مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان يسجّل رقماً قياسياً
يطل شهر رمضان المبارك لدى الإخوة المسلمين، تزامنا مع الصيام الكبير لدى الاخوة المسيحيين هذا العام، فيتشارك بذلك اللبنانيون الصومَ كأسرة واحدة، وسط أزمات تعصف بالبلاد منذ عقود، والتي تفاقمت بحلول عام 2019 بأزمة اقتصادية أرهقت اللبنانيين، وقد وصفها البنك الدولي كما بات معروفاً، بأنها إحدى أشد ثلاث أزمات على مستوى العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر وسط تحديات هائلة يواجهها لبنان.
ومنذ بدء الأزمة الاقتصادية والنقدية في لبنان، فقدت العملة المحلية ما يقارب 90% من قيمتها، حيث زاد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء، ليقفز من 1520 ليرة للدولار قبل الأزمة إلى نحو 89700 ألف ليرة حالياً، ما انعكس ازدياداً موجعاً في أسعار السلع كافة دون استثناء.
ومع بداية كل موسم ترتفع الأسعار بشكل عشوائي في الأسواق اللبنانية، تبعا لمزاج كبار التجار وصغارهم دون أسباب منطقية، في ظل غياب شبه تام للرقابة على الأسواق، فعلى سبيل المثال في بداية العام الدراسي تحلق اسعار المستلزمات المدرسية، وفي الأعياد والأعراس نشهد أيضا ارتفاعا بكل ما يرتبط بتلك المواسم، واليوم ومع اقتراب موعد الصيام لجميع اللبنانيين مسيحيين واسلام، يترقّب اللبنانيون باهتمام بالغ الأسعار وما ستحمله من ارتفاعات حامية، خصوصاً أسعار المواد الغذائية، وسط تجاهل عن قصد او غير قصد من قبل المسؤولين لانشغالهم بالمناكفات والنكد السياسي.
الاسعار تحلّق؟؟!!
رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أكد ن "اسعار المواد الغذائية في لبنان مستقرة، مع هوامش تغيير بسيطة ربطاً بتقلبات أسعار بعض المواد الأولية الغذائية على المستوى العالمي"، وطمأن اللبنانيين إلى "توافر كل السلع الغذائية بكميات كبيرة تفيض عن حاجة استهلاك اللبنانيين والزائرين خلال الشهر الفضيل"، واشار الى أن "المستوردين اللبنانيين قاموا بتنويع مصادر السلع الغذائية من دول منشأ عديدة، ما يتيح للمستهلك خيارات عديدة للصنف الواحد بما يتناسب مع ذوقه وإمكاناته"، وأوضح أن "تنويع مصادر الغذاء من دول عديدة مضبوط ضمن معايير محددة، لا سيما الالتزام بالمواصفات والمعايير التي تحددها القوانين اللبنانية".
إذا البضائع متوافرة فلا داعي للقلق، لكن ماذا عن الأسعار التي أكد البحصلي على أنها مستقرة مع هامش تغيير بسيط للأسعار، هل سيلتزم التجار؟ أم سيطلقون العنان للأسعار التي لا تقف عند حدود؟ فالارتفاع لا يوفر أي منتج لتصيبه حمى الأسعار وتكوي اللبنانيين، مع تحسر على الطبقة الفقيرة التي باتت تشكل وفق بيانات البنك الدولي 70% من المواطنين، فهل من معين للفقير؟
يذكر أن مؤشر أسعار الاستهلاك في لبنان سجل لشهر كانون الثاني 2025 ارتفاعا وقدره 1.10 % بالنسبة لشهر كانون الاول 2024، مع العلم ان التغير السنوي لمؤشر أسعار الاستهلاك عن كانون الثاني 2025 بلغ 16.09 % بالنسبة لشهر كانون الثاني من العام 2025.
طمع التجار
الجميع ينتظر شهر الصيام لكن كل على طريقته، وللتجار طريقتهم فهم ينتظرون هذا الشهر لرفع أسعار بضائعهم ويزيدوا الحمل على اللبنانيين أكثر، وكأن الغلاء لا يعرف الصوم في لبنان.
السيدة أم محمد وهي موظفة، لديها عائلة مكونة من 3 أشخاص، تصف المائدة الرمضانية بالعامرة، لكنها تضيف كان ذلك في الماضي أما اليوم ونحن على ابواب الصيام الله يستر على الأكيد، فـ "المائدة الرمضانية ستكون فقيرة "مثلنا" تختصر بنوع واحد فقط "، عازية ذلك الى ارتفاع أسعار اللحومات والمواد الأولية التي تحتاج اليها لإعداد طبق واحد.
ليلى تشاطر أم محمد الرأي، وهي ربة منزل، فتقول: "نحتاج إلى ميزانية أخرى لمائدة رمضان"، ففي السابق كانت تصنع الكثير من الأطباق دون حساب، أما اليوم فالوضع اختلف إذ إن كل شيء بحسابه، مكتفية بطبق واحد يضاف اليه طبق الشوربة.
من جهته، قال عبدالله وهو رب اسرة طفح به الكيل من ارتفاع الاسعار وطمع التجار: "زمن الصوم فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العام، لجني الأرباح وزيادة الثروات على حساب الناس"، مضيفا "أي مائدة رمضانية يمكن الحديث عنها اليوم، فالشعب وصل إلى درجة عالية من الفقر، فلم يعد بمقدوره حتى الحلم بمائدة الأمس، فهو اليوم "يلا يسد رمقه".
الجميع يشتكي من الاسعار المرتفعة، وحتى التجار، فسامي وهو صاحب محل تجاري يؤكد أن " ارتفاع الأسعار مرتبط بالتجار وأسواق الحسبة والجملة التي نشتري منها، وقد تفاجأنا بالأسعار كالناس، ولم نكن نتوقع أن يشمل الغلاء جميع الأصناف، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان وزمن الصوم".
بالمقابل، يشكو الناس من فوضى الأسعار وفروقاتها بين المناطق والمتاجر، حتى صار شراء السلع الغذائية مهمة شاقة يتكبدها اللبنانيون، بحثًا عما هو أرخص، وكثر باتوا يستبقون حلول شهر رمضان بالتبضع و "التمون"، لئلا يضطروا إلى دفع زيادات هم في غنى عنها، خصوصاً في ظل الأوضاع الحالية.
أصبحت مائدة الصائم فقيرة
يذكر أن التغير الشهري لمؤشر أسعار الاستهلاك عن شهر كانون الثاني 2025 على صعيد المحافظات، قد سجل النسب الآتية ارتفاعا في محافظة بيروت وقدره0.61 %، محافظة جبل لبنان 1.44 %، محافظة الشمال 1.05%، محافظة الجنوب 0.15 %، محافظة النبطية 2.62%، وانخفاضا في محافظة البقاع وقدره0.07%.
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين يؤكد أنه و "بسبب الأوضاع التي يعيشها لبنان أصبحت مائدة الصائم فقيرة، حيث تم إلغاء العديد من الأطعمة ومن.بينها الحلويات، واللجوء إلى أنواع حلويات أقل تكلفة"، مضيفاً "اللحوم والأسماك أصبحت أقل وجودا، ومعظم الأسر باتت تعتمد على الشوربة والفتوش، حتى هذا الطبق أي الفتوش أصبحت كلفته عالية، وقد ارتفعت كلفة طبق الفتوش خلال الأعوام الماضية كما يأتي: في العام 2020 بلغت 4,250 ليرة، عام 2021 بلغت 12,287 ليرة أي بارتفاع نسبته 189%.، عام 2022 بلغت 50,500 ليرة أي بارتفاع نسبته 311%، عام 2023 بلغت 174,127 ليرة بارتفاع مقداره 123,627 ليرة ونسبته 245%، عام 2024 بلغت 287,970 ليرة أي بارتفاع عن العام الماضي مقداره 113,843 ليرة ونسبته 65.3%.
وفي حال احتساب سعر الكلفة وفقاً لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، نتبين أنه كان يبلغ نحو 1.58 دولارا، وارتفع إلى 3.2 دولار (مع سعر صرف الدولار 89,500 ليرة) أي بارتفاع نسبته 102%.
واذ كان اللبنانيون معتادين ارتفاع أسعار الخضر مع حلول شهر رمضان، باعتبار ان الطلب يزداد على مكونات الصحن الرئيسي "الفتوش" على طاولة الإفطار، فكيف ستكون الاسعار وخصوصاً ان شهر رمضان يتزامن مع فترة الصوم عند المسيحيين، حيث يرتفع أيضاً الطلب على الخضر والبقوليات؟ وهل سيكون اللبناني على موعد من شهر ملتهب في الأسعار لكل المكونات اللازمة لإعداد أي طبق، وسط غياب للرقابة لوزارة تفتقد الكوادر البشرية لتغطية كل المناطق اللبنانية؟
لخطة إصلاح عاجلة
مصدر في وزارة الاقتصاد والتجارة أكد أن "دور الوزارة يقتصر فقط على تسطير محاضر ضبط، الأمر الذي لا يمنع أو يردع التجار من التلاعب بالأسعار"، مشدداً "على وجوب أن يكون المواطن شريكا في عملية الرقابة، إذ يجب أن يتأكد من الأسعار المعروضة والأسعار التي تتم محاسبته على أساسها عند المحاسبة، فضلا عن أن القانون يفرض على كل صاحب متجر أن يعرض سعر المواد المعروضة للبيع بشكل واضح للجمهور".
موجة ارتفاع الأسعار ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكمات لسياسات خاطئة منذ عقود يواجهها اللبناني كل يوم، والأمر بات يتطلب خطة إصلاح عاجلة، ليشق لبنان طريقه الى النهوض والسلام الذي يتطلع إليه جميع اللبنانيين، من قبل الحكومة الجديدة برئاسة القاضي نواف سلام، الذي أكد على أنه " آن الأوان لنقول كفى بسبب سياسات أفقرت اللبنانيين، ونبدأ بناء فصل جديد للعدالة والتقدم والفرص".
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الجديدة في البلاد أخذت الثقة في المجلس النيابي بأغلبية 95 صوتا لمصلحتها، مقابل 12 صوتا ضدها، وامتناع 4 نواب عن التصويت.
يتم قراءة الآن
-
خطوط حمراء للحزب: لبنان لن يدور يوما في الفلك "الاسرائيلي"
-
المنطقة العازلة تمهيد للتقسيم وجنبلاط يحذّر من الفوضى الحكومة أمام اختبار إعادة الإعمار بلا ابتزاز
-
الشمال السوري لتركيا والجنوب السوري لـ "إسرائيل"
-
بعد الثقة... سلام يحسمها: لن نقبل بشروط سياسية لاعادة الاعمار! عون في السعودية الاثنين وفي مصر الثلاثاء
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
17:20
الإمارات وقطر وعُمان تعلن غدا السبت أول أيام شهر رمضان
-
17:13
السعودية: السبت أول أيام شهر رمضان
-
16:51
التحكم المروري: - حركة المرور كثيفة من الكرنتينا باتجاه الدورة وصولا الى الزلقا
-
16:51
التحكم المروري: حركة المرور كثيفة جدا على اوتوستراد نهر الكلب باتجاه صربا وعلى طريق ذوق مصبح صعوداً
-
16:27
ماكرون: أوروبا سترد على الرسوم الجمركية الأميركية في الوقت المناسب
-
16:26
الطيران الحربي الاسرائيلي يحلق على علو منخفض فوق البقاع وبعلبك والبقاع الشمالي
