اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


هل الرأي العام هو دائماً على حق؟ وهل بمجرد ان تفكر مجموعة بطريقة معينة، يعني انها على صواب؟

كتب الاديب الكبير سعيد تقي الدين: "الرأي العام بغل كبير... يصعب عليك جر هذا البغل الكبير الى حظيرة الصواب". وبمعزل عن هذا الرأي. هل إن ما يفكر فيه عدد كبير من الناس هو الصحيح؟ وهل يصلح هذا التفكير في الحياة العملية، حيث يقوم اشخاص معينون بأعمال إيجابية، فيتصورها البعض انها اعمال سلبية ويبنون احكامهم عليها. وبحكم الحياة العملية نعطي اربعة امثلة:

- المثل الاول معلوم ان المغتربين يرسلون مليارات الدولارات لاهلهم في لبنان، لمساعدتهم على تخطي الازمات المالية التي قد يمرون بها. إلا ان الامور لا تسير دائماً طبقا لما يجب. فقد حصلت استثناءات تمثلت بما يأتي: بعض الاقرباء في الخارج يرسلون الاموال لاقربائهم في لبنان. وحصلت عشرات الحالات بأن اتى مَن الخارج اقرباء من في الداخل. فاهتموا بهم اهتماماً كبيراً: كل يوم ترويقة وغداء وعشاء يضم المأكولات المتنوعة. بالاضافة الى الذهاب معهم الى المعالم السياحية الاثرية في مختلف الاراضي اللبنانية. ولدى سفر هؤلاء المغتربين يمتنعون عن إرسال الاموال لاهلهم، وهم يرددون: نحن نعيش في الغربة في ظروف قاسية، وفي لبنان يعيشون معيشة الملوك، دون ان يعرفوا ان هذا الامر يحصل فقط تكريماً لهم.

وهذه الوقائع حصلت فعلاً في لبنان وخصوصاً في القرى اللبنانية.

- المثل الثاني: بعد عودة النواب من الطائف، حضر مندوبو عدة دول مكلفة تنفيذ وضمان الاتفاق، مثل الجزائر ومصر وغيرهما. فاهتم بهم النواب والمسؤولون اهتماماً كبيراً، من وضع السيارات الضخمة تحت تصرفهم، الى إقامة الولائم تكريمًا لهم وإظهار البذخ امامهم. فكتبوا التقارير، كما افادني يومذاك النائب المرحوم اوغست باخوس، حول طريقة معيشة اللبنانيين. وان الموفدين المنتمين الى دول مهمة ليس لديهم هذا النمط من المعيشة.

- المثل الثالث: يترشح محامون لعضوية مجلس النقابة، وتكون لديهم مئات ملفات الدعاوى. وبحكم قيامهم بالحملات الانتخابية ومتابعة شؤون وشجون زملائهم المحامين، ووجودهم الدائم في النقابة بعد انتخابهم، يعتقد البعض ان هؤلاء لم يمارسوا المحاماة، ولا ملفات لديهم ولذلك يترشحون حتى تأتيهم الملفات والدعاوى.

- المثل الرابع: في بعض الاحيان، يتخذ المسؤول موقفاً معيناً من موضوع معين، كالسفر مثلاً. فمنذ انتخابي في عضوية مجلس النقابة في العام 2006، وبعد انتخابي نقيباً للمحامين في العام 2021، اخذت قراراً، قد يكون صحيحاً او خاطئاً، بعدم السفر، وقلت يومذاك انني لا اغادر نقابتي، وان هناك طاقات كبيرة تستطيع تمثيل النقابة على حسابها الخاص. واعتقد ان فترة توليَ منصب النقيب هي الوحيدة التي لم يسافر فيها النقيب قط. ولم يسافر اي عضو مجلس الى المؤتمرات او الاجتماعات في الخارج على حساب النقابة.

واعترف ان ما كان يزعجني هو قول بعض الذين لم يسافروا ولا يعرفون الطائرة إلا في عمر الستين او اكثر، بأنني لا اسافر لانني اخاف من الطائرة والطيران، وهم لا يعلمون انني من اكثر من سافر منذ صغري. وبالتالي، فإن القليلين هم من يقدرون هذه التضحية وهذه المبادئ التي رسمناهنا ومشينا عليها.

هذه بعض الامثلة، لتبقى العبرة بعدم الحكم على المظاهر.

                                                                     نقيب المحامين السابق في بيروت

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس