يحلو اللقاء ويتألّقُ الايمان رفقةَ دربٍ باتّجاه النهوض بالحياة على قاعدة انّ المقاومة عند الاحرار قدرٌ وخيار .

الأكثر قراءة

منصوري يكشف مصير الودائع السورية في المصارف اللبنانية