أين الغرابة في مشهد الحافلة التي أقلت 100 شيخ درزي الى الجولان للالتقاء بالدروز الآخرين على أرض الجولان التي باتت أرضاً اسرائيلية، الا اذا كان أحمد الشرع القائد الجبار الذي حرر دمشق من بشار الأسد، القائد الجبار الذي يحرر دمشق ـ أجل دمشق ـ من بنيامين نتنياهو ؟ يسرائيل كاتس لم ير في الرئيس الانتقالي ( أي الرئيس الأبدي) الصنيعة التركية فقط. رأى فيه، أيضاً، الرهينة الاسرائيلية.
ثمة قادة عرب ذهبوا سيراً على أقدامهم أو على ظهورهم، الى اسرائيل. كان ينقصهم، وهم بين أيدي الحاخامات، البكاء عند حائط المبكى، دون أن نفاجأ بأن هناك مسؤولين، ومثقفين، عرباً، لا يختلفون في أدمغتهم (الأدمغة الصدئة) عن تلك القبائل الهمجية، بقهقهات الدم، وهي تصور على وقع الأهازيج، أماً تنتحب أمام جثة ابنها على قارعة الطريق،
كلنا هكذا. غربان بأجنحة الملائكة. في لبنان، طوائف تكره بعضها البعض، وتخاف من بعضها البعض، ثم نتحدث عن احياء الدولة التي تحللت، واعادة اعمار البلدات التي تهدمت. لا أحد، يا فخامة الرئيس، ويا دولة الرئيس، يكترث باللبناني الذي تحلل، أو الذي تهدم. هنا النكبة الكبرى، ليصدق فينا وصف أحدهم "غرقى الوجود". تصوروا أن يكون رهاننا، رهاننا المقدس، على صندوق النقد الدولي!
في اللاذقية حواجز تسأل المارة، وهم يرتعدون أمام التركستاني، أو الشيشاني، أو الأوزبكي، عن طائفتهم. هذا في ظل الاعلان الدستوري الذي أناط كل صلاحيات السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، برجل واحد. بذريعة الظروف الاستثنائية، الذريعة الفضفاضة، هو من يعيّن الوزراء، وهو من يعيّن النواب، وكذلك قضاة المحكمة الدستورية. حتما هو من يحيي، ومن يميت. في أحد المساجد هللوا لـ" مولانا أمير المؤمنين".
لا تتصوروا في بلادنا أن أهل القصور يختلفون عن أهل الكهوف، حين ينظرون الى رعاياهم كأكثرية وكأقلية، وعلى أساس طائفي أو اثني. منطق ما قبل الدولة. أيها السادة، انظروا في آراء كبار علماء السياسة. ما قبل القبيلة...
هل كان يقتضي أن يتكرر مشهد المذبحة في اللاذقية وبانياس وطرطوس وجبلة، في السويداء وصلخد وشهبا وقريا. لا يمكن أن نتصور أن يفعل الشيطان بالعرب ـ وقد فعلوا بأنفسهم الكثير ـ مثلما يفعل الأهل للأهل، لنبدو أمام العالم الذئاب البشرية التي يفترض أن تبقى تحت التاريخ، بل وتحت الزمن. ما الفارق هنا بين من يرفعون القرآن، بالأيدي الملطخة بالعار (العار البشري) وبين الذين يرفعون التوراة بالأيدي الملطخة، ثم نسأل لماذا نحن في قعر العالم، في قعر القرن، وفي قعر التاريخ؟
لا أمل في خروجنا من ثقافة الدم التي يقول فقهاؤنا (ومن يستطيع أن يعترض ؟) انها "ثقافة الله". الله الذي يقطع الرؤوس بالفؤوس وبالسواطير (ألا تلاحظون الشبق الدموي على أفواه بعض ساستنا ؟). دائماً نعود الى باروخ سبينوزا، الفيلسوف اليهودي الهولندي الفذ الذي قال انه لم يجد الله في الكتب المقدسة حين نكون أمام ذلك التأويل المروع للنص. لا مشكلة عند الله اذا ما عدنا الى عبادة الأوثان اذا كان من شأن ذلك أن يكون الانسان في الانسان، لا أن يكون الانسان في الذئب أو في الأفعى، ولا الانسان الذي يؤثر تقديس الموت على تقديس الحياة...
كان محمد أركون يقول "قد يكون علينا أن نعيد النظر حتى في هياكلنا العظمية التي نجح دعاة ـ وأدعياء ـ الدين بتكديس العفن فيها". من هي الدولة العربية، ومن هو المجتمع العربي الذي يمكن أن تعثر فيه على بشر أسوياء؟ أمن أجل هذا لم يتورع برنار ـ هنري لبفي عن وصفنا، حتى حين نقاتل عن أرضنا، وعن قبور آبائنا، بـ"عاهات القرن"، ودون أن يلاحظ أي نوع من الكائنات البشرية تحكم اسرائيل، وهي "الوديعة الالهية"، كما دأب على وصفها.
بالرغم من ذلك ثمة أصوات يهودية رائعة وتضج بالحس الانساني. أعضاء في جماعة "جي ـ ستريت" اليهودية الأميركية المناهضة للوبي اليهودي (ايباك) استعادوا، وهم يشاهدون ما حدث، وما يحدث، في الساحل السوري، "ليلة الكريستال" في المانيا، حين وضع النازيون شارة الصليب المعقوف على باب كل بيت يهودي لقتل أصحابه. الآن "ليلة الكريستال" في الساحل السوري، والتي قد تتكرر حتى داخل الأكثرية ذاتها بين دعاة القلب ودعاة الخنجر.
مثلما أبوابنا مشرعة أمام حملة السكاكين الطويلة، كذلك خرائطنا، حين نكون على هذا المستوى من التردي في الرؤية (وفي الرؤيا). ما الذي يمنع بنيامين نتنياهو، ونحن على ذلك المستوى من الهلهلة السوسيو ـ طائفية، أو السوسيو ـ قبلية، من تغيير الشرق الأوسط، وبأبعاد توراتية، مثلما أبلغنا السفير الأميركي المعين في اسرائيل مايك هاكابي. الهيكل بدل الكعبة، ويهوه بدل الله الذي قال ان العرب "خير أمة أخرجت للناس"، لكأننا لا تعيد، في كل لحظة، مشهد قايين وهابيل. دائماً هناك القاتل والقتيل. من هم مع القاتل، ومن هم مع القتيل.
هذا هو العالم، لا العالم العربي فقط. بابلو نيرودا تمنى على الله اعادة آدم من حيث أتى لأنه عندما هبط الى الأرض قتل الأزهار، وقتل الأنهار، وقتل الجبال، وها هو يحاول أن يقتل الكواكب الأخرى.
من يتكفل، اذا ما أعيد الى هناك، ألاّ يقتل... الله ؟!
يتم قراءة الآن
-
عسكريّون وأمنيّون للأوقات الصعبة
-
المعادلة «الاسرائيلية»: التطبيع مع الطوائف اذا فشل مع الدولتين اللبنانية والسورية «أم المعارك» على قانون الانتخابات والاتجاه لصوتين تفضيليين الاستعدادات اكتملت في المختارة لإحياء ذكرى 16 اذار
-
قلق متصاعد بين مسيحيي سوريا: هل بدأ زمن الرحيل؟
-
عون إلى فرنسا: باريس تعيد لبنان إلى الواجهة وسط تحديات كبرى تعيينات المجلس العسكري جاهزة... لقاء دارة ميقاتي: تمركز جديد؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:14
جيش الاحتلال "الإسـرائيلي" توغّل ليلاً في بلدة العديسة في جنوب لبنان، وصولًا إلى ساحة الجامع، ولا يزال موجوداً داخل البلدة.
-
23:02
أكسيوس عن مسؤول أميركي: ترامب وافق بعد ظهر الجمعة على خطة الهجوم على الحوثيين وأصدر الأمر النهائي لتنفيذه السبت، والولايات المتحدة أبلغت عددا قليلا جدا من حلفائها بالهجوم على الحوثيين مسبقا، والحلفاء المعنيون وكبار أعضاء الكونغرس لم يبلغوا بالهجوم على الحوثيين إلا بعد بدئه.
-
23:01
أكسيوس عن مسؤول أميركي: هجوم اليوم على الحوثيين ليس حدثا عابرا بل بداية هجمات متواصلة ضدهم تستمر أياما أو أسابيع÷ ترامب أمر البنتاغون بإعداد خطط للهجوم على اليمن قبل أسابيع، والهجوم الذي أمر به ترمب على الحوثيين يأتي بعد إعادة إدراجهم على قائمة الإرهاب.
-
22:13
"أي بي سي" عن مسؤول أميركي: الضربات الأميركية للحوثيين في اليمن بمثابة انطلاقة ضد الحوثيين ورسالة قوية لإيران.
-
22:12
أنصار الله في اليمن: 9 شهداء و9 جرحى مدنيين إثر العدوان الأميركي على العاصمة صنعاء.
-
22:12
وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث: تم توجيه تحذير لإيران الداعمة للحوثيين وستتم استعادة حرية الملاحة، ولن نتسامح مع هجمات الحوثيين على جنودنا وسفننا وطائراتنا.
