على حدودنا الشمالية، اطل نظام برأسه في سورية يرتكز على الفقه الاسلامي، ويقوده سلفيون اصوليون قطّاعو رؤوس، يتوقون الى سفك الدماء، ولا يعيرون اي اعتبار للتعددية والرأي الآخر وحقوق الاقليات، بل جل ما يريده السلفي الاصولي السوري هو بسط نفوذه كما يريد، وفرض دينه واحكامه على الجميع دون استثناء. وها هم السلفيون الاصوليون في سورية ينتهكون سيادة لبنان، ويستهدفون قرى لبنانية في قضاء الهرمل، معظم سكانها ينتمون الى المذهب الشيعي، ليتبين بشكل واضح ان النظام السوري الجديد لا يريد ترتيب وضعه الداخلي، بل يسعى الى تصدير الفكر الاصولي عبر جماعاته المتشددة الى لبنان، والى كل من يتعارض مع توجهه الديني السلفي.
سورية باتت تشكل مصدر قلق متزايد، بعد الاعلان عن دستور جديد مبني على تشدد ديني وتفسيرات متشددة للشريعة الاسلامية، الامر الذي يعزز دور الجماعات المتطرفة المسلحة، باستغلال الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في سورية، بهدف توسيع قاعدتها الشعبية داخل البلاد، وايضا في الدول المحيطة بها. وخلاصة القول ان ما يحصل من اشتباكات في بلدة حوش السيد علي وبلدة القصر وبلدة الفاضلية وغيرها، والتي تقع جميعها على الحدود اللبنانية السورية، ليست مجرد اشتباكات عسكرية عشوائية، بل الحقيقة انها تحمل في طياتها اهدافا ايديولوجية واضحة، وهي توسيع امتداد المشروع السلفي الاصولي، الذي تبين ان لبنان من ضمن الساحات التي يريد الاصوليون نشر معتقداتهم فيها.
ولكن ما لا يعرفه هؤلاء الاصوليون السوريون، ان الجيش اللبناني يقف بالمرصاد لكل تحركات هذه الجماعات المتشددة التي يترأسها الرئيس احمد الشرع، وسيقاتلهم حتى دحرهم من حدودنا، فضلا عن ان العشائر في هذه القرى لا يخيفهم الموت، بل يدافعون عن ارضهم وعرضهم ببسالة وشجاعة، وعليه سيسقطون مشروع الجولاني على الاراضي اللبنانية.
واذا تحدثنا عن العدو «الاسرائيلي» على حدودنا الجنوبية، فهذا الكيان العبري لطالما شكل خطرا وتهديدا على لبنان، بسبب اعتداءاته المتكررة والمتواصلة سواء في الجنوب او في مناطق لبنانية اخرى، حيث لا يميز بين جندي ومدني وبين طفل وعسكري، بل هذا الكيان هو عبارة عن آلة قتل متوحشة لا تعرف اي حدود. واليوم هذا العدو لا يحترم اتفاق وقف اطلاق النار، ناهيك باحتلاله لخمس نقاط تقع ضمن السيادة اللبنانية، والانكى ان جيش الاحتلال يتباكى على امن المستوطنين، وبانهم معرضون لتهديد حزب الله، بينما الحقيقة ان هذا الجيش هو المعتدي على لبنان وشعبه ونسائه واطفاله ورجاله.
و «اسرائيل» المتوحشة والبربرية، لا تعترف بالقوانين الدولية ولا بحدود الدول الاخرى، ولا تقبل التعددية التي يشكلها لبنان الذي هو نقيض لها، حيث انها دولة يهودية اصولية محض. فرغم محاولاتها تقديم نفسها كدولة ديموقراطية، الا ان «اسرائيل» تتجه يوما بعد يوما نحو التطرف الديني واليهودية الاصولية، وهي اشبه بدولة دينية متشددة تحكمها الأيديولوجيا الدينية المتطرفة أكثر من القوانين المدنية. وخير مثال على ذلك، انها تفرض قوانين مستوحاة من الشريعة اليهودية (الهالاخا) على المجتمع، خصوصًا في ما يتعلق بالأحوال الشخصية والتعليم.
وعليه، تزداد عدوانية «إسرائيل» تجاه لبنان لانه يختلف عنها، فاليوم الحكومة المتطرفة برئاسة بنيامين نتناياهو كشفت بشكل فاضح انها تعتبر لبنان جزءا من «أرض إسرائيل الكبرى». هذه النزعة الأصولية تجعل الصراع مع وطننا أكثر خطورة، حيث لم يعد محصورا في حسابات سياسية أو أمنية فقط، بل أصبح مدفوعا بعقيدة دينية متشددة تبرر العنف والتوسع والدمار.
من هذا المنطلق، يلجأ هذا الكيان الى الضغوط الدولية لمنع استثمار النفط والغاز في لبنان، واللذين يشكلان مقومات مهمة لتعزيز الاقتصاد اللبناني، حيث تسعى «اسرائيل» الى محاصرة لبنان برا وجوا وبحرا لتحقيق اهدافها الخبيثة.
ولكن من جهة اخرى، اختبر العدو «الاسرائيلي» قوة المقاومة وثبات وصمود الشعب اللبناني امام عدوانه ومحاولات احتلاله لاراض لبنانية، فمقاومو حزب الله واهل الجنوب تحدوا الجيش «الاسرائيلي» وقاتلوه بشجاعة قل مثيلها، وحققوا انتصارات عديدة بوجه هذا الكيان المتغطرس.
وفي نهاية المطاف، وفي ظل المخاطر والتهديد الوجودي الذي يشهده لبنان شمالا وجنوبا، سواء من سورية الاسلامية الاصولية او من «اسرائيل» اليهودية الاصولية، الاهم ألًا ينجرف اللبنانيون وراء الفتنة او وراء شعارات دينية شعبوية من جهات لا تريد لهم الخير، بل الاجدر ان يتكاتف اللبنانيون لمنع اعداء الوطن من تحقيق مبتغاهم.
يتم قراءة الآن
-
حصار بالنيران جنوباً وشرقاً.. دمشق تواكب التصعيد «الإسرائيلي» إتصالات مع اشنطن وأنقرة... وتعليمات للجيش بردّ حاسم سباق فرنسي ــ أميركي لتعيين حاكم مصرف لبنان الجديد!
-
"الحاخام" قال: منازلكم قبوركم
-
ادمون شحادة لـ"الديار": نادم على ضياع سنوات من عمري وتراجع موهبتي الكروية
-
ضوء أخضر أميركي يُشعل غزة... فماذا عن الجبهة الشماليّة؟ توترات أمنيّة تزنّر لبنان... هل يعود اللبنانيّون الى الشارع؟ الضغوط الدوليّة تعرقل التعيينات... التضامن الحكومي يهتز؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:31
3 غارات أميركية على مواقع حوثية في صعدة شمال اليمن
-
22:23
تجدد الاشتباكات على محور حوش السيد علي شمال الهرمل بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة وسقوط قذيفة بالقرب من حاجز للجيش اللبناني عند مدخل البلدة
-
21:54
هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر أمني: خلافات داخل الأجهزة الأمنية بشأن جدوى الهجوم المفاجئ على غزة
-
21:12
الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق على علو منخفض في أجواء بعلبك شرقي لبنان
-
20:09
مظاهرة في تل أبيب للمطالبة بالعودة إلى صفقة التبادل
-
19:55
الكرملين: روسيا ستقوم بتسليم أوكرانيا 23 جنديا من ذوي الإصابات البليغة وبوتين أكد لترامب ضرورة وقف أوكرانيا لعمليات التعبئة والتسليح
