اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ان تصل حال البشرية الى التعايش مع المجازر الجماعية المرتكبة ضد اهل غزة منذ السابع من تشرين الاول عام 2023 الى يومنا هذا في عام 2025 وتقبلها دون اي تحرك فعلي لوقفها، هو دليل صارخ على بلوغ الانحطاط الإنساني والأخلاقي ذروته، لا سيما في العالم الغربي الذي انكشفت مزاعمه في الدفاع عن حقوق الإنسان، وفي الدول العربية التي لم تحركها مشاهد قتل الأطفال الأبرياء للقيام بأي تحرك فعلي وجدي لوقف هذا النزيف، حتى وإن اختلفت سياسيًا مع حركة «حماس».

في غزة، سالت أنهار من الدماء، وارتُكبت إبادة جماعية ضد المدنيين، من أطفال ونساء وشيوخ. ومع ذلك، لا يُسمع صوت واحد واضح من المجتمع الدولي يدين هذا الجحيم، ولا يُقال بصراحة إن ما يحدث صادم ووحشي. لقد أصبح القتل الجماعي لشعب أعزل أمرًا عاديًا، لا يثير الصدمة ولا يستدعي تحركًا لوقف هذه البربرية التي تجاوزت كل حدود العقل.

وبعد ان اصبح الموت مرادفا للحياة في غزة، تقف البشرية صامتة، ميتة الضمير، وكأن النطق بات عيبا في حين ان الخرس أمام مجازر تُرتكب كل يوم ضدالأبرياء اضحى النهج الصحيح للاسف.

ما الذي أصاب العالم؟ هل باتت مشاهد الإبادة الجماعية عادية إلى هذا الحد؟ هل جفت العيون عن الدموع؟ هل فقدت القلوب احساسها بالالم؟ أين هي الدول التي لطالما تغنّت بحقوق الإنسان؟ أين هي الأصوات التي ارتفعت يومًا من أجل قضايا أقل ألمًا وأقل دموية؟ لماذا أصبحت غزة خارج حسابات الرحمة، وخارج ضمير هذا العالم؟

والحال انه منذ السابع من تشرين الأول 2023 حتى هذا التاريخ، تُسفك الدماء في القطاع المحاصر بلا توقف. أطفال يُنتشلون من تحت الركام بلا أطراف، أمهات يحملن أجزاءً من أجساد أبنائهن، آباء يُجبرون على دفن فلذات أكبادهم في قبور جماعية، وبيوت تحوّلت إلى رماد. وبرغم هذا المشهد الجحيمي، ما زالت الإنسانية تلوذ بالصمت، وكأن ضحايا غزة لا ينتمون إلى الجنس البشري ذاته.

من هنا، إن سكوت العالم ليس موقفًا محايدًا، بل هو «شراكة» كاملة وتواطؤ في الجرائم المتواصلة في قطاع غزة. ذلك ان الصمت في وجه الوحشية، والحياد أمام المجازر، خيانة كبرى ووصمة عار على جبين الانسانية. بيد ان ما يحدث في غزة ليس صراعًا، بل تطهير ممنهج لشعب أعزل، يموت ببطء أمام أنظار العالم، والاخير لا يتحرك، لا يصرخ ولا يغضب وكأن هذه المجازر في غزة لا تعنيه وتحصل على كوكب اخر.

غزة اليوم لا تحتاج فقط إلى مساعدات غذائية أو طبية. غزة تصرخ من أجل ضمير حي، من أجل موقف شجاع، من أجل صوت يقول: «كفى». فكل دقيقة صمت إضافية، هي حياة تُزهق، وطفل يُدفن، وحلم يُسحق تحت ركام البيوت المهدّمة.

السكوت على التطهير الوحشي التي تشهده غزة هو سقوط أخلاقي وإنساني جماعي. فلتُسجّل هذه اللحظة في التاريخ، لا فقط كوصمة على جبين المعتدين، بل كعار على جبين العالم برمته والذي اختار أن يتواطأ بصمته.


الأكثر قراءة

«التبريد» في عين التينة يُعيد «الودّ» بين سلام وحزب الله ترقب لخليفة أورتاغوس... وعرقجي لن يبحث ملف السلاح تحذير أمني من التوتر داخل المخيّمات...خلافات بين بعض الفصائل مُقلقة