لماذا تحدث تشنجات الجسم... وكيف نتعامل معها؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تشنجات الجسم هي حالة شائعة يعاني منها الكثيرون، حيث تتسبب في تقلصات عضلية لا إرادية قد تكون خفيفة وعابرة أو شديدة ومؤلمة. وعلى الرغم من أن هذه التشنجات قد تبدو غير مقلقة في كثير من الأحيان، إلا أنها قد تكون مؤشرًا على اضطرابات صحية أكثر خطورة، خاصة إذا كانت تحدث بشكل متكرر أو دون سبب واضح. لذا، من المهم فهم الأسباب الكامنة وراءها، والتعرف الى الفئات الأكثر عرضة لها، ومعرفة الحالات التي تستدعي التدخل الطبي.

تتنوع الأسباب التي تؤدي إلى حدوث التشنجات، حيث يمكن أن تكون ناتجة من عوامل بسيطة مثل نقص السوائل أو الإرهاق العضلي، كما قد ترتبط بحالات صحية معقدة تؤثر في الأعصاب والعضلات. ومن بين الأسباب الأكثر شيوعًا، يأتي نقص المعادن الأساسية في الجسم في المقدمة، إذ يؤدي كل من المغنيسيوم، البوتاسيوم، والصوديوم دورًا حيويًا في الحفاظ على توازن العضلات والأعصاب، وأي خلل في مستوياتها يؤدي إلى انقباضات غير طبيعية في العضلات. يحدث هذا الخلل عادة نتيجة سوء التغذية، التعرق المفرط، أو الاستخدام المفرط لمدرات البول التي تؤدي إلى فقدان الأملاح والسوائل.

الإجهاد العضلي هو سبب آخر شائع، خاصة لدى الرياضيين أو الأشخاص الذين يمارسون أنشطة بدنية مكثفة دون منح عضلاتهم وقتًا كافيًا للراحة. يؤدي الإفراط في استخدام العضلات إلى تراكم حمض اللاكتيك، وهو ما يجعل العضلة أكثر عرضة للتشنج. كذلك، يؤدي الجفاف دورًا رئيسيًا، حيث يؤدي فقدان الجسم للسوائل إلى اضطراب في التوازن الكهربي، مما يضعف قدرة الأعصاب على إرسال الإشارات الصحيحة للعضلات، وبالتالي يحدث التشنج.

إلى جانب هذه العوامل، قد تكون التشنجات علامة على مشكلات أكثر تعقيدًا مثل اضطرابات الجهاز العصبي، حيث يمكن أن تتسبب أمراض مثل التصلب المتعدد أو مرض باركنسون في إرسال إشارات عصبية غير منتظمة تؤدي إلى تقلصات عضلية مفاجئة. كذلك، يمكن أن يكون ضعف الدورة الدموية أحد العوامل المساهمة، حيث يؤدي تدفق الدم غير الكافي إلى حرمان العضلات من الأوكسجين والمواد الغذائية الضرورية، مما يزيد من احتمالية حدوث التشنجات.

كما بعض الأدوية قد يكون لها آثار جانبية تؤدي إلى زيادة خطر التشنجات، خاصة الأدوية التي تؤثر في مستويات المعادن في الجسم، مثل مدرات البول أو بعض أدوية علاج ضغط الدم والكوليسترول. إضافة إلى ذلك، فإن بعض الحالات الصحية المزمنة، مثل السكري وأمراض الكلى واضطرابات الغدة الدرقية، تؤثر في وظيفة الأعصاب والعضلات، مما يجعل المصابين بهذه الحالات أكثر عرضة للتشنجات المتكررة.

رغم أن التشنجات قد تصيب أي شخص، إلا أن هناك بعض الفئات التي تكون أكثر عرضة لها، نتيجة لعوامل بيولوجية أو صحية معينة. الرياضيون هم إحدى هذه الفئات، حيث يكونون عرضة للإجهاد العضلي ونقص السوائل بسبب التمارين المكثفة. كما أن كبار السن يواجهون خطرًا أكبر نظرًا الى تراجع امتصاص الجسم للمعادن مع التقدم في العمر، إلى جانب ضعف الدورة الدموية التي تؤثر في تغذية العضلات.

هذا ويعاني النساء الحوامل أيضًا من التشنجات بشكل متكرر، وذلك نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تؤثر في توازن السوائل والمعادن في الجسم، إضافة إلى الضغط الذي يشكله نمو الجنين على الأوعية الدموية والأعصاب. وبالمثل، فإن مرضى السكري والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أخرى يكونون أكثر عرضة للتشنجات، نظرًا الى أن اضطرابات سكر الدم والخلل في وظائف الكلى والغدد الصماء تؤثر بشكل مباشر في وظيفة الأعصاب والعضلات.

في معظم الحالات، تكون التشنجات غير مقلقة وتختفي تلقائيًا بعد فترة قصيرة، خاصة إذا كانت مرتبطة بمجهود بدني أو نقص مؤقت في السوائل. إلا أن هناك بعض العلامات التي تشير إلى أن التشنجات قد تكون مؤشرًا على مشكلة صحية أكثر خطورة، مما يستدعي استشارة الطبيب بشكل عاجل.

إذا استمرت التشنجات لفترة طويلة دون تحسن، أو تكررت بشكل متزايد دون سبب واضح، فقد يكون ذلك علامة على اضطراب في الجهاز العصبي أو مشكلة في الدورة الدموية. كذلك، إذا كانت التشنجات مصحوبة بأعراض أخرى مثل فقدان الوعي، الدوخة، صعوبة التنفس، أو شلل مؤقت، فقد يشير ذلك إلى حالة خطرة مثل اضطراب عصبي أو نوبة قلبية.

التشنجات التي تصيب أكثر من عضلة في الجسم في وقت واحد، أو التي تحدث أثناء النوم بشكل متكرر، تستدعي أيضًا الانتباه، لأنها قد تكون نتيجة لاضطراب في الجهاز العصبي المركزي. كما أن التشنجات المصحوبة بألم شديد أو تورم في العضلات قد تكون علامة على إصابة عضلية خطرة أو مشكلة في تدفق الدم إلى الأطراف.