اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



ها هي الحية تضغط بكل قوتها على جسد الأمة ، ونحن نختلف على جنس الكلام وجنس الفساد وجنس الشرعية، ونرابط خلف ستار من الوهم، زاعمين اننا نقبض على القضاء والقدر .

الحية تضغط، ونحن نجاهر بالاصطفاف حول مطاحن مسموعة الصوت مرئية الشكل، لكنها قليلة العطاء، تنذرنا حركتها بخراب كواراتها، نتحاجج برمي المسؤوليات، ويحاول كل واحد منا تبرئة نفسه من ذنب لم يرتكبه، ويتنصل من مسؤولية مطلوبة منه.

بعضنا ودّع الأول من آذار وخرج من صرح العرزال دون بيان او حديث، لكنه أكثر من الإشارات من حيث لا يدري، وأصبح حفيدا لمشايخ الديماس.

لم تهز وجداننا القومي حرب الإبادة في فلسطين، ولا حرب الدمار الكامل على جنوب لبنان، ولا حتى الزلزال الكبير الذي أصاب الشام والمبشر بعودتنا الى أزمنة الجهل والذل والعار، والى سقوطنا الى أجل غير مسمى، لم يحرك فينا شعور الضرورة بالخروج من عملية التدمير الذاتي.

ان امتلاك جزء صغير من الحقيقة، لا يعني انك صاحب الشرعية وصاحب القرار ، فكل حالة تنظيمية تملك شرعية مزعومة في مكان ما، لكن لا تخولها هذه الشرعية المزعومة ان تكون أم الصبي، الذي من أجله وأجل مبررات وجوده نعمل ليل نهار.

نحن مصابون بداء العمى وداء التذكار، فلا نرى حجم ما يمثل حالنا الآن، ولا نتذكر كيف كنا، ونرفض ان نعترف اين أصبحنا.

نخجل عندما نسمع بعضنا يقرع على طبول النصر ، وكلنا يرى ضحالة وجودنا في الواقع.

بعضنا يخاف الخلوة مع الذات، لأنه يدري عواقب التفكير بعيدا عن ضجة الملوثات التي أصابتنا في الصميم.

هي مكاشفة مع الذات وحساب للنفس والروح على ما نرتكبه من هفوات نعتقدها بسيطة، لكنها في الحقيقة قاتلة.

ما عدنا ندهش بعضنا ولا الآخر.

الدهشة مفتاح الايمان وطريق الانتماء.

دخلنا في الأول من آذار جماعات جماعات وتنظيمات تنظيمات، وأفرادا فضلوا العزلة والانطواء، ولا يخطر ببالنا ان نسأل لماذا نحن على هذه الحال.

أتذكر في الأول من آذار كلاما للشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري ينطبق على حالنا:

"في اللاذقية ضجة ما بين احمد والمسيح، هذا بناقوس يدق، وذا بمئذنة يصيح ، كل يعظم دينه يا ليت شعري ما الصحيح"؟

كم أخاف ان تتحول التنظيمات والمجموعات الى طوائف ومذاهب ومدارس في النكاية والصبابة والباطنية. اخاف ان يصبح خلاف القوميين كخلاف المسيحيين على المسيح والمحمديين على محمد، فتستحيل وحدتهم ويتعطل تقدمهم نحو أنطون سعادة.

الحية أشرفت على الاطباق على الأسد اذا لم يصمد ويقاوم ويفتش عن رأسها ليقتلها، الحزب بما هو فكرة وحركة هو قوة الأسد، وستفشل الحية في اللحظة الأخيرة، ويُفك الطوق عن الأسد الذي يكاد يقتلها.

لماذا لا يُحول القوميون الاجتماعيون نقمتهم الى انشاء أوسع دائرة حوار، يتفاعلون ويتكاملون وينتجون مخرج الخلاص.

كم أحب ان اسمع حديث المخارج العملية بعيدا عن التعصب التنظيمي والنزعة الفردية.

ليتنا ندرك جميعا أننا نرتكب الخطيئة ونتوقف عن رجم بعضنا ونتعظ من ماضينا، فلا نهادن المرتكبين ولا نسامح المتورطين في الانحرافات الفكرية والدستورية والسياسية.

لماذا لا يُحول القوميون الاجتماعيون يأسهم من التنظيمات الى حراك يجمعهم، ويعيد بناء الحزب ويستكمل التأسيس؟