من سوء حظ قمة بيروت عام 2002 التي أطلقت المبادرة العربية، أنها عقدت في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، بذلك الفريق من الضباع (ديك تشيني، دونالد رامسفيلد، كوندوليزا رايس، بول وولفوويتز، ريتشارد بيرل ودوغلاس فايث)، وبوجود أرييل شارون على رأس الحكومة في "اسرائيل"، ليعلن بدباباته التي اقتحمت مخيم جنين، قبل أن تطوى الأعلام أمام فندق فينيسا وفاة المبادرة.
ومن سوء حظ قمة القاهرة عام 2025، التي خرجت بالخطة المصرية، أنها عقدت في عهد دونالد ترامب، بذلك الفريق من الأدمغة السوداء (جيمس ديفيد فانس، ماركو روبيو، بيت هيغسيث ومايك والتز)، وبوجود بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة في "اسرائيل"، ليصف بيان لوزارة الخارجية الخطة بأنها "مغرقة في وجهات نظر عفا عليها الزمن"، مع رفض الاعتماد على السلطة الفلسطينية، وبقاء "حماس" في غزة.
للتو نشرت "جيروزاليم بوست" صورة للرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يصافح نظيره الايراني الراحل ابراهيم رئيسي، مع لذلك من دلالات سياسية في هذا الوقت بالذات، لتكون الضربة المميتة لخطة ولدت ميتة.
في القمة الأولى، سقطت المبادرة الديبلوماسية لأنها، وكما ذكرنا سابقأ، دست "خلسة"، وخارج رغبة الأكثرية، بند العودة، ودون أن تطأ أرض المبنى الزجاجي في نيويورك. لا داعي للرهان على نهاية مختلفة للقمة الأخيرة، وحيث الخطة خلت من أي اشارة الى النواة الفلسفية أو التاريخية للأزمة.
بصوت خافت وهادئ، أعلن الرئيس المصري خطته التي اطّلع عليها أكثر القادة قبل يوم القمة. صياغة ضبابية ولا تمس بشعرة في رأس دونالد ترامب. الرجل واقعي (ربما أكثر من اللزوم)، ولاحظ كيف كان الرئيس الأميركي ينظر الى ضيفه الأردني الملك عبدالله الثاني، وكيف كاد أن يحمل فولوديمير زيلينسكي ويلقي به من النافذة.
دقات مخملية على باب البيت الأبيض. القادة العرب رفضوا بالاجماع تهجير سكان غزة، ولاحقاً سكان الضفة الغربية. ولكن كيف يمكن التصدي للمشروع الأميركي ـ "الاسرائيلي" اذا كانت الخطة مثل المبادرة من دون أسنان؟ الصورة تبدو هكذا القفازات الحريرية لمواجهة جنازير الدبابات.
لا نتصور أن رئيس الحكومة "الاسرائيلية"، الذي يعرف ما أحوال القادة العرب وما هي أولوياتهم اكترث بانعقاد القمة، أو قرأ المقررات التي يعرف مسبقاً ما خلفياتها وما مفاعيلها، بعدما حصل على الضوء الأخضر من البيت الأبيض لتغيير الشرق الأوسط وفق الرؤية التوراتية. هل كان يفترض بالقادة، قي تلك القاعة المهيبة البعيدة عن ثقافة الخنادق أو عن ثقافة الملاجئ، أن يضعوا "التوراة" أمامهم باعتبارها خارطة الطريق لاقامة "أمبراطورية يهوه" لا أمبراطورية يعرب بن قحطان؟
هذا بعدما لاحظ القادة أثناء الحرب الأخيرة، مدى التماهي الاستراتيجي، وحتى التماهي الايديولوجي، بين واشنطن وأورشليم. دونالد ترامب قال علناً بتوسيع حدود "أرض الميعاد" (بتوصية الهية). واضحة تماماً الخريطة التي عرضها نتنياهو أمام العالم في الأمم المتحدة:
لجنة تقنية لادارة القطاع مدة 6 أشهر، على أن يكون ذلك باشراف السلطة الفلسطينية. أي سلطة حين نرى الدبابات تقتحم مدن الضفة ومخيمات الضفة. تقتل مَن تقتل، تعتقل مَن تعتقل، تهدم ما تهدم، وتحرق ما تحرق، لتقتصر مهمة السلطة اما على التنديد أو على التبرير، وبلغة ببغائية تثير الغثيان. على كل حكومة نتنياهو لا تريد أي وجود للسلطة في القطاع، في حين يقول المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي براين هيوز ان الخطة "تتجاهل واقع كون القطاع مدمراً، ولا تعالج حقيقة مفادها أن غزة غير صالحة للسكن حالياً" ، ليضيف أن ترامب متمسك بـ"غزة خالية من حماس". في الظل، كلام عن ترحيل المقاتلين الى تركيا أو الى ايران، ناهيك عن... أفغانستان !!
في رأس الرئيس الأميركي الضفة "اسرائيلية"، وغزة "اسرائيلية" (أو أميركية ). هكذا، كان يفترض بالقادة العرب لا الكلام الضبابي الذي يبقي الأزمة في عنق الزجاجة، بل البحث عن مكان يمكن اقامة الدولة الفلسطينية فيه، ما داموا يمتلكون تلك المساحات الشاسعة والخاوية.
متى كانت الديبلوماسية تهز "اسرائيل"؟ هذه حالة اسبارطية، تقوم على ايديولوجيا القوة (القوة العمياء)، على كل حال هذا هو منطق التاريخ. حين دعا ناحوم غولدمان، وهو أحد آباء الدولة، لتحويلها الى فاتيكان يهودي، رد عليه مناحيم بيغن "هل تريد أن تقدم يهوه هدية لأولئك الوحوش"؟
آلاف الطائرات وآلاف الدبابات وملايين الضباط والجنود، ودون أن يمتلك العرب الحد الأدنى من القوة لحماية أرضهم. ظاهرة غرائبية ولا مثيل لها. لبنان تحت الغارات "الاسرائيلية"، نفهم ذلك، دون أن نفهم لماذا الغارات على سوريا، وبتبريرات كاريكاتورية، مع أن الرئيس أحمد الشرع الذي طلا شعره بـالـ GEL وهو يلقي كلمته في القمة، للتدليل على انتقاله من ليل الكهوف الى ليل القصور، لم يقل يوماً بالعداء "لاسرائيل".
سواء من يمدون أيديهم، أو من يرفعون قبضاتهم. هكذا تريدهم "اسرائيل"... هياكل عظمية في حضرة الهيكل!!
يتم قراءة الآن
-
لبنان مع العرب في مواجهة «الخطط الترامبية»... «بيك المختارة» متخوف من فتنة داخل «البيت الدرزي»: حذارِ اللعب حاكمية مصرف لبنان: سعيد مقابل أزعور وأموال المودعين الحكم
-
شرط ترامب لمشروع مارشال عربي ــ دولي للبنان: فما هو الثمن السياسي؟ توجس لبناني من «اسرائيل» حول ابقاء منطقة عازلة جنوبا
-
هل قضى زيلينسكي على سوريا؟! ومتى تدخل اسرائيل الى دمشق؟
-
تماثيل الشمع بين كاليغولا ودراكولا
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
09:10
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعين ألكسندر دارشييف سفيرًا جديدًا لروسيا في الولايات المتحدة
-
08:24
الطيران "الاسرائيلي" المسيّر يحلق بكثافة منذ صباح اليوم في أجواء مدينة صيدا وشرقها
-
22:17
القناة 12 "الإسرائيلية": رئيس الأركان يقرر تفكيك وحدة الاستراتيجيا بشأن إيران وتوزيع مهامها على وحدات الجيش، كما قرر إنشاء لواء مشاة إضافي، ولواء دبابات إضافي.
-
22:16
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: حسم مستقبل أوروبا ليس من شأن واشنطن أو موسكو، وفرنسا ستجمع الأسبوع المقبل رؤساء أركان جيوش الدول المستعدة لضمان السلام في أوكرانيا.
-
22:16
نيويورك تايمز عن مصادر: اجتماعات سموتريتش بواشنطن تعكس ترحيب إدارة ترمب بمواقف اليمين المتطرف في "إسرائيل".
-
22:16
وزير الخارجية "الإسرائيلي": المستشارة القانونية أصبحت لاعبا سياسيا يعمل بشكل منهجي ضد الحكومة بهدف الإطاحة بها.
