أسئلة كثيرة جارحة وجراحية أمام حزب الله ، أين أخطأنا ؟ أين أخطأنا أكثر ؟ النكبة، أجل النكبة، فتحت العيون وفتحت الأدمغة على مصراعيها. لا بد من بعض الوقت، ولو بين الخناجر والسواطير، من أجل صياغة رؤية استراتيجية، ومن أجل صياغة مفهوم فلسفي وتاريخي للمقاومة في لبنان، ان في التعاطي مع الداخل بتصدعاته البنيوية، أو في التعاطي مع "اسرائيل" بالتكشيرة التوراتية التي، يا للغرابة، لم تحدث الزلزال لا في قلب العرب ولا في عقل العرب.
الصورة مقلوبة، سريالية أيضاً. بدل أن يقود العرب التغيير في الشرق الأوسط، بعدما ضرب العفن وضرب الصدأ حتى نخاعنا الشوكي. "الاسرائيليون" من يقودون التغيير، ولكن في الاتجاه المعاكس للتاريخ، كذلك المعاكس لله. الله الذي جعلناه إله الزوايا الميتة. كل ذلك المدى الالهي الفذ اختزلناه بمعادلة الحلال والحرام. لا محاولة لكسر هذا التابو، والدخول في الزمن. لا مكان لنا حتى في العربة الأخيرة من الزمن.
لم نفاجأ بلغتنا المعلبة، وبصحفنا المعلبة، وبشاشاتنا المعلبة. هذا هو المطلوب من الانسان العربي ، أن يكون اما بين ساقي شهرزاد أو أن يكون بين يدي ـ أو قدمي ـ ولي الأمر. ما فاجأنا أن ذلك الاعصار الدموي بكل أهواله، لم يؤثر قيد أنملة في ذلك الاجترار القبلي (الاجترار الجنائزي) للتاريخ. ترانا موتى الى ذلك الحد ؟ ابن رشد يسأل من قبره، أما من فيلسوف أو مفكر بين نصف مليار عربي (تناسلو وتناسلوا وتناسلوا)؟
عندنا ببغاءات الطوائف (والقبائل)، غربان الطوائف (والقبائل) هم نجوم القرن. وها نحن ندخل التكنولوجيا بمكبرات الصوت على المآذن ، لا تصمّ الآذان فقط ، تصم العقول، لنبقى كما نحن ضيوف شرف على مائدة أبي جهل وأبي لهب على مائدة حمالة الحطب.
حزب الله أمام صور شهدائه، أمام أضرحة شهدائه (أمام اسئلتهم أيضاً). هذا ليس وقتاً للبكاء، ولا وقتاً للهذيان. الانخراط ومن الزاوية اياها في اللعبة السياسة الداخلية ـ بكل تجلياتها الطائفية ـ انخراط في لعبة الوحول. لفتنا تعبير الجنرال ديفيد بترايوس "الخروج من استراتيجية المستنقعات". نحن بأمس الحاجة للخروج من ثقافة المستنقعات.
ماذا تعني المقاومة ؟ لا داعي للبلبلة اللغوية ولا للبلبلة الفلسفية. لاحظنا كيف أن كل المنطقة، بل وكل العالم، في اتجاه آخر. الساعة لم تكن الساعة الكبرى، وهكذا قال السيد حسن نصرالله. مأساة "البيجر" بفظاعاتها، كان يفترض أن تكون ساعة الوعي بحالنا وبحالتنا. أين هي "اسرائيل" بتلك الترسانة الالكترونية الهائلة، وأين نحن..؟
لو كنا في بلد سوي لما كانت مشكلتنا في نزع سلاح المقاومة، وانما في بلورة رؤية عامة ان للمقاومة أو لسلاحها، الذي وجد أساساً لاجتثاث الاحتلال بعيداً عن الصراعات الاقليمية، وقد أثبتت عبثيتها، وكذلك دورانها داخل الماكنة الأميركية. ولكن كيف للغربان بالياقات البيضاء، أن تتحدث عن لبنان اللبناني بالشعارات وبالتوريات اللغوية البهلوانية. لبنان، في نظر حملة "السيادة"، وهم ماضون في استراتيجية التطييف، يعني الاقامة بين سراويل أو بين عباءات القناصل.
أجل أسئلة كثيرة جارحة وجراحية، مثار ومدار مناقشة واسعة النطاق للتجربة، ما قبلها وما بعدها. المشكلة في اصرار الآخرين على أن يكون نزع السلاح الآن، وتحت النار. هكذا أمرت مورغان أورتاغوس باصبعها، وكذلك بصدرها المرصع بنجمة داود (غريب أنها لم تأت الى بيروت بدبابة ميركافا). على الأقل ياجماعة بعض الوقت من أجل انتشال الجثث من تحت الأنقاض.
نزع السلاح فقط لأنه ضد "اسرائيل"، وحتى في حال اللادولة. وهل يريد بنيامين نتنياهو قيام دولة في لبنان، أو قيام دولة في سوريا ؟ دونالد ترامب يريد أن يجعل من غزة "ريفييرا" الشرق الأوسط، وحيث تختال الفاتنات الأميركيات. لبنان لاس فيغاس أم البيفرلي هيلز، بعدما احترنا بالدور، وقبل أن يظهر حزب الله في الضوء ؟ هانوي أم هونغ كونغ؟
لا شك أن خطأ قد حدث. خطيئة قد حدثت. الايغال في الأدغال الداخلية ، هنا التيه، المتاهة الكبرى بالاستنزاف الدارمي للقضية وللصدقية، وحتى الاستنزاف الدرامي للوهج الذي أحدثته المقاومة على امتداد العالم العربي، وحتى في العالم، بعدما تمكنت بالدم من اقتلاع الأقدام الهمجية من أرض الجنوب. لنتذكر قول ايهود باراك حول "الخروج من جهنم".
علينا أن نتوقع في ضوء معلومات موثوقة، وكذلك في ضوء مؤشرات واضحة، أن تزداد الضغوط حدة، وحتى هولاً على حزب الله في المرحلة المقبلة. ولكن هل من يتجرأ أحد من أهل السيادة، على المطالبة ـ غير الشكلية ـ بنزع سلاح المخيمات، الذي كنا نتمنى لو تم استخدامه ضد "اسرائيل"، لا ضد الاخوة في الشقاء وفي الدم. كذلك بوقف السلاح الذي يتدفق على النازحين السوريين في بعض المناطق، ومن معابر غير شرعية لا أحد يشير اليها، وكذلك على بعض رجال الدين الذين عادوا للتو من كهوف تورا بورا، بعد حدوث ما حدث في سوريا.
ليكن نزع كل السلاح، بدءاً من السلاح الذي وجد للقتال الفلسطيني ـ الفلسطيني، وللقتال اللبناني ـ اللبناني، ثم البحث في السلاح الذي ضد "اسرائيل"، والذي قيل لنا انه لن ينزع ولن يُنتزع تحت النار، سواء جاءت النار من بنيامين نتننياهو أو من أحمد الشرع، او من الاثنين معاً كما هدد أحد النواب.
ليتنا نعلم داخل أي اعصار نحن، والى أين يأخذنا، لنعرف أين نضع أقدامنا، وأين نضع رؤوسنا..
يتم قراءة الآن
-
يوم سقوط نتنياهو؟
-
لا نزع للسلاح تحت النار
-
أنظار العالم نحو مسقط... هل تجنب الوساطة السعوديّة الحرب؟ التحضير لطاولة الحوار بدأ... وأجواء جيّدة بين بعبدا والحارة الحكومة أقرّت مطالب المعلّمين... وجابر مُصرّ على إصلاح المصارف قبل اجتماعات البنك الدولي
-
الرئيس عون في ذكرى 13 نيسان : دفنا الحرب الى الأبد... وسلاحنا هو وحدتنا وجيشنا الحكومة تستبق المفاوضات مع صندوق النقد بإقرار إصلاح المصارف ورفع السريّة المصرفيّة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
15:43
الرئاسة السورية تعلن وصول الرئيس أحمد الشرع والوفد المرافق له إلى الإمارات
-
15:36
البابا فرنسيس من ساحة الفاتيكان: لنتذكر لبنان
-
15:27
الصين تدعو الولايات المتحدة لـ "إلغاء كامل" للرسوم التجارية المتبادلة
-
14:54
متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عوده في عظة أحد الشعانين: - اليوم ذكرى بدء الحرب المشؤومة التي خلفت دمارا وخرابا وحصدت أرواحا بريئة وندوبها لما تندمل بعد.
-
14:54
متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عوده في عظة أحد الشعانين: صلاتنا أن يكون اللبنانيون قد تعلموا من دروس الماضي وأن تكون صور الحرب محفورة في ذاكرتهم كي لا تتكرر، وأن يشدوا العزم من أجل بناء دولة قوية موحدة لا تزعزعها رياح حرب أخرى، ولا تقوى عليها يد الشر فتخربها، وتبعثرها وهي لم تنهض بعد.
-
14:50
حماس: الحركة حذرة من الوقوع في فخ تحويل عملية التفاوض كلها لعملية تبادل أسرى فقط ثم إستئناف العدوان على القطاع
