أي نظام ذاك، وتحت راية الاسلام، يفتح أبواب دمشق أمام بنيامين نتنياهو، ويفتي بقطع رأس كل لبناني يقاتل "اسرائيل". الآن لبنان، بالتفاعلات السياسية والطائفية المروعة أمام نوع آخر من الخطر. حملة السواطير، من دأبنا على وصفهم بالآتين من قاع الأزمنة ومن قاع الايديولوجيات، على أبوابنا. الصحافي قتيبة ياسين، أحد الناطقين باسم النظام، يدعو الى تكرار مذابح الساحل السوري على الأرض اللبنانية.
هكذا بعثوا برأسي محمد واحمد نورس مدلج الى "رئيس جمهوريتكم". يفترض أن يكون قصر بعبدا تابعاً لمولانا الوالي العثماني في "قصر الشعب". ما حدث في حوش السيد علي أعاد الى الذاكرة ما حدث عام 2014 على السفوح الشرقية لضباط ولجنود الجيش اللبناني. بالفم الملآن يقولون "لقد دقت ساعة الثأر من حزب الله، الذي لولاه لكانت راياتنا قد ارتفعت منذ عشر سنوات في وسط بيروت"!
ما من جائحة ايديولوجية، خصوصاً اذا ما كان تعمل تحت امرة الله، وهذه هي حال الائتلاف في "اسرائيل"، يمكن أن تتوقف عند حدود معينة، أو تلتزم مواثيق معينة. تحت شعار "ملاحقة فلول حزب الله" (أي استكمالاً للعملية "الاسرائيلية")، وبرعاية اقليمية وحتى دولية، احداث تغيير دراماتيكي في الصيغة الديموغرافية وفي الصيغة الدستورية. كيف لنا اغفال التواطؤ الداخلي، حين يبلغ التأجيج السياسي والطائفي ذلك المستوى من الجنون؟
هنا التحية الى الرئيس جوزف عون بالقرار الحازم، الرد على مصادر النيران عبر الحدود، وارسال تعزيزات عسكرية الى المنطقة، دفاعاً عن أرواح اللبنانيين أمام هجمات المغول الجدد.
أولئك الذين يختبئون كما الفئران في الجنوب السوري، لا يرون في "الاسرائيليين" أعداء لهم. أعداؤهم ذلك النوع من المسلمين، الذين رأى فيهم الامام أحمد بن تيمية "اشد كفراً من اليهود والنصارى". على الطريقة التوراتية ازالتهم من الوجود. كل عدو لـ "اسرائيل" كافر. مرجع اسلامي كان يدعو الله في صلاة الجمعة، الى "تشتيت النصارى واليهود". ماذا عن المسلمين؟ لا حاجة الى تدخل الله. غبار داحس والغبراء يملأ المنطقة.
المشهد يثير الذهول، بل والصدمة، حين نشاهد مئات الفلسطينيين الذين ينتمون الى قبائل ياجوج وماجوج، وهم يقاتلون ويقتلون، من قاتلوا ضد "اسرائيل". حقاً أي صنف من الكائنات البشرية نحن ؟ لا نتصور أن ثمة أمة بلغ بها الانحطاط، وعبر التاريخ، هذا الحد. واذا كان الاعلان الدستوري قد حصر كل الصلاحيات (تماماً كما في النظام السابق)، والى حد ادارة الحياة وادارة الموت في يد رئيس الدولة، باعتباره هبط للتو من السماء، تبدو الصورة سريالية على الأرض. الفصائل تتصرف على هواها، وتبعاً للأوامر التي تتلقاها من أجهزة الاستخبارات التي تتبع لها والتي تتولى تمويلها.
في لبنان مشهد القرن التاسع عشر بكل تفاصيله. ثمة طوائف لا يستطيع أحد أن يمس بشعرة منها، وثمة طوائف تقتضي الضرورة التاريخية والضرورة الاستراتيجية، ازالتها من الخريطة. لكن أموراً كثيرة تغيرت في المشهد. ما الذي يحول الآن، والأصابع الغليظة تلعب في كل الاتجاهات، من أن يؤدي الاحتقان السياسي والطائفي الى الانفجار؟
حتى الآن لم نحاول أن نفهم ما يعنيه تغيير الشرق الأوسط تبعاً للرؤية التوراتية. قهرمانات الهيكل. ما يقال في حضرة المقامات السياسية والدينية، أكثر من أن يكون صادماً. اذ زال كل أثر جيوسياسي لايران، نبدو أمام ظاهرة أفغانية على ذلك القوس الذي يمتد من أقاصي البقاع الى أقاصي الشمال.
الأشد خطورة من ذلك. مظاهر شتى على وجود خطة، ببعديها السياسي والطائفي، الداخلي والخارجي، لاحكام الحصار حول حزب الله، بانعكاسات ذلك على الأكثرية الساحقة من الطائفة، التي مأساتها أنها وجدت على الحدود مع "اسرائيل"، وعلى الحدود مع سورية، وهي الآن بين فكي الكماشة. قرار هنا بتصفيتها، وقرار هناك بتصفيتها. ولعل السؤال الخطير هنا ماذا اذا نزل حزب الله الى تحت الأرض؟ معلوماتنا تؤكد أن هذه الفكرة لم تطرأ حتى الآن لا لدى قيادة الحزب ولا لدى القاعدة. المشكلة اذا وصلت الأمور الى حد الاختناق .
أشياء كثيرة ترتبط بالمسار الذي تأخذه العلاقات بين واشنطن وطهران، وان كان قد بات جلياً الانكفاء الايراني في المنطقة ليحل محله التقدم التركي. ما الفارق هنا بين الخطر التركي والخطر الايراني ؟ الخطر التركي هو الأشد لأن باستطاعته استقطاب الأكثرية الدينية في المنطقة، كما أن رجب طيب اردوغان يعرف كيف يلعب في الساحة الأميركية، كما في الساحة "الاسرائيلية"، خلافاً للايرانيين بـ "الرؤوس الحديدية"، والذين لا يمكن اغفال دور الترسبات التاريخية في صياغة توجهاتهم السياسية والاستراتيجية .
هل يبلغ بنا اليأس من الحالة اللبنانية ومن الحالة العربية، وقد دخلنا فوق قبور موتانا الى الزمن "الاسرائيلي" (الزمن التوراتي)، حد سؤال حزب الله لماذا الاصرار عل أن تقاتل "اسرائيل"، بما تعنيه "اسرائيلي" دولياً، وحيداً ومحاصراً؟
"أجل ... اشقاؤنا الاسرائيليون"، هذا ما سمعناه من كاتب عربي، غداة اتفاقية كمب ديفيد. متى كان للعبرانيين أشقاء منذ أيام الصراع بين اسحق واسماعيل؟ انتبهوا الاسلام يقف الى جانب اسحق ... "ووهبنا له اسحاق ويعقوب، وجعلنا في ذريته النبوّة، وآتيناه أجره في الدنيا، وانه في الآخرة لمن الصالحين".
يتم قراءة الآن
-
حصار بالنيران جنوباً وشرقاً.. دمشق تواكب التصعيد «الإسرائيلي» إتصالات مع اشنطن وأنقرة... وتعليمات للجيش بردّ حاسم سباق فرنسي ــ أميركي لتعيين حاكم مصرف لبنان الجديد!
-
"الحاخام" قال: منازلكم قبوركم
-
ادمون شحادة لـ"الديار": نادم على ضياع سنوات من عمري وتراجع موهبتي الكروية
-
البقاع ليس الساحل السوري بل مقبرتكم .....
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:31
3 غارات أميركية على مواقع حوثية في صعدة شمال اليمن
-
22:23
تجدد الاشتباكات على محور حوش السيد علي شمال الهرمل بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة وسقوط قذيفة بالقرب من حاجز للجيش اللبناني عند مدخل البلدة
-
21:54
هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمني: خلافات داخل الأجهزة الأمنية بشأن جدوى الهجوم المفاجئ على غزة
-
21:12
الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق على علو منخفض في أجواء بعلبك شرقي لبنان
-
20:09
مظاهرة في تل أبيب للمطالبة بالعودة إلى صفقة التبادل
-
19:55
الكرملين: روسيا ستقوم بتسليم أوكرانيا 23 جنديا من ذوي الإصابات البليغة وبوتين أكد لترامب ضرورة وقف أوكرانيا لعمليات التعبئة والتسليح
