إن تقسيم سوريا هو «قرار»، ليس أكثر! ومن غير المعروف ما إذا كان هذا القرار متخذاً أم لا؟ مع أن المؤشرات توحي بإرادات تقسيمية لسوريا وللمنطقة.
وتقسيم سوريا أمر قد يكون حدث وانتهى إذا ما كان القرار متخذاً في البيت الأبيض مع إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب! وقد يكون ما يجري اليوم هو خارطة طريق لتطبيقه! وهو قرار يبدو وكأنه قد خرج من أيدي الشعب السوري!
إن الأسابيع والأشهر المقبلة ستكشف حقيقة ما إذا كان هذا التقسيم قد حصل فعلاً على الورق بالطول والعرض، ويُستكمل الآن تطبيقه على الأرض!
تحول الشرق الأوسط مؤخراً الى أرض انتداب أميركية. في زمن عادت وتعود الجمهوريات السوفياتية السابقة الى محميات الأخ الأكبر، القيصر الروسي. كما من المتوقع أن يتحول جنوب القارة الآسيوية الى أرض انتداب صيني. (وللموضوع حديث مستقل لاحق)!
لا شيء بالمجان في السياسة الدولية! «ما في شي ببلاش»!
السؤال المشروع في الأيام الأخيرة هو كم قبض الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ثمن «بهدلة» الرئيس الاوكراني فلودومور زيلينسكي في البيت الأبيض؟!
وهل يمكن اعتبار ما يحصل اليوم في سوريا، من أفكار تقسيمية، مفاجأةً، غداة حادثة البيت الأبيض؟! وهل يمكن اعتبار الأحداث في سوريا وأوكرانيا مستقلة عن بعضها البعض؟! على الأرجح، لا!
إن الزلزال الديبلوماسي والسياسي في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض فاق التسع درجات على مقياس ريختر! وستتوالى ارتداداته طوال ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب. وستدفع أوكرانيا، كما سيدفع الرئيس الأوكراني زيلينسكي شخصياً أثماناً باهظة له!
سقط نظام الأسد في سوريا بكلمة! سقط بكلمة وليس بالحرب! سقط بكلمة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتن الذي أوضح للرئيس السوري السابق بشار الأسد أن روسيا لا تستطيع، أو لا تريد، حمايته أو دعمه!
روسيا قامت بتلزيم تركيا والرئيس رجا الطيب أردوغان الدخول الى دمشق داعماً هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني، الذي تحول الى الرئيس أحمد الشرع!
هل كان يمكن للرئيس التركي أردوغان إرغام روسيا، أو عدم التعاون معها في هذه المخططات؟ من المستبعد ذلك! علماً أن تركيا القريبة جداً من روسيا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي. ولكنها عضو نافذ في حلف...الناتو!
دخلت اسرائيل الى سوريا بسهولة فائقة، ومن دون أي مقاومة تذكر. وهي تتواجد حالياً على أبواب دمشق! ولا شيء يمنعها من دخول دمشق سوى القرار الأميركي! ولا يبدو حتى الآن على الأقل أنه هناك نية اسرائيلية، أو أميركية على الأقل، بدخول دمشق!
قامت اسرائيل غداة سقوط نظام الأسد بتدمير كامل للبنية التحتية للجيش السوري. وهي ضربت المطارات والمرافىء، الطائرات والطرادات، مراكز الصواريخ ومخازن الأسلحة والآليات... من دون حسيب أو رقيب! علماً أن هذه التجهيزات لم تتسبب في أي أذية لاسرائيل في زمن الأسد! ولكنها قد تتحول الى خطيرة في أيدي «خلفائه غير الراشدين» من وجهة نظرها.
لعبة الكراسي الموسيقية في السياسة الإقليمية أطاحت بالرئيس بشار الأسد وبالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وبالأمين العام التالي هاشم صفي الدين، وبقادة حماس اسماعيل هنية ويحيى السنوار... وهي ستطيح بزيلينسكي، الذي قد لا يكون في الإطار الرئيسي في صورة المرحلة المقبلة!
الصين خلف روسيا في البريكس. والاتحاد الأوروبي يتمّ تقزيمه سياسياً. ومحاولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع المستشار الألماني أولاف شولتز، وحتى مع بريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي، لتكوين جيش أوروبي مستقل عن الناتو، تبدو يائسة!
ترامب يقول للأوروبيين الأمر لي! ويقول لهم إنهم لا يستطيعون الفوز على بوتين، وإنه لا يريد حرباً عالمية ثالثة، وإنه يريد السلام، وإنه يجب بالتالي وقف الحرب الروسية الاوكرانية! وهو يتهم الرئيس الاوكراني زيلينسكي بإرادة الاستمرار بحرب خاسرة ومن دون أي أفق!
توسع اتفاقات ابراهام
اتفاقات أبراهام مرشحة للتوسع في الشرق الأوسط، ولكن ليس قبل الوصول الى مصير «ما» لغزة!
وإن كان مصير غزة يصعب أن يكون ريفييرا أميركية، وليس مستحيلاً أن يكون ترانسفير!
لذلك، فإن الضغوط الأميركية على لبنان وسوريا للتطبيع مع اسرائيل تنتظر موافقة المملكة العربية السعودية على حل مقبول للإعتراف بدولة فلسطين، ينطلق من وجهة نظرها من حل الدولتين، الذي ترفضه حكومة الرئيس الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.
لم تنتهِ الأمور في المنطقة بعد! ومع ذلك، يبدو التطور في هذه المرحلة باتجاه التهدئة! ولكن مسائل عدة قد تؤدي الى انزلاقات أمنية كبيرة. ومنها مسألة عودة ما تبقى من رهائن اسرائيلية لدى حماس، تحريك عسكري سوري ضد الرئيس أحمد الشرع، محاولة ضرب المنشآت النووية الإيرانية...
ضرب إيران أم ترويضها؟ تلك هي المسألة! فالانتداب الأميركي لن يترك إيران خارج الحظيرة الشرق أوسطية. وهو لن يتركها تشكل تهديداً لاسرائيل، وخاصةً نووياً. لذلك فإن تدمير المنشآت النووية الإيرانية لن يتأخر، إلا إذا ما حصل ذلك طوعاً بإلغاء أي إمكانية لعسكرته!
في زمن الأمن الإسرائيلي على لبنان، وبخاصةٍ في ظل عدم تطبيق اسرائيل الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، يدخل لبنان مرحلة هدوء كبير... نسبي، مع جهود ديبلوماسية دولية كبيرة لإلزام اسرائيل بالانسحاب الكامل تطبيقاً للقرار الأممي 1701.
لا لبنان، ولا حزب الله يريدان تجدد الحرب والقتال. بل الكل يسعى الى إعادة الإعمار. في حين أنه يبدو أن اسرائيل ستستمر على الأقل بمسلسل اغتيالاتها وبالبقاء في النقاط الخمس. ولبنان أمام خيار صعب؛ إما التعايش مع هذا الواقع مرحلياً في ظل الجهود الديبلوماسية للخروج منه، وإما العودة لمواجهات عسكرية تفوق طاقته!
يعود لبنان الى الديبلوماسية الدولية بقوة مع إعادة بناء مؤسساته. وحركة الرئيس جوزاف عون العربية ستنعكس إيجاباً على علاقات لبنان مع الدول العربية، ومع سوريا الجديدة. وقد يكون الأهم فيها هو عودة النازحين السوريين الى بلادهم سورياً وإعادة الإعمار عربياً.
ويبقى الملف الأمني في لبنان هو الأكثر صعوبة مع تطبيق اتفاق وقف النار وإقناع حزب الله بالإنخراط في مقاومة الجيش اللبناني وحده.
يستمر الشرق الأوسط في مخاض لن ينتهِ عما قريب. ولكن ملامحه تتوضح يوماً بعد يوم بألوان أميركية وتوسع في اتفاقات ابراهام، وبسرعة التوصل الى حل في فلسطين غير متفق عليه بعد! فهل السباق ضد الساعة يحمل الأمن للمنطقة أم عودة للتوترات والحرب؟!
* كاتب وخبير في الشؤون الدولية
يتم قراءة الآن
-
لبنان مع العرب في مواجهة «الخطط الترامبية»... «بيك المختارة» متخوف من فتنة داخل «البيت الدرزي»: حذارِ اللعب حاكمية مصرف لبنان: سعيد مقابل أزعور وأموال المودعين الحكم
-
شرط ترامب لمشروع مارشال عربي ــ دولي للبنان: فما هو الثمن السياسي؟ توجس لبناني من «اسرائيل» حول ابقاء منطقة عازلة جنوبا
-
هل قضى زيلينسكي على سوريا؟! ومتى تدخل اسرائيل الى دمشق؟
-
تماثيل الشمع بين كاليغولا ودراكولا
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
09:10
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعين ألكسندر دارشييف سفيرًا جديدًا لروسيا في الولايات المتحدة
-
08:24
الطيران "الاسرائيلي" المسيّر يحلق بكثافة منذ صباح اليوم في أجواء مدينة صيدا وشرقها
-
22:17
القناة 12 "الإسرائيلية": رئيس الأركان يقرر تفكيك وحدة الاستراتيجيا بشأن إيران وتوزيع مهامها على وحدات الجيش، كما قرر إنشاء لواء مشاة إضافي، ولواء دبابات إضافي.
-
22:16
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: حسم مستقبل أوروبا ليس من شأن واشنطن أو موسكو، وفرنسا ستجمع الأسبوع المقبل رؤساء أركان جيوش الدول المستعدة لضمان السلام في أوكرانيا.
-
22:16
نيويورك تايمز عن مصادر: اجتماعات سموتريتش بواشنطن تعكس ترحيب إدارة ترمب بمواقف اليمين المتطرف في "إسرائيل".
-
22:16
وزير الخارجية "الإسرائيلي": المستشارة القانونية أصبحت لاعبا سياسيا يعمل بشكل منهجي ضد الحكومة بهدف الإطاحة بها.
