هل تعاني من إرهاق مستمرّ؟ قد يكون السبب قصور الغدة الكظريّة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تعتبر الغدة الكظرية جزءًا أساسيًا من جهاز الغدد الصماء، حيث تؤدي دورًا حيويًا في تنظيم العديد من وظائف الجسم من خلال إفراز هرمونات مهمة مثل الكورتيزول والألدوستيرون. ولكن عندما تفشل هذه الغدة في أداء وظيفتها بشكل صحيح، تحدث حالة تُعرف باسم قصور الغدة الكظرية، وهي اضطراب نادر ولكنه قد يكون خطرًا إذا لم يُشخص ويُعالج في الوقت المناسب. يمكن أن يؤثر هذا القصور في توازن الجسم ويؤدي إلى أعراض مزعجة قد تعيق الحياة اليومية.

أسباب قصور الغدة الكظرية

هناك نوعان رئيسيان من قصور الغدة الكظرية: الأولي والثانوي، ويختلفان من حيث الأسباب التي تؤدي إلى حدوثهما.

يحدث قصور الغدة الكظرية الأولي، المعروف أيضًا باسم مرض أديسون، عندما تتضرر الغدة الكظرية نفسها وتفقد قدرتها على إنتاج الهرمونات الحيوية. غالبًا ما يكون السبب وراء ذلك اضطرابًا مناعيًا ذاتيًا، حيث يهاجم جهاز المناعة عن طريق الخطأ الغدة الكظرية ويدمرها. كما يمكن أن تنتج هذه الحالة عن التهابات مزمنة مثل السل، أو عدوى فيروسية، أو أمراض وراثية تؤثر في وظيفة الغدة الكظرية. في بعض الحالات، قد يكون الاستئصال الجراحي للغدتين الكظريتين بسبب ورم أحد العوامل المؤدية إلى القصور.

أما قصور الغدة الكظرية الثانوي فيحدث نتيجة لاضطراب في الغدة النخامية، وهي الغدة المسؤولة عن تحفيز الغدة الكظرية لإفراز هرمون الكورتيزول. يمكن أن يكون السبب وراء ذلك ورم في الغدة النخامية، أو تلف ناتج من إصابة في الرأس، أو الاستخدام الطويل للكورتيكوستيرويدات ثم التوقف المفاجئ عنها، مما يؤدي إلى نقص تحفيز الغدة الكظرية وإضعاف وظيفتها.

الاعراض

تتطور أعراض قصور الغدة الكظرية ببطء في معظم الحالات، مما يجعل التشخيص صعبًا في البداية، حيث يمكن الخلط بين الأعراض وأمراض أخرى. ومع ذلك، في بعض الحالات الشديدة، قد تحدث أزمة كظرية، وهي حالة طارئة تستدعي التدخل الطبي الفوري.

من بين الأعراض الشائعة:

 - الإرهاق المزمن والشعور بالتعب حتى بعد النوم والراحة.

-  انخفاض ضغط الدم، مما قد يسبب الدوخة أو الإغماء، خاصة عند الوقوف.

-  فقدان الوزن غير المبرر بسبب انخفاض الشهية واضطرابات الجهاز الهضمي مثل الغثيان والقيء.

- تغير لون الجلد، حيث يصبح أغمق، خاصة في طيات الجلد والمناطق المعرضة للشمس، وهذا أكثر شيوعًا في قصور الغدة الكظرية الأولي.

- الرغبة الشديدة في تناول الملح، نتيجة لفقدان الصوديوم عبر البول بسبب نقص هرمون الألدوستيرون.

- اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، التهيج، أو فقدان التركيز.

- ضعف العضلات وصعوبة في أداء الأنشطة اليومية.

في حالة الأزمة الكظرية، وهي الحالة الأكثر خطورة، يمكن أن تتفاقم الأعراض بسرعة وتشمل انخفاضًا حادًا في ضغط الدم، آلامًا شديدة في البطن أو أسفل الظهر، تشوشًا عقليًا، وصعوبة في التنفس. إذا لم يتم التدخل الطبي فورًا، قد تكون هذه الحالة مهددة للحياة.

العلاج

يبدأ التشخيص عادةً بالفحص السريري، حيث يتحقق الطبيب من الأعراض الظاهرة مثل تغير لون الجلد، انخفاض ضغط الدم، وفقدان الوزن. بعد ذلك، يتم إجراء فحوصات الدم لقياس مستويات الكورتيزول والصوديوم والبوتاسيوم، إلى جانب تحليل مستوى هرمون "ACTH" (الهرمون المنشط للغدة الكظرية)، والذي يساعد في تحديد ما إذا كان القصور أوليًا أو ثانويًا.

كما يُستخدم اختبار تحفيز ACTH، حيث يتم حقن المريض بهرمون محفّز للغدة الكظرية ثم قياس استجابة الجسم من خلال مستوى الكورتيزول في الدم. إذا لم ترتفع مستويات الكورتيزول بشكل كافٍ، فقد يكون ذلك مؤشرًا على وجود قصور في الغدة الكظرية. في بعض الحالات، قد يتم اللجوء إلى التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) لتقييم الغدة الكظرية والغدة النخامية والكشف عن أي اضطرابات فيها.

هذا ويعتمد العلاج بشكل أساسي على تعويض النقص في الهرمونات المفقودة من خلال العلاج الهرموني البديل. غالبًا ما يُستخدم الهيدروكورتيزون أو البريدنيزون لتعويض نقص الكورتيزول، حيث يتم تناوله بجرعات يومية لضمان توازن الجسم. في بعض الحالات، خاصة في مرض أديسون، قد يحتاج المرضى أيضًا إلى تناول الفلودروكورتيزون لتعويض نقص هرمون الألدوستيرون والمساعدة في الحفاظ على توازن الصوديوم والبوتاسيوم وضغط الدم.

يجب على المرضى الالتزام بتناول الأدوية بانتظام، خاصة أثناء فترات التوتر أو المرض، حيث تزداد الحاجة إلى الكورتيزول في تلك الظروف. لذلك، يُنصح المرضى الذين يعانون من قصور الغدة الكظرية بحمل بطاقة طبية تُفيد بحالتهم الصحية، بالإضافة إلى الاحتفاظ بحقنة طارئة من الكورتيزول لاستخدامها في الحالات الحرجة مثل الأزمة الكظرية.