عقد مجلس الوزراء الخميس الماضي أولى جلساته في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبمشاركة رئيس الحكومة القاضي نواف سلام وجميع الوزراء، علمًا أنه بالظروف الحالية الصعبة جدًا التي يمر بها لبنان، يجب أن تعقد جلستان للحكومة أسبوعيًا.
كان الشعب اللبناني ينتظر صدمة إيجابية بهذه المناسبة بعد أكثر من سنتين من الفراغ، وبعد 66 يومًا من العدوان الإسرائيلي، ناهيك عن الوضع الاقتصادي والمعيشي الكارثي، لكنه لم يحصل على شيء.
بنية حسنة، أراد مجلس الوزراء البدء بتنفيذ اتفاق الطائف المليء بالبنود الإصلاحية والمفيدة جدًا للبنان، فلم يرَ سوى نقل اجتماعات مجلس الوزراء إلى مقره الرسمي في المتحف، وكأن هذا أول ما يهم اللبنانيين وما ينتظرونه منذ 35 سنة من اتفاق الطائف. على كل حال، ورغم هذا القرار الرمزي جدًا، نأمل أن يكمل مجلس الوزراء جديًا تطبيق جميع بنود اتفاق الطائف الأكثر أهمية بكثير من نقل مقر مجلس الوزراء إلى مقره في المتحف.
من ناحية أخرى، قرر مجلس الوزراء الخميس إصدار مرسوم موازنة 2025 بناءً على موازنة الرئيس نجيب ميقاتي ووزير ماليته، وكانت هذه الموازنة عشوائية، غير مبنية على معطيات علمية، اقتصادية، مالية، معيشية أو اجتماعية، إذ ترفع الرسوم على الكثير من السلع بنسبة مئات بالمئة دون أي دراسة أو جدوى اقتصادية أو علمية، ولم تأخذ حتى في عين الاعتبار العدوان الإسرائيلي على لبنان والدمار والخراب والجمود الاقتصادي والتجاري والصناعي والسياحي خلال العدوان الذي دام 66 يومًا وما زال مستمرًا، وذلك مع إنفاق على المشاريع الإنمائية لا يتعدى 10%.
43% من الشعب اللبناني يعيش تحت خط الفقر حسب البنك الدولي، وبعض كبار المسؤولين لا يجيدون سوى فرض أو زيادة الضرائب على الشعب اللبناني دون أي استثمارات في مشاريع إنمائية تستفيد منها ما تبقى من الطبقة الوسطى كما الطبقة الفقيرة. نتمنى على رئيس الحكومة إعادة إرسال موازنة 2025 بقانون معجل مكرر، وأن يتعهد مجلس النواب بدراسته وإقراره بمدة زمنية لا تتعدى الشهر، وإلا ستكون أول فضيحة على حكومة الرئيس نواف سلام في بداية عهدها. كما لا يفهم الشعب اللبناني عدم فتح الدوائر العقارية في جبل لبنان، بشكل طبيعي منذ أكثر من سنتين، لأن المعاملات العقارية تدخل مئات ملايين الدولارات إلى خزينة الدولة، ونتمنى على رئيس الحكومة ووزير المالية إعادة فتح الدوائر العقارية في جبل لبنان بأسرع وقت ممكن.
أما في ما خصّ التعيينات، فيبدو أن هناك خلافات بين الرئاسات الثلاث على المراكز الحساسة، باستثناء قائد الجيش، لذلك نتمنى أن تزول هذه الخلافات إن وُجدت، وأن يتم تعيين رؤساء الأجهزة الأمنية كافة، وحاكم مصرف لبنان الجديد، والقضاة ذوي المراكز الحساسة، مع الأخذ بعين الاعتبار الكفاءة والخبرة والنزاهة والوطنية.
أما في ما يختص بباقي التعيينات، فنتمنى أولًا أن يتم تفعيل مجلس الخدمة المدنية، وأن تُختار أفضل الأشخاص على جميع المستويات، ثم أن تختار الحكومة من بين الناجحين أفضل مسؤول أو موظف في إدارته. لكن، لنقلها بكل صراحة، ومع كامل الاحترام لكل مسؤول رفيع في الدولة، تعوّد اللبنانيون على المحسوبيات، ويُخشى مرة جديدة أن تأتي التعيينات وفقًا للمحسوبيات الرئاسية أو الحزبية، على عكس ما يتمناه ووعد به الرئيس جوزيف عون.
لبنان يمرّ بإحدى أصعب مراحل تاريخه، من الاحتلال والعدوان الإسرائيلي اليومي، إلى الأزمة الاقتصادية والمالية والمصرفية المستمرة منذ خمس سنوات، إلى الدمار الهائل في الجنوب والبقاع والضاحية، وحتى لا سمح الله إلى خطر تقسيم لبنان، إذا نجحت إسرائيل وبعض الدول في تقسيم سوريا. لذلك، المطلوب اليوم الوحدة الوطنية، وأن تعمل الدولة على الدبلوماسية بأعلى المستويات، مثل زيارة الرئيس جوزاف عون إلى السعودية، حيث اجتمع مع ولي العهد لحوالي الساعة، وحسب مصادر موثوقة مقربة من الرئيس، كان الاجتماع مريحًا ومثمرًا للطرفين، خاصة للبنان، حيث قال الأمير محمد بن سلمان للرئيس عون إن السعودية تحضّر مبلغًا ماليًا كبيرًا جدًا لدعم الجيش اللبناني، خاصة في ما يتعلق بالمعاشات والعتاد النوعي. كما، وفق المصادر نفسها، نصح الأمير بن سلمان الرئيس عون بإبرام اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي، كي تستطيع السعودية استثمار مليارات الدولارات في لبنان. ثم انتقل الرئيس إلى القاهرة للمشاركة في القمة، حيث كانت لقاءاته ناجحة جدًا أيضًا، وكانت كلمته ممتازة، إذ اختصر فيها كل مشاكل ومعاناة لبنان منذ خمسين سنة، وأعاد لبنان بقوة إلى الحضن العربي، طالبًا في كلمته انفتاح العرب على العالم، خاصة على الدول الغربية وقرارات مجلس الأمن. كذلك، من المتوقع أن يزور الرئيس نواف سلام، على رأس عدد من الوزراء، السعودية قريبًا.
كما أن المطلوب من باقي القوى، خاصة المسيحية، استيعاب حزب الله وبيئته، والتوقف عن تذكير الرأي العام بما فعله الحزب في دخوله حرب الإسناد، وردة الفعل العدوانية الإسرائيلية على النساء والأطفال والمستشفيات اللبنانية. وأنصح خصوم الحزب بمدّ اليد بكل صدق لحزب الله، لنسيان ما حصل والبدء ببناء دولة غنية بتنوعها لجميع أبنائها.
يقول مصدر دبلوماسي غربي رفيع المستوى إن الرئيس الأميركي يسعى إلى إرساء نظام عالمي جديد، فهو يريد إبعاد روسيا عن إيران وعن الصين، كي يستفرد بالصين، المنافس الأول للولايات المتحدة، كما يسعى إلى إضعاف أوروبا والسيطرة عليها سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، ويريد السيطرة على القارة الأميركية وشراء جزيرة غرينلاند، كما يسعى لتقوية نفوذ إسرائيل في المنطقة، وصولًا إلى إيران. لكن، وفق الدبلوماسي الغربي، فإن ترامب لن ينجح في مشروعه، لأنه بدأ يواجه أزمة اقتصادية في بلده، خاصة في ما يتعلق بالتضخم، ومن المتوقع أن يصل التضخم في أميركا إلى مستويات مرتفعة، ما سيثير غضب الشعب الأميركي، خاصة بعد قرار ترامب رفع التعرفة الجمركية على كل المستوردات من كندا، المكسيك، الصين، وقريبًا من أوروبا. أما بورصات وول ستريت، فقد هبطت منذ حوالي الشهر بنسبة 3.7%، وهذه مؤشرات اقتصادية قد تفرمل قليلًا قرارات ترامب العشوائية.
أما أوروبا، فقد فهمت نوايا ترامب، لذلك قرر الاتحاد الأوروبي رصد 800 مليار يورو إضافية لتطوير منظومته الدفاعية تجاه روسيا، التي أصبحت فجأة أفضل حليف لترامب، الذي يهدد بالخروج من حلف شمال الأطلسي، إذا لم يرفع جميع أعضاء الحلف ميزانية الدفاع إلى 5% من الناتج المحلي. كما قررت فرنسا زيادة كبيرة في رؤوسها النووية للدفاع عن جميع دول الاتحاد الأوروبي، وليس فقط عن فرنسا. أما ألمانيا، فقررت إعادة اعتماد التجنيد الإجباري قريبًا جدًا. لكل هذه الأسباب، يجب على لبنان أن يكون موحدًا ومحصنًا في ظل هذه التغييرات الدولية، وأن يلتزم بجميع القرارات الأممية، مع اعتماد الحياد الإيجابي، بشرط أن تنسحب إسرائيل من لبنان وتوقف عدوانها على البلاد.
يتم قراءة الآن
-
انجاز التعيينات الامنية الخميس... «تسوية» شقير وعبدالله أنقذتها؟ بري للخماسية: «وطني معاقب» واوتاغوس: مفاوضات الحدود قريبا الحجار يكسر الجمود... والبيطار على مشارف قرارات حاسمة!
-
أيّها الشرع زامير في دمشق
-
قلق من تداعيات مجازر الساحل... وردود فعل رسميّة خجولة؟ بلاسخارت تنقل أجواء سلبيّة من «اسرائيل»... متري: لا نزع للسلاح بالقوة إنجاز أمني للجيش شمالاً... وتحقيقات المرفأ تنطلق من جديد
-
قراءة في المتاهة الإيرانيّة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:45
رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إرنستو راميريز ريغو دعا خلال لقائه رئيس الجمهورية إلى ضرورة وضع خطة إصلاحية مالية موحدة تساعد لبنان على الخروج من أزماته والرئيس عون شدد بدوره على التزام لبنان بالمضي في تنفيذ الإصلاحات
-
10:44
الجيش اللبناني: ما بين الساعة 10.30 والساعة 16.00، ستقوم وحدة من الجيش بتفجير ذخائر غير منفجرة في جرد بلدة قوسايا - زحلة.
-
10:33
صحيفة "يديعوت أحرونوت": بعد مرور 17 شهراً على اندلاع الحرب لا تزال حماس القوة المهيمنة في غزة
-
10:32
إذاعة الجيش "الإسرائيلي": السيطرة على قمة جبل الشيخ السوري تمنح “إسرائيل” نقطة مراقبة على مساحات واسعة في لبنان و سوريا
-
10:31
عراقتشي: لم تصلنا رسالة ترامب حتى الآن ولكن من المقرر أن يتم تسليمها عبر إحدى الدولة العربية إلى طهران قريباً
-
10:31
إذاعة الجيش "الإسرائيلي": "الجيش" يبني موقعين عسكريين في قمة جبل الشيخ السوري و إسرائيل باقية هناك حتى إشعار آخر
