اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ما يحصل على الحدود بين لبنان وسورية، يستدعي بشكل واضح من الدولة اللبنانية ان تتخذ قرارا حازما بضبط الحدود نهائيا، وان تطّلع على شجون وحاجات مواطني هذه القرى، فيشعروا ان الدولة تكترث لامرهم بعد ان تناستهم نتيجة سياسات غير عادلة اجتماعيا. ولكن اليوم حان الوقت ان يعود هؤلاء المواطنون الى كنف الدولة. والمهم هو اتخاذ القرار السياسي الذي يخول الجيش اللبناني ان يضرب بيد من حديد ضد اي تطاول من الجانب السوري على سيادة لبنان، ويكون قادرا على احباط اي عمليات تخريبية على الحدود اللبنانية - السورية.

وفي هذا النطاق، لم يعد خافيا على احد ان سورية، بقيادة الرئيس احمد الشرع، لم تعتمد مقاربة جديدة او مختلفة عن السلطات السابقة تجاه لبنان، بل بقي الشرع ضمن المقاربة التقليدية السورية. وخير دليل على ذلك، محاولة التنظيمات التابعة لهيئة تحرير الشام بالاستقواء على قرى لبنانية حدودية لجعلها تحت سيطرتها، ولتتمدد شيئا فشيئا في الداخل اللبناني بهدف بسط نفوذها. انما الجيش اللبناني البطل تصدى للمجموعات التخريبية التي استهدفت قرى لبنانية حدودية، فاتحا النار عليها وموجها إليها ضربة قاسية ومؤلمة لم تتوقعها هذه التنظيمات الاصولية برئاسة الشرع.

والحال ان لبنان اليوم برئاسة العماد جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، اكدا مرارا قولا وفعلا ان الدولة لن تقبل اي عمل ينتقص من كرامة وسيادة لبنان وشعبه. وعليه، لقن الجيش اللبناني الجماعات الاصولية السورية درسا لن تنساه، فكان لها بالمرصاد محبطا مخططاتها العدائية تجاه وطننا.

لا لقاء جدي بين مسؤولين لبنانيين وسوريين... حتى جنبلاط

وفي سياق متصل، اصبح معروفا انه لم يحصل اي لقاء جدي بين مسؤول لبناني ومسؤول سوري، حتى ان الوزير السابق وليد جنبلاط كان قد طلب منذ حوالى شهر موعدا مع الحاكم السوري الجديد احمد الشرع. لكن حتى اللحظة، لم يتلق جنبلاط اي جواب في هذا الصدد، في حين تتحدث اكثر من جهة سياسية عن الهاجس "الاسرائيلي" من المشروع التركي في سورية، ما يؤثر بالاستقرار فيها، وكذلك على قرار بعض الدول الاجنبية بمد يد العون لمعالجة الازمة الاقتصادية والمعيشية التي تزداد حدة يوما بعد يوم، وسط معلومات تؤكد ان عمليات التصفية على اساس طائفي او سياسي لا تزال تتواصل في اكثر من منطقة في سورية.

السعودية وسيطا لحماية لبنان من هيمنة الشرع

الى ذلك، الاجتماع الذي كان مرتقبا ان يعقد في دمشق امس بين الوفد الامني برئاسة وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى ونظيره السوري مرهف ابو قصرى، أرجىء الى اليوم في جدة في ظل وساطة سعودية. بيد ان السعودية تسعى الى حماية لبنان من سورية احمد الشرع الذي كشف الاخير عن نياته الحقيقية السلبية تجاه الدولة اللبنانية. فالمطالب التي يرفعها، من بينها استعادة الودائع السورية، وهو مطلب تعجيزي يدركه الشرع في قرارة نفسه، انما يستخدمها لابتزاز الحكم اللبناني. اضف الى ذلك، ان عملية ابقاء عدد هائل من النازحين السوريين في لبنان الذين باتوا كقنبلة موقوتة لا احد يعلم متى تنفجر، تكشف ان سورية الشرع تريد زعزعة الاستقرار اللبناني بشكل مطلق. وفي اغلب الظن انه لو كان الرئيس احمد الشرع يريد علاقات ودية وندية مع لبنان، لكان سهل عودة السوريين من لبنان الى سورية، ولكن يريد ابقاءهم عمدا في الاراضي اللبنانية لعلمه بانهم يشكلون ورقة ضغط على الحكم اللبناني وعلى الحالة الاقتصادية والمالية والديموغرافية.

انطلاقا من هذه الحقائق، اعتلمت المملكة العربية السعودية الأمر، وعليه ارادت نزع فتيل التوتر والتقاتل بين السوريين واللبنانيين، فضلا عن تخفيف حدة الاحتقان بين الجانبين عبر احترام السوريين الحدود اللبنانية وعدم المس بها والتوقف عن افتعال احداث دموية على الحدود السورية-اللبنانية.

لودريان: لاطفاء النيران الداخلية اللبنانية

من جهتها، قالت مصادر اعلامية فرنسية مقربة من وزارة الخارجية الفرنسية، ان من اولويات جان ايف لودريان الى بيروت هي دعوة القوى السياسية الى اطفاء النيران فيما بينها بعدما بلغت حدودا خطرة في الاونة الأخيرة، وان تأخذ في الاعتبار حساسية الاوضاع الاقليمية في الوقت الحالي، خصوصا ان فرنسا بذلت مع الولايات المتحدة الاميركية، جهودا حثيثة للحؤول دون تفجير رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو الجبهة اللبنانية غداة تفجير الجبهة في غزة، حتى وان كان مؤكدا ان كل المؤشرات تشير الى عدم مسؤولية حزب الله عن الصواريخ الخمسة الاخيرة التي اطلقت نحو مستوطنة المطلة في الجليل. ولكن في الوقت ذاته، كان نتنياهو قد اتفق مع رئيس الاركان الجنرال ايال زامير على تلازم الجبهتين كما كان الوضع خلال المدة التي سبقت ابرام اتفاق وقف اطلاق النار الذي ما زال قيد الاختبار الصعب، كون "اسرائيل" بخلفية معينة تريد ابقاء الجبهة اللبنانية والسورية، على صفيح ساخن، وان كان الاميركيون والفرنسيون يعملون للفصل بين الملف اللبناني واي ملف اقليمي آخر.

تقرير الاستخبارات الاميركية برّأ ايران من صنع السلاح النووي

نشرت الاستخبارات الاميركية تقريرًا برّأت فيه القيادة الايرانية من تصنيع السلاح النووي، الامر الذي يعني ان احتمال الانفجار الاميركي-الايراني او الايراني-الاسرائيلي تضاءل بعض الشيء رغم التصعيد المتواصل بين الاميركيين والحوثيين.

من هنا، زاد اصرار فرنسا على ضرورة لجوء اللبنانيين الى لغة المنطق والعقل بدلا من السجالات العنيفة والانقسامات العميقة، حيث ان النيران الاقليمية لا تبدو خطرة بمقدار خطورة النيران الداخلية اللبنانية التي تضع لبنان على فوهة بركان.

علاقات عون- سلام: تعيين حاكم مصرف لبنان

بموازاة ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية للديار ان ما فهم من لقاءات لودريان ان تمويل اعادة الاعمار يعتريه مصاعب سياسية تقتضي الكثير من الجهود اللبنانية وغير اللبنانية. كما انه ينبغي على الدولة اللبنانية الاسراع في اجراء الاصلاحات الهيكلية على المستويين المالي والاداري، مع استعداد باريس لدعم موقف لبنان في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي.

وفي هذا المجال، يرجح ان يتبنى مجلس الوزراء ترشيح كريم سعيد لحاكمية المصرف المركزي، خصوصا مع رغبة رئيس الحكومة نواف سلام ألّا تشوب علاقاته مع رئيس الجمهورية جوزاف عون اي لمسة رمادية يمكن ان تؤثر في مسار الانقاذ والاصلاح الذي اتخذته الحكومة شعارا لها.

وزير الخارجية يوسف رجي "يغرد خارج المنطق الدستوري"!

في غضون ذلك، اللافت في الوضع الحكومي وزراء يغردون خارج السرب، بل خارج الاصول والاعراف، وحتى خارج المنطق الدستوري والسيادي. هل باستطاعة وزير المالية منفردا ان يحدد السياسية المالية للدولة؟ هل باستطاعة وزير الدفاع صياغة السياسة الدفاعية للدولة؟ لكن هذا ما يقوم به وزير الخارجية يوسف رجي الذي يطلق مواقف تتعلق بالسياسة الخارجية بعيدا عن رأي رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة من منطلق حزبي بحت، حين يصل به الامر الى اتهام حزب الله بالتنصل من اتفاقية وقف اطلاق النار ويحمله مسؤولية احتلال "اسرائيل" للمواقع الخمسة اللبنانية. والحال ان مواقفه لا يمكن ان تعكس الصورة العامة للسياسة الخارجية.

بطبيعة الحال، ان الدستور اللبناني يختلف عن الدستور الفرنسي الذي ينيط برئيس الجمهورية رسم السياسة الخارجية في حين انه في لبنان تقوم الحكومة بتحديد السياسة الخارجية، لا الوزير المعني وبمنطلقات حزبية، علما ان تشكيل الحكومة الاخيرة جرى من منظار خروج الوزراء من الجلباب الحزبي لا البقاء رهائن لسياسة احزابهم.

وتجدر الاشارة الى ان الرئيس جوزاف عون اعلن ان الجيش اللبناني وحده يحتكر السلاح، ولكن في الوقت ذاته قال ان سلاح حزب الله سيأتي ضمن حلول يتَّفق عليها اللبنانيون. ودان الرئيس عون الانتهاكات الاسرائيلية لسيادة لبنان واعتداءاتها في الجنوب والبقاع، وان "اسرائيل" هي التي لم تلتزم باتفاق وقف النار. وبدوره، اكد الرئيس سلام ان معادلة شعب جيش مقاومة لم تعد قائمة، الا انه لم يربط وجود سلاح حزب الله بالخروقات التي تقدم عليها "اسرائيل" في الجنوب والبقاع ولا في احتلال "الجيش الاسرائيلي" للمواقع الخمسة اللبنانية.

القوات اللبنانية: التعيينات هي الاختبار للتغيير الحقيقي في نهج الدولة

من جهته، يتابع رئيس حزب القوات سمير جعجع شخصيا ملف التعيينات الامنية او المالية مع وزراء القوات، واخرها حاكمية مصرف لبنان، ويتعامل مع التعيينات بدقة نظرا الى حساسية الواقع اللبناني. وتعتبر القوات اللبنانية ان تعيينات "المالية والعسكرية" لها خصوصية تاريخيا مختلفة عن سائر التعيينات، ويجب ان تخضع لالية صارمة، لان القوات ترى انه من الضروري ان يشعر المواطن في لبنان انه دخل فعليا في مرحلة جديدة يتم فيها ترجمة خطاب القسم لرئيس الجهورية العماد جوزاف عون ومواقف دولة الرئيس نواف سلام والبيان الوزاري الى خطوات عملية، حيث يلمس المواطن تغييرا حقيقيا وليس تغييرا على الحبر والورق. وهنا، قالت المصادر القواتية للديار ان التعيينات يجب ان تحصل وفقا لآلية توصل من هم اكثر كفاءة واكثر جدارة، لانها تؤمن ان التغيير الفعلي يستدعي ايصال النخبة الى الادارة.

واعادت المصادر القواتية الى الاذهان ان حزبها كان من الاوائل الذين طالبوا بوضع آلية للتعيينات، تبعد المحسوبيات والازلام في حكومة الرئيس ميشال عون الاولى.


الأكثر قراءة

توجس سعودي من صفقة تركية ـ اسرائيلية