إذا اردنا اختصار الزمن بتاريخ قلنا الأول من آذار. وإذا اردنا اختصار العظمة برجل قلنا أنطون سعاده.
كان صنين يرسل نقاط الندى عبر المنحنيات الى الاودية والقرى المتربعة على الهضاب وضفاف الأودية، ليدب فيها شعور الولادة، بعد ان ملأها الشتاء ببذور الحياة. كان الضباب يلف مدينة الشوير، وينشر العتمة في دروبها وعلى شرفاتها ويتغلغل بين اغصان الأشجار، ممهدا لهبوط الرزاز على الازهار، معلنا بداية فصل الولادات.
لم تكن تدري مدينة الشوير التي يطل عليها صنين ويراها الناظر انعكاسا طبق الأصل له، وفي ناسها ما فيه من أنفة وشموخ وكرامة، انها ستختصر الزمن بيوم واحد، وان عظمتها الطبيعية وعظمتها في رصف الحجارة في قصور أمراء الزمان، لم تعد كافية، ولا تُشبع روحها، فهي اعتادت على استقبال بشوق المشتاق الى الدفء، والذي أنهكه جمال الثلج وقساوة البرد بذرة الابداع، التي ستنمو لتصبح حدثا جديدا يطرق أبواب العالم، لم تكن تعلم ان الأول من آذار سيحمل لها أريج ولادة تزور الكون وتبشر بتغيير وجه التاريخ.
أعاد الأول من آذار الى صنين العافية والى غابات السنديان زهوة الحياة، والى تلك الأودية ألأمان من غضب الله وجحافل الخراب في عز البرد وعز القيظ.
الأول من آذار ليس محطة ولا قطارا، الاول من آذار ولادة عقيدة حددت الهوية، وعينت الوطن والأمة، واحتوت المحطات والقطارات وكل مظاهر الحياة.
استلهم عظيم الأول من آذار من التاريخ روحه، ومن العلم قواعده، ومن الفلسفة منطقها، ومن الطبيعة لوحاتها وتعقيدات وجودها، فكان السجل الجديد للتاريخ الآتي، وكان صاحب الرسالة الجديدة الداعية الى قيم الحق والخير والجمال.
نحن لا نخاطب فتى الأول من آذار الخطاب الجامد لأنه ما كان يوما يُحب الجمود، ولا نخاطبه خطاب القداسة لأنه ثار على قداسة النص، وأكد ان العقل هو الشرع الأعلى، نخاطب الأول من آذار خطاب العقل وخطاب النفس التواقة الى الابداع، وخطاب الروح التي لا ترضى بغير وقفات العز.
أخاف على الأول من آذار من ذويه قبل خصومه، أخاف عليه من أطفاله الذين يكسِّرون في مجاذيفه، ويزعمون انهم يسيرون به الى النصر.
أخاف على الأول من آذار من ان يبيعه اهله بثلاثين من الدولار، أخاف عليه من شدة بردهم وقساوة قيظهم.
جمعت مناسبات الأصدقاء القوميين الاجتماعيين فكيف لا يجمعهم الأول من آذار؟
كم نحتاج للعودة الى فضاء أنطون سعادة، بعد ان سبحنا في فضاءات الآخرين وغرقنا في وحول المستنقعات.
فشلت كل محاولات إصلاح العمارة من الأعلى، فلنحاول إعادة بنائها من المدماك الأول.
إذا اردنا اختصار الزمن بتاريخ قلنا الأول من آذار، وإذا اردنا اختصار العظمة برجل قلنا أنطون سعاده.
يتم قراءة الآن
-
لبنان تحت المجهر الدولي... قرارات حاسمة في الأفق حرب الساحل السوري تنعكس توترا في طرابلس ــ عكار ــ الهرمل ــ القصير
-
الترويكا الأميركيّة لإدارة لبنان
-
الضغوط تخلي معلولا من المسيحيين...أين المجتمع الدولي من الهجرة المسيحيّة من سورية؟ مخاوف من اتباع سياسة ممنهجة لإفراغ المناطق الدينيّة وقلب المعادلة الديموغرافيّة...!!
-
مقتضيات «الوحدة الوطنية» تنتج التعيينات الامنية والعسكرية اجماع على رفض التطبيع... ونتانياهو: لن ننسحب من لبنان «القوات» تستعجل طرح ملف السلاح... والرئيس مع التريث!
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
21:48
زحمة سيارت خانقة والسير متوقف على طريق بشارة الخوري باتجاه وسط بيروت
-
21:24
غارة إسرائيلية جديدة استهدفت جرود بلدة ماسا الحدودية مع سوريا في السلسلة الشرقية
-
21:22
العدو يلقي بالونات حرارية الان في البقاع بشكل مكثف.
-
21:02
تجدد الغارات الاسرائيلية على السلسلة الشرقية
-
20:22
تحليق مكثف للطيران الحربي والمسيّر في الأجواء البقاعية
-
20:19
الغارة الإسرائيلية الثانية في السلسلة الشرقية استهدفت مرتفعات جرود قوسايا
