هل الفطريات تشكل خطراً على الحامل؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يُعد الحمل فترة حساسة تمر فيها المرأة بتغيرات هرمونية وجسدية تؤثر في صحتها بطرق مختلفة، ومن بين المشكلات الصحية التي قد تواجهها الالتهابات الفطرية. تُعد العدوى الفطرية شائعة خلال الحمل، خاصة في المهبل والفم والجلد، وذلك بسبب التغيرات في الجهاز المناعي ومستويات الهرمونات. ورغم أن معظم الالتهابات الفطرية غير خطيرة ويمكن علاجها بسهولة، إلا أن هناك بعض الحالات التي قد تتطلب انتباهًا طبيًا خاصًا. فمتى تصبح الفطريات خطرًا على الأم والجنين؟

تزداد احتمالية الإصابة بالعدوى الفطرية خلال الحمل نتيجة مجموعة من العوامل التي تؤثر على التوازن الطبيعي للبكتيريا والفطريات في الجسم. التغيرات الهرمونية، خاصة زيادة مستويات الإستروجين والبروجستيرون، تؤدي إلى ارتفاع نسبة الجليكوجين في المهبل، مما يعزز نمو الفطريات، وأبرزها فطر الكانديدا. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الجسم أثناء الحمل على تقليل استجابة الجهاز المناعي لمنع رفض الجنين، مما يجعل المرأة أكثر عرضة للعدوى الفطرية. كما أن ارتفاع نسبة السكر في الدم، خاصة عند النساء المصابات بسكري الحمل أو اللواتي لديهن تاريخ مرضي مع السكري، يخلق بيئة مثالية لتكاثر الفطريات. كذلك، فإن استخدام المضادات الحيوية لعلاج التهابات أخرى قد يؤدي إلى قتل البكتيريا النافعة في الجسم، مما يسمح للفطريات بالنمو دون مقاومة طبيعية.

الالتهابات الفطرية المهبلية هي الأكثر شيوعًا بين النساء الحوامل، حيث تحدث بسبب نمو فطر الكانديدا في بيئة المهبل الرطبة. تؤدي هذه العدوى إلى ظهور أعراض مزعجة مثل الحكة الشديدة، الإفرازات البيضاء الكثيفة التي تشبه الجبن، وألم أو حرقة أثناء التبول أو الجماع. وعلى الرغم من أن هذه العدوى لا تشكل خطرًا كبيرًا في معظم الحالات، إلا أنها قد تسبب مضاعفات مثل الولادة المبكرة أو انتقال العدوى إلى المولود أثناء الولادة. إلى جانب الالتهابات المهبلية، يمكن أن تصاب المرأة الحامل بالقلاع الفموي، وهو عدوى فطرية تصيب الفم وتسبب ظهور بقع بيضاء أو صفراء على اللسان وسقف الفم، مصحوبة باحمرار وألم وصعوبة في البلع في بعض الحالات. وإذا لم يتم علاج القلاع الفموي، فقد تنتقل العدوى إلى الرضيع أثناء الرضاعة، مما يسبب له التهابات فطرية في الفم أو طفحًا جلديًا في منطقة الحفاض. كما يمكن أن تعاني المرأة الحامل من الفطريات الجلدية، خاصة في المناطق التي تزداد فيها الرطوبة مثل تحت الثديين، بين الفخذين، أو تحت الإبطين. تظهر العدوى الجلدية على شكل احمرار، تقشر للجلد، وحكة شديدة، وقد تصبح مؤلمة إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.

والجدير بالذكر أن معظم حالات العدوى الفطرية خلال الحمل ليست خطيرة إذا تم علاجها في الوقت المناسب، لكن هناك بعض الحالات التي قد تستدعي تدخلاً طبيًا عاجلاً. من بين هذه الحالات، تكرار العدوى المهبلية أكثر من أربع مرات خلال فترة الحمل، حيث يمكن أن يكون ذلك مؤشرًا على اضطراب في مستويات السكر في الدم أو مشكلة مناعية. كما أن انتشار الفطريات إلى مجرى الدم، رغم ندرته، قد يؤدي إلى عدوى جهازية خطرة تهدد صحة الأم. عدم الاستجابة للعلاج هو أيضًا علامة تستدعي القلق، حيث قد يشير إلى مقاومة الفطريات للأدوية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب بعض أنواع العدوى الفطرية مضاعفات على الجنين، مثل زيادة خطر الولادة المبكرة أو انتقال العدوى إليه أثناء الولادة، مما قد يؤدي إلى التهابات فطرية جلدية أو فموية لديه.

للحد من خطر الإصابة بالفطريات أثناء الحمل، من المهم اتباع عادات صحية تقلل من فرص تكاثر الفطريات. يُنصح بارتداء ملابس قطنية مريحة وتجنب الملابس الضيقة التي قد تزيد من رطوبة الجسم، كما يجب الحفاظ على جفاف المناطق الحساسة، خاصة بعد الاستحمام. التقليل من تناول السكريات أمر ضروري، حيث إن الفطريات تتغذى على السكر وتتكاثر بوجوده. بالإضافة إلى ذلك، يُفضل تجنب استخدام الصابون المعطر والغسولات المهبلية القوية التي قد تؤثر على توازن البكتيريا النافعة. ومن النصائح المفيدة أيضًا تناول الزبادي والبروبيوتيك، حيث تساعد هذه الأطعمة على تعزيز نمو البكتيريا المفيدة التي تقاوم الفطريات بشكل طبيعي.

ختاماً، الالتهابات الفطرية شائعة بين النساء الحوامل بسبب التغيرات الهرمونية والجسدية التي تؤثر على الجهاز المناعي وتوازن البكتيريا في الجسم. ورغم أن معظم هذه العدوى لا تشكل خطرًا كبيرًا، إلا أن بعض الحالات قد تتطلب متابعة طبية دقيقة لتجنب المضاعفات المحتملة. لذلك، يُنصح بالاهتمام بالوقاية من خلال العناية بالنظافة الشخصية، واتباع نمط غذائي صحي، واستشارة الطبيب فور ظهور أي أعراض غير طبيعية لضمان سلامة الأم والجنين.