كم كنا بصحة جيدة، لو أننا قرأنا الصورة التي رسمتها الشهيدة سناء محيدلي للوطن، حين ركبت السيارة وغادرت الى موقع الاستشهاد، لو أننا حاولنا قراءة مشاعرها، أحاسيسها، أفكارها وهي تنظر الى القرى والمدن التي مرت بها السيارة، الى البساتين والحقول، الى الأطفال الذين كانوا يتجمعون على الأرصفة، أو يركضون ليقطعوا الطريق من جهة الى جهة، حيث كانت ترى فيهم الوطن ينتقل من جهة الى جهة جديدة، مودعا زمن الطوائف والمذاهب والتجزئة، زمن الاحتلال والاغتصاب وفقدان السيادة، عابرا الى زمن المجتمع الواحد، الأمة الواحدة، الوطن الواحد والدولة الواحدة.
كم كنا في نعيم لو لبسنا اثواب الخجل والحياء، لو عرفنا كيف نكرّم الشهداء والاوفياء الذين أعطوا كل ما يملكون للأمة، وقرأنا أحلام الأطفال والشباب والصبايا وحاجات الناس، لو عرفنا كيف نزرع الدروب والحقول محطات للعطاء ترسم صورة الانسان الجديد في الوطن القديم الجديد.
كم كنا سعداء لو أننا ارتقينا بأفعالنا الى العطاء دون حساب والإنتاج دون منة، كما ارتقى الشهداء بإيمانهم الى مستوى رد وديعة الدم الى الامة.
يجب ان نعترف اننا لسنا أوفياء للشهداء، فقد بعثرنا أحلامهم وأمانيهم في المهرجانات والاحتفالات التي نقيمها لمناسبة الاستشهاد. نتذكرهم يوما وننساهم باقي أيام السنة، لا نتذكرهم من أجل تكريمهم، بل نتذكرهم من أجلنا، من أجل ان نثبت لنا وللآخرين اننا ما زلنا على قيد الحياة.
ماذا فعلنا لسناء محيدلي؟
ماذا فعلنا للشهداء والجرحى ومن بقي حيا من المناضلين الذين امتهنوا القتال، ففاتهم قطار الوظيفة والتجارة وتحصيل لقمة العيش؟
ماذا فعلنا غير إقامة المهرجان ومنح الوسام ورفع الصورة والتذكار الذي لا فائدة منه؟
كيف يمكن ان نكون أوفياء للامة والوطن، ان لم نكن أوفياء للشهداء والجرحى والمناضلين؟
كيف يمكن لنا ان نمنح الثقة لمن بعثر ثقة الشهداء؟
كانت امنية الشهيدة سناء محيدلي ان يروي دمها التراب، ليعطي زهر التفاح والرمان وأزرار الورد وبذور الادراك العالي، المحول الوطن من وطن أوطان القطعان الى وطن المجتمع الواحد. كانت أمنية سناء محيدلي ان يعود أهلها الى الجنوب الغاص بقوافل القوميين المنتجين علما وفكرا وغلالا وصناعة، وأن ترى الامة صورة طبق الأصل عن الجنوب.
تمنت سناء محيدلي ان لا تغيب الشمس عن البلاد، ان تعود اليها مواسم الحق والخير والجمال، ان يعود اليها نور الشموس التي نبتت من أرضها، وزرعت في كل بقعة من بقاع العالم نورا كشح سواد الليل وعتمة الضباب، وفتح الطريق الى الابداع والابتكار وصياغة الحياة الجديدة.
ماذا لو تحققت أمنيات الشهداء؟
هل كنا سنرى هذا الخراب المُطوق للأمة من الجهات الست؟ هل بقي العدو محتلا لأرضنا؟ وهل كانت أحذية مندوبي الولايات المتحدة تدوس كراماتنا في المؤسسات الرسمية، ابتداء من القصر الجمهوري الى أصغر دائرة رسمية ؟ وهل كان يجرؤ العدو على خرق سيادتنا ساعة يشاء وكيفما يشاء؟ هل كانت سقطت دمشق بيد شدقي العثمنة والصهينة اليهودية وغير اليهودية؟
ما عاد الاحتفال يروي غليل الامة ويُشبّع تراب الوطن، ولا عاد المهرجان من علامات الضعف والقوة، وما عاد اجتماع الجماهير دلالة صحة وعافية، وما عاد التذكار بالخُطب الرنانة يحقق امنيات الشهداء وينفع البلاد.
بعثرة أحلام الشهداء تعادل العبث بموارد البلاد ! لأننا ما زلنا نذكر ذاك البحار الذي أغرق مركبه كي لا يكتشف الغريب طريق إبحاره.
لن ننسى دماء الشهيدة سناء ولن ننسى أحلامها وأحلام كل الذين استشهدوا من أجل البلاد.
وفاء للشهيدة سناء، لنتوقف عن النفخ في بالونات الأوهام، ونبني باسم الشهداء صروحا للعلم والفكر والصناعة والغلال.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:02
بيان مصري - سعودي: نؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها وأهمية شمولية العملية السياسية، وعلى أهمية حل الدولتين ونرفض بشدة محاولات تهجير الفلسطينيين من أرضهم في غزة أو الضفة.
-
22:53
القناة 13 "الاسرائيلية" عن لابيد: إذا غادر رونين بار رئاسة الشاباك فإن نتنياهو سيعين دمية ستلغي التحقيق وتمنع محاكمته.
-
22:52
القناة 13 "الاسرائيلية" عن لابيد: الحكومة لا تعرف كيف تجند عددا كافيا من الجنود ولا تعرف ما الذي سيحدث في اليوم التالي، وهناك مواد استخباراتية تشير لإمكانية وقوع اغتيال سياسي ونتنياهو يعلم ذلك ويمكنه منع حدوثه.
-
22:51
القناة 13 "الاسرائيلية" عن زعيم المعارضة يائير لابيد: نتنياهو وسموتريتش يبيعان معادلة كاذبة إما النصر بالحرب أو إعادة الرهائن وهذا غير صحيح، والحكومة لن تنتصر في الحرب لأنها لا تعرف كيف تنتصر.
-
22:50
هيئة البث "الإسرائيلية": سلاح الجو أجرى اليوم تدريبا يحاكي هجمات صاروخية على قواعده الجوية، والتدريب يأتي ترقبا لرد إيراني على أي هجوم محتمل في إيران.
-
21:42
نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ مارك وارنر: هيغسيث غير كفؤ أبدا ليكون وزير دفاعنا وعليه أن يرحل.
