اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


قبل أقل من شهر على موعد الانتخابات البلدية، التي طال انتظارها لبنانيا بعد تأجيلها ٣ مرات على التوالي، تبلورت الى حد كبير التحالفات الانتخابية في المدن والبلدات الكبرى، تحالفات قد تعطي انطباعا عاما لما سيكون عليه المشهد في الانتخابات النيابية، وان كانت عوامل عدة تلعب دورا في هذا الاستحقاق، ما يجعل الحسم بانسحاب الوضعية الراهنة على الانتخابات النيابية في غير مكانه.

وليس خافيا ان الزعامات العائلية والمناطقية تلعب دورا اساسيا في الصراع البلدي، بخلاف الصراع النيابي الذي يتخذ بُعدا سياسيا محضاً. لكن ما يمكن التوقف عنده راهنا هو ٣ خلاصات:

- اولا: ان "الثنائي الشيعي" ورغم كل ما تعرض ويتعرض له، لا يزال ممسكا تماما بالبيئة الشيعية، لا بل تراها تلتف حوله اكثر من اي وقت مضى. وبالتالي اي تعويل على خرق هذه البيئة سواء بالانتخابات البلدية او النيابية، تعويل بغير مكانه على الاطلاق.

- ثانيا: يبدو واضحا ان حزب "القوات" يحاول استثمار الواقع السياسي الراهن، الذي يصب لصالحه في هذا الاستحقاق والذي سيليه. فتراه متصدرا الساحة المسيحية دون منازع، في ظل نوع من الانكفاء العوني. وليست التحالفات التي تبلورت في كسروان او جبيل، الا اكبر دليل على قدرة "القوات" على اجتذاب الزعامات المسيحية المحلية. لكن لا احد يمكن ان يحسم بأن النشوة "القواتية" الراهنة، ستبقى قائمة حتى موعد الانتخابات النيابية، من منطلق ان الـmomentum الحالي هو الذي يخدم "القواتيين" بلديا.

- ثالثا: رغم ما حكي عن عودة لتيار "المستقبل" الى الحياة السياسية من بوابة الانتخابات البلدية، الا ان الوقائع لا تزال تؤكد وجود تخبط كبير في الشارع السني ولدى التيار الازرق، وهو ينعكس جليا في بلدية بيروت، حيث عادة ما كان "المستقبل" هو المايسترو في صياغة اللوائح، فاذا بالنائب فؤاد مخزومي هو من يتولى هذه المهمة راهنا، كما اعلن رئيس حزب "القوات" سمير جعجع.

ويعتبر الخبير في مجال التنمية المحلية والحوكمة سمعان بشواتي، انه ولتبيان اذا كانت التحالفات في الانتخابات البلدية قد تنسحب على تلك النيابية يجب اولا التوقف عند قانون الانتخاب، فهو في البلديات لا يخضع للنسبية ويعتمد اللوائح المفتوحة، بالمقابل قانون الانتخاب النيابي نسبي، ما يجعل التعاطي مع الاستحقاقين مختلف، لافتا لـ"الديار" الى ان "الانتخابات البلدية اليوم لا تقوم على أساس مشاريع بلدية فعلية، ولا على رؤية واضحة لتعزيز الحوكمة المحلية، أو تطبيق قانون اللامركزية الإدارية. اضف ان المجالس البلدية الحالية مضى عليها تسع سنوات، وثلثها تقريبًا مستقيل، مما يعكس غياب الديناميكية الديموقراطية المطلوبة".

ويرى بشواتي ان "الاحزاب تتعامل مع هذه الانتخابات كأنها "تجربة أولية" أو "بروفا" لاختبار حجم الكتل الناخبة التابعة لها، تمهيدًا لتحديد نوع التحالفات التي يمكن أن تُبنى للانتخابات النيابية المقبلة"، موضحا انه "في بعض المناطق، حيث ميزان القوى متقارب جدًا، يتم خوض معارك تحالفية ذات طابع ظرفي. مثلًا، تحالف "التيار الوطني الحر" و"القوات" في مدينة البترون، لا يمكن تعميمه على الانتخابات النيابية المقبلة، كذلك الامر في قضاء الكورة مثلًا، لأنه قائم فقط على حسابات محلية ضيقة".

 ويضيف:"للأسف، لا يوجد تيار غير حزبي يخوض المعركة البلدية اليوم، بناءً على مشروع بلدي واضح أو رؤية لتطوير الحكم المحلي. المعركة تُخاض على أسس سياسية وحزبية بحتة، وليست على قاعدة مصلحة عامة أو محلية. حتى لغة "التوافق" التي نسمعها كثيرًا، تُستخدم لتبرير التزكية أو لتفادي المعارك الانتخابية، وهذا يضرب جوهر الديموقراطية التي تقوم على المنافسة والاختيار".

ويرى بشواتي انه "بالنسبة لقوى "التغيير"، فهي الاخرى اليوم لا تطرح مشروعًا مستقلًا، بل في بعض الأحيان تُعتبر داعمة مباشرة للعهد، وإذا نظرنا للأمر من هذه الزاوية، نجد أن هذه القوى قد تصبح لاحقًا جزءًا من كتلة العهد النيابية. والمشكلة هنا أن الناس الذين صوتوا سابقًا للتغيير، قد يحبطون هذه المرة، فإما يعودون للتصويت للأحزاب التقليدية أو يمتنعون عن التصويت كليًا، وهذا سيفقد "حركة التغيير" زخمها، ويؤثر على نتائج الاستحقاقات المقبلة".


 

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس