اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حلّت الذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية، فيما لا يزال مشهد رفع ركام العدوان"الإسرائيلي" عن لبنان مستمرا وإنْ بشكل مُتقطّع، لكنه دخل مرحلة أكثر إيلاماً مما عايشناه خلال حرب الـ75 وما بعدها من ويلات، إذ نمرُ اليوم بحرب مفتوحةٍ لا مهادنة فيها، ولا حتى قرارات دولية رادعة لعدوانية جيش الاحتلال التي وصلت إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد...

نستذكر الحرب الأهلية، ونحن نعيش بين الحين والآخر محاولات لجر البلد إلى أتونها من جديد، بأيدي أطراف محليين يتبعون أجندات من الإقليم والخارج، وخير شاهد على ذلك ما برز من إفرازات على مستوى الإشكالات الأمنية بالدسائس والوسائل الاستخباراتية و"حادثة الطيونة" ليست عنّا ببعيدة...

مصدر سياسي أكد انه "وفيما كانت الحرب السابقة مليئة بالاصطفافات داخل المكوّن اللبناني السياسي الواحد، الذي عُمِل على شرذمته طائفياً ومذهبياً كوقود للحرب، مع ربط الآخرين للحرب اللبنانية بالوجود المسلح الفلسطيني والمخاوف من "إسرائيل" وعدوانيّتها على لبنان، فإنّ الأمور باتت اليوم أوضح، حيث نستطيع رؤية المشهد بشكل مباشر، ونفسّر ما يقوم به جيش الكيان الصهيوني من ضغط باتجاه لبنان ومن ورائه الإدارة الأميركية، للوصول الى نتيجة حتمية بـ"لبنان منزوع السلاح وخالٍ من الردع"، وهو ما ينسف دسائس أنّ "لبنان لم يستفد من المقاومة"، بل تمكّنت المقاومة خلال 30 عاماً وأكثر منذ الاجتياح "الإسرائيلي" عام 1982، من تحرير الأرض على مراحل متعددة، سواء ما بعد عملية "عناقيد الغضب" عام 1996، وصولاً إلى "قوة الردع والحماية" بعد عدوان تموز 2006، وما بينهما طبعاً التحرير واندحار العدو في أيام الـ2000 دون أي قرارات دولية.

وتابع المصدر "صحيح أنّ الواقع الحالي يتمثّل بمرحلة ضربة قوية ومؤلمة لمحور المقاومة ككل، وللمقاومة في لبنان وفلسطين تحديداً، حيث يعلب العدو على وتر الذرائع واتهام "حرب غزة والسابع من أكتوبر" بأنّها السبب في شيطنة المنطقة ككل، لاسيما ادعاء أنّ حزب الله يشكّل خطراً حقيقياً، بينما الواقع يشير إلى أنّ المقاومة اللبنانية والإسلامية في جنوب لبنان فرضت تنازلات على العدو، إنْ كان في ترسيم الحدود البرية والبحرية، الترسيمات البحرية الخاصة بالنفط والغاز، وسلاح المقاومة لم ينفع لبنان فقط، بل سلاح المقاومة نهض بلبنان العزّة والكرامة، وأبداً لم يدمّر لا لبنان ولا اقتصاده، وللأسف هناك نسبة كبيرة من اللبنانيين لا يريدون لهذه المقاومة أن تستمر لأسباب وهواجس متعدّدة".

وأضاف المصدر السياسي أن "ما بعد طوفان الأقصى، تخطّت "إسرائيل" كل الخطوط الحمر لتذهب إلى خطة توسعية ومشروع "إسرائيل الكبرى"، غير عابئة بما يريده لبنان أو سوريا أو كل شعوب المنطقة، بالتالي تريد أن تحطم كل شعوب المنطقة، التي هي شعوب مقاوِمة بطبيعتها، وهو ما دفع البيانات الحكومية اللبنانية على مر السنوات باعتماد بند "عمل المقاومة وحق الدفاع عن الأراضي اللبنانية"، لكن للأسف انتقلنا إلى مرحلة جديدة تختلف كلياً عن المراحل السابقة، وخاصة أن ما فعلته "اسرائيل" في لبنان والمنطقة ودول الجوار، تخطى كل الاتفاقيات، بهدف تحوّل "إسرائيل" سيدة على المنطقة فتقرر ما تريده الولايات المتحدة بالدرجة الأولى".

المصدر نفسه قال "لذلك فإنّ وضع حزب الله الحالي أو في المرحلة المقبلة، ما هو إلا عملية ترتيب إدارية ولوجستية، تعتمد على عوامل عديدة لها علاقة بالانتخابات البلدية، ولا أحد ينكر أنّ الظروف صعبة جداً، لتفعيل أو توفير المال للإعمار وغيره من خلال مؤسّسات الدولة، التي تُعتبر البلديات جزءاً أساسياً منها، كونها تتعاطى بالشأن الداخلي والاجتماعي، ولها علاقة مباشرة مع وزارة الداخلية، وهناك أموال سوف تصرف وتدفع من خلال هذه البلديات.

هذا التعاطي بين الحزب والدولة، يتماهى مع تفاهم واسع بين الجيش اللبناني وحزب الله أيضاً، لاسيما في كل ما يقوم به الجيش في الجنوب، كالدوريات في مختلف القرى والبلدات المحاذية للشريط الحدودي، إضافة إلى التنسيق مع "اليونيفل"، التي تتحدث عن استلام الجيش اللبناني لمواقع الحزب والأسلحة أيضاً، لكن التسليم الفعلي والمتكامل لا يكون من هذا القبيل، بل يحتاج إلى ترتيبات ومفاوضات أو لقاءات أمنية، حسب ما تؤكد مصادر مقرّبة من الحزب، التي نفت كل ما يصدر ويُسمع عن مفاوضات تحصل بين الجيش وحزب الله، بل الجيش يقوم بواجباته من خلال اتفاق الهدنة، الذي ينص على منطقة عازلة من السلاح في اتفاق 1701 ، والمرحلة التالية تطبيق القرار 1559 الخاص بنزع سلاح الميليشيات عن كامل الأراضي اللبنانية، الذي يحتاج – وفقاً لرئيس الجمهورية - إلى اتفاق وإجماع وطنيين عليه.

لذلك، تبقى الانتهاكات والاعتداءات "الإسرائيلية" المستمرة على لبنان، عاملاً أساسياً لبقاء المقاومة وسلاحها، خاصة أنّ القرارات الدولية والمجتمع الدولي، الذي يُفترض أن تضغط على "إسرائيل" لردعها، فإنّها تتعامى وتصمت عن كل ما تقترفه دولة الكيان، لذلك يبقى السلاح حاضراً".

وختم المصدر السياسي بالقول "أما على المقلب آخر، ومع الدخول المفاجئ لإدارة دونالد ترامب في مفاوضات أميركية – إيرانية مباشرة حول السلاح النووي، فهذه المفاوضات قد تبدأ ببنود محددة وتتوسّع لتشمل ملفات أخرى، وتترك انعكاساتها على المنطقة ككل، وبالدرجة الأولى انعكاسها على التجارة والاقتصاد العالميين، تليها انعكاسات إيجابية بطبيعة الحال على الوضع الفلسطيني، مروراً بلبنان وسوريا، ولجم العدو عن أهدافه الاستراتيجية لتغيير المنطقة باتجاه خطة توسعية تنتهجها "إسرائيل" ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية".

خلاصة القول، الوضع العالمي في المرحلة الراهنة ليس إيجابياً أو بأحسن أحواله، بل نحن أمام مرحلة جديدة وخطيرة جداً، خاصة أنّ أي مفاوضات في المنطقة إذا لم تؤثر على الجيش "الاسرائيلي" ودولة الكيان لن نصل إلى حلول، التي يجب أن تفرضها قرارات دولية رادعة، لا يزال الكيان الصهيوني متفلّتاً منها للأسف.

الأكثر قراءة

الفاتيكان يكشف سبب وفاة البابا فرنسيس