اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



في ظل التطورات الرقمية المتسارعة، باتت التكنولوجيا سلاحا ذا حدين، ففي الوقت الذي تسهّل فيه حياتنا اليومية، قد تكون أيضا نافذة للتجسس والاختراقات الأمنية. في هذا السياق، أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء اللبناني تعميما تحذيريا يستهدف تطبيقا يستخدمه جيش العدو "الإسرائيلي"، ما يفتح باب التساؤل حول خطورة هذا النوع من التطبيقات وأثره في الأمن القومي.

وجّه وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى كتابا إلى وزارة التربية والإدارات والمؤسسات المعنية، محذرا فيه من مخاطر تحميل تطبيق "تسوفار" (Tzofar-Red-Alert)، ووفقًا لما ورد في الكتاب فإن هذا التطبيق يُستخدم في الأراضي الفلسطينية كنظام تنبيه يعمل على الأجهزة الخلوية والإنترنت، إذ يوفر إشعارات فورية بشأن التهديدات والهجمات الصاروخية وحالات الطوارئ.

لكن الأخطر من ذلك، بحسب التحذير الرسمي، هو قدرة التطبيق على تعقّب الأفراد ورسم خرائط للبنية التحتية، إضافة إلى الكشف عن مواقع حيوية وخرق الأجهزة للتجسس والتنصّت. هذه الميزات تجعل التطبيق كـ "حصان طروادة" رقمي، يمكن للعدو من خلاله جمع معلومات حساسة عن المستخدمين دون علمهم.

مسلماني: "لقد سلّمت معلوماتك للعدو"!

لتوضيح المخاطر التقنية لهذا التطبيق، أجرت "الديار" مقابلة مع رئيس لجنة الخبراء الفنيين والرقميين في شبكة التحوّل والحوكمة الرقمية في لبنان الدكتور جمال مسلماني، حيث كشف عن طبيعة التهديدات التي يشكلها هذا التطبيق، فأوضح أن مجرد تنزيل التطبيق يعني أنك قد سلمت معلوماتك للعدو دون أي عناء. وأضاف: "هذا التطبيق تم إنشاؤه تحديداً لخدمة المستوطنين، لتحذيرهم من هجمات الصواريخ داخل فلسطين المحتلة، ولكن نتيجة الاذونات التي يطلبها، وبسبب ان التطبيق "إسرائيليّ" المنشأ، وبعد ان زادت نسبة تحميل التطبيق من قبل المواطنين العرب وغيرهم، فلا يمكن "للاسرائيلي" الا ان يستأنف ممارسة عدوانه، ولكن هذه المرة بطريقة الكترونية وسيبرانية، عبر الاستفادة من التطبيق لجمع البيانات عن كل شخص يستخدمه. فبمجرد تثبيته على الهاتف، يصبح موقع المستخدم متاحا للعدو في كل لحظة، كما يتمكّن التطبيق من الوصول إلى البيانات الشخصية، الاتصالات، الرسائل، وحتى رسم خرائط تفصيلية للأماكن الحيوية المحيطة بالمستخدم".

وعند سؤاله عن كيفية استغلال هذه البيانات، أوضح مسلماني أن التطبيق يجعل الهاتف مكشوفا بالكامل، حيث يمكن استخدامه لاختراق صور المستخدم ومستنداته وحتى تسجيلاته الصوتية وغيرها. والأخطر من ذلك، أن العدو لم يعد بحاجة إلى عملاء على الأرض إذا استطاع اختراق الأجهزة إلكترونيا، على الرغم من وجود العملاء البشريين واهميتهم بالنسبة اليه، الا أن ذلك لا يحول دون محاولته لاختراق الهواتف والاجهزة الالكترونية، في حال كان المستخدم صحافي او أمني او عسكري او حتى مواطن عادي، فلا فرق عنده، المهم أن يجمع كمّا كبيرا من المعلومات من كل المستخدمين، وطبعا بلحاظ وظائفهم وارتباطاتهم العملية، فكل شيء على جهازك أصبح بخطر في حال قمت بتنزيل البرنامج وغيره من التطبيقات التجسسية، التي يكون طابعها خدماتي، ولكن تحمل في داخلها أوامر خفية للتجسس والتنصت.

كيف نحمي أنفسنا؟

أكّد مسلماني أن الطريقة الوحيدة للحماية من هذا التهديد، تتمثل في عدم تحميل التطبيق من الأساس. أما في حال قام أحدهم بتنزيله بالفعل، فيجب حذفه فورا، وأحيانا يكون من الضروري إجراء "فورمات Format" كامل للجهاز، لأن الحذف العادي قد لا يكون كافيا، خاصة مع بعض التطبيقات الخطيرة! وشدد على ضرورة عدم تحميل أي تطبيق غير معروف المصدر، وخاصة التطبيقات من خارج المتاجر الالكترونية الرسمية من (App store, Google Play)، وتجاهل أي رسائل مشبوهة تطلب تنزيل برامج غير موثو قبها.

وأشار إلى ضرورة نشر التوعية حول مخاطر هذا التطبيق بين الأفراد، لأن أي تهاون في هذا المجال قد يؤدي إلى تسريب معلومات حساسة، لا تخص المستخدم فقط ، بل قد تمسّ أمن البلد بأكمله.

الهجمات الرقمية خلال الحرب الأخيرة!

خلال الحرب "الإسرائيلية" الأخيرة على لبنان، لم تقتصر الاعتداءات على الضربات العسكرية فقط، بل امتدت إلى المجال الرقمي، حيث حاول العدو اختراق بيانات المواطنين عبر وسائل متعددة. شملت هذه الهجمات استهداف أنظمة الاتصالات ومزودي الخدمة لاختراق معلومات حساسة، بالإضافة إلى استخدام تقنيات متطورة للتجسس على الهواتف والتطبيقات تحدثنا عنها سابقاً بالتفصيل.

كما كشفت تقارير عن محاولات متكررة لاختراق قواعد بيانات حكومية، وسرقة معلومات حساسة حول المواطنين والبنية التحتية. فهذه الاختراقات لم تهدد الأفراد فحسب، بل شكلت خطرا مباشرا على الأمن القومي، ما أكد ضرورة تعزيز الوعي الرقمي واتخاذ تدابير صارمة لحماية البيانات.

وأشار مسلماني في ختام المقابلة إلى أن الوعي الرقمي تحديدا، هو الخط الدفاع الأول والسلاح الرئيسي، ففي عالمٍ أصبحت فيه المعلومات هي الثروة الحقيقية، يجب أن ندرك أن كل كبسة زر على هواتفنا قد تكون مدخلًا للعدو! لا يجب الاستخفاف بخطورة الهجمات الرقمية، فوعينا وحذرنا هما السلاح الحقيقي لحماية بياناتنا وأمن بلدنا. لذا، علينا مشاركة هذا التحذير ونشر التوعية، لأن الأمن الرقمي لم يعد خيارا، بل أصبح ضرورة وطنية لحماية لبنان من التهديدات الإلكترونية المتزايدة.

الأكثر قراءة

جنبلاط للدروز: حافظوا على هويّتكم العربيّة عمليّة تعيين حاكم للمصرف المركزي عل نارٍ حامية حزب الله يجزم: لبنان لن يُطبّع مع «إسرائيل» لا الآن ولا في المستقبل