اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

 كاتب ومحلل سياسي

ان مؤشر استمرار الحروب في المنطقة هو قرار اسرائيل أنها لن تقفل فاتورتها المفتوحة أياً تكن التكلفة قبل تحقيق أهدافها!

لا شك أن فاتورة خسائر 7 أكتوبر وما بعده هي الأثقل على «دولة» اسرائيل منذ تأسيسها في العام 1948. وهي ما تزال نازفة أمنياً واقتصادياً.

وهذه الفاتورة الثقيلة هي الدافع الأساسي للحرب حالياً! إذ لا يمكن لاسرائيل أن تفتح مستقبلاً حساباً جديداً بهذه التكلفة العالية جداً! لذلك، فإن هذه الفاتورة هي أساس خارطة طريق حروبها في المنطقة.

وتنطلق خارطة طريق الحروب هذه، وما بعدها، من تقرير مصير غزة، كما الضفة بعد استكمال محاولة القضاء على حماس عسكرياً وسياسياً. وتمر بالتخلص من حلفاء ايران في لبنان واليمن والعراق، كما بالعمل على التخلص من الخطر النووي الإيراني وتفكيك البرنامج النووي الإيراني طوعاً أو بضربة عسكرية قاسية جداً، وقد تطال أيضاً الحرس الثوري في إيران. وصولاً الى تحقيق اتفاقات أبراهام الموسعة، قبل توقيع اتفاقيات السلام مع محيطها.

سيناريوهات تتقدم اسرائيل في تحقيقها شيئاً فشيئاً، على الرغم من أنها تواجه صعوبات ومقاومات عدة!

وإذا كان الواقع الحالي بين حماس واسرائيل هو لا اتفاق ( No Deal)، فما يعزز هذا الاتجاه هو الاشكال القائم بين المؤقت والدائم. وهو أيضاً الذي يمنع التوصل الى حل جذري لوقف الحرب على غزة، أو حتى التوصل لوقف دائم لاطلاق النار.

لا اتفاق بين الحكومة الاسرائيلية وحماس حالياً، ولا عما قريب. وها هي الحلول المطروحة والمقترحة تسقط الواحدة تلو الأخرى! ما يعني استمرار احتفاظ حماس بالأسرى الإسرائيليين واستمرار اسرائيل بقصفها الدموي العنيف على كافة القطاع، وعلى الشمال ورفح بشكل محدد!

وما يزال السبب الرئيسي لعدم الاتفاق هو نفسه منذ انطلاق المفاوضات بينهما بعد 7 أكتوبر، أي طروحات من الجانبين لا تلتقي في أي نقطة. إذ أن اسرائيل تطرح حلولاً متغيرة، محدودة، ومؤقتة، فيما حماس تريد حلولاً ثابتة، كاملة، ومستدامة!

اسرائيل تريد بالتأكيد استعادة أسراها لدى حماس! ولا ضير في التكرار أنها لا تريدهم بالضرورة أحياءً! واستعادة الأسرى بالنسبة لاسرائيل هي بوصلة تكتيكية لمسار الحرب. ولكنها بالتأكيد ليست استراتيجية!

فالخطة الإستراتيجية لغزة مرسومة بالتنسيق مع الشريك الأميركي. وهي موضوعة ومحفوظة في أدراج الديبلوماسية الاسرائيلية، وهي لا تشمل حل الدولتين، حالياً على الأقل. وذلك، حتى الانتهاء من قضية الأسرى والأذرع الإيرانية وعودة المهجرين الى «قراهم» ومستوطناتهم و»منازلهم”!

الفاتورة الاسرائيلية...بالأرقام

1906 قتلى اسرائيليين و59 أسيراً لدى حماس، غالبيتهم أصبحوا أمواتاً. هذه محصلة الفاتورة الاسرائيلية من الخسائر البشرية بعد 600 يوم من 7 أكتوبر ومن الحرب على الغزة.

250.000 مهجر اسرائيلي من قرى حزام غزة بعمق 7 كم، ومن قرى شمال اسرائيل بعمق 5 كم عن جنوب لبنان. وقد أخلت الحكومة أكثر من نصفهم، فيما اختار الباقون إخلاء مناطقهم ومنازلهم بإرادتهم. فيما 83.000 اسرائيلي قد تركوا اسرائيل الى بلدان أخرى.

تقديرياً عاد حوالى 62.000 مهجر الى منزله من أصل حوالى 143.000 تمّ إخلاؤهم من مناطقهم. فيما يبقى حوالى 17.000 مهجر في الفنادق الاسرائيلية منذ أكثر من 10 أشهر، و64.000 مهجر في مساكن بديلة.

غداة اتفاقات 19 كانون الثاني/يناير الماضي تحركت عودة المهجرين الاسرائيليين الى «مستوطناتهم”.

60.000 مهجر من عدد كبير من قرى ومستوطنات شمال اسرائيل كانوا قد غادروها. وأبرزهم من كريات شمونه والمطلة ودوفيف وحانيتا وسنير ودان وبيت هليل وشعار يشوف وهاغوشريم وليمان وماتسوفا وإيلون وغورين وساسا وريموت نفتالي... وغيرها.

أرقام الخسائر الاقتصادية الهائلة!

55.6 مليار دولار هو حجم خسارة الاقتصاد الاسرائيلي منذ بداية الحرب حتى اليوم، بحسب تقديرات «البنك الوطني الاسرائيلي». وهو ما يعادل 10% من حجم هذا الاقتصاد!

وترجِّح بعض التوقعات وصول هذه الأرقام الى 67 مليار دولار. وأنها قد تصل الى 400 مليار خلال عقد من الزمن، إذا ما استمرت الظروف على حالها!

قطاعات عدة في الاقتصاد الاسرائيلي تأثرت أكثر من غيرها. وفي مقدمها؛

1 - القطاع السياحي: سجل انخفاضاً وصل الى 70%. وخسائر بلغت 5 مليار دولار.

2 - قطاع البناء: سجل تراجعاً كبيراً بسبب نقص في العمال، من الفلسطينيين ومن الذين تمّ استدعاؤهم الى الاحتياط. وخسائر تصل الى 4 مليار دولار.

3 - خسائر السوق الاستهلاكية وصلت الى حوالى 27%.

4 - الانخفاض في استثمارات الأعمال وصل الى حوالى 68%.

5 - القطاع التجاري: شهد انخفاضاً كبيراً في التصدير والاستيراد. إذ انخفض تصدير السلع الاسرائيلية بنسبة 18%، في حين انخفض حجم الاستيراد بنسبة 42%.

6 - القطاع الزراعي: شهد انخفاضاً في الأرباح نتيجة تراجع العمل في الأراضي الزراعية القريبة من غزة وفي قرى الشمال.

7 - قطاع الفنادق والمطاعم: خضع ويخضع ايضاً لتأثيرات القطاع السياحي ككل.

8 - سوق العمل: تمّ تسجيل خسارة حوالى 20% من العمال من المهجرين لوظائفهم. في حين أن هناك خسارة كبيرة للعمال، من الفلسطينيين ومن احتياط الجيش الإسرائيلي.

حوالى 46.000 شركة، معظمها من الشركات والأعمال الصغيرة أُقفلت في اسرائيل منذ بداية الحرب والمؤشرات ترشح ارتفاع عددها الى 60.000!

ولكن الاستثمارات في مجال التكنولوجيا في اسرائيل ارتفعت بحوالى 10 مليار دولار. على الرغم من نقل 20% من مراكز أعمال الشركات التكنولوجية الى الخارج.

في حين أن الاستثمار في شركات الأمن السيبيراني الناشئة في اسرائيل تضاعفت في سنة واحدة بين عامي 2023 و 2024! لتصل الى 4 مليار دولار العام الماضي.

المساعدات المالية لاسرائيل!

298 مليار دولار هو حجم المساعدات الأميركية المختلفة لاسرائيل منذ تأسيسها كدولة وحتى نهاية العام 2023. معظمها من المساعدات العسكرية، بحسب مكاتب الدراسات الدولية.

وتتلقى اسرائيل من الولايات المتحدة، بحسب مذكرة تفاهم موقعة في العام 2016، مبلغ 3.8 مليار دولار سنوياً. وذلك حتى العام 2028.

كما بلغت المساعدات الأميركية العسكرية بين أكتوبر 2023 وأيلول 2024 حوالى 23 مليار دولار، بحسب مكاتب الدراسات الدولية أيضاً.

آلاف الذخائر الأميركية وصلت أيضاً الى اسرائيل في الأيام الماضية، أبرزها صواريخ MK-84 التي استُعملت في قصف لبنان واغتيال السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين. وكذلك العديد من الأسلحة والتحهيزات، خاصةً لسلاح الجو الاسرائيلي. مما يعتبر تحضيراً لحروب قريبة أخرى في المنطقة! 

الأكثر قراءة

اورتاغوس تشيد برئيس الجمهورية: قائد مصمّم على تعافي وطنه لبنان يترقب التسوية الأميركية ــ الإيرانية كواليس الانتخابات البلدية... بري حريص على المناصفة في بيروت