اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



يوم يختم المرء سجل حياته، ويترجل عن صهوة جواده، يصبح هذا السجل الناصع الحافل بالانجازات والاعمال الحسنة ملك الاجيال من بعده، وكما يقول الشاعر "إنما المرء حديث بعده".

الريّس عدنان القصار، وهو اللقب الذي كان يحلو لمحبيه مناداته به، كان قامة من قامات الاقتصاد والعمل الوطني، ووجهاً سياسياً نبيلاً، ورمزاً للعطاء والوفاء والانسانية، ومثالاً للحكمة والاعتدال.

وبحكم تمتعه بهذه الصفات النبيلة، تردد اسمه في المجتمع اللبناني والمجتمعات العربية والدولية كرجل صديق يجمع ولا يفرق يبني ولا يهدم، وهو الذي علّم الاجيال ان رأس الانسان قفير مملوء بالفكر، ودل الجميع على الخط الرفيع الفاصل بين العدالة والظلم.

الوزير المرحوم عدنان القصار، الذي تخرج في كلية الحقوق والعلوم السياسية والاقتصادية في جامعة القديس يوسف – اليسوعية، لم يختر مهنة المحاماة او السلك القضائي، كوالده المرحوم وفيق القصار الذي شغل منصب رئيس مجلس شورى الدولة، ورئيس هيئة التفتيش القضائي، واول عميد لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، بل اختار طريقاً بعيداً عن الوظفية العامة، وطرق باب التجارة، وانخرط في مجال الوساطة بين الشركات اللبنانية والاوروبية في اوائل الخمسينات، واقام العلاقات العميقة مع الصين في العام 1954، وكانت هذه العلاقة اهم محطة في حياته العملية ونقطة تحول نقلته فوراً الى الى مصاف كبار رجال الاعمال في العالم.

ومن اروع ما قاله الريّس عدنان القصار كان في رثائه لوالديه عندما قال:

"ننحني لذكرى والد جليل أغدق علينا من علمه ونبله وأخلاقه قدراً كبيراً، ولحنان أم رحوم سكبت علينا من رعايتها وحبها وحنانها مدراراً وفيراً، وبرضاها قدر الله لنا ان نصل انا واخي عادل الى ما وصلنا اليه".

الميزة الاساسية لدى الريّس عدنان كانت قربه من الناس ومساعدتهم من دون اعلام او ضجة. وكان يقدم سنوياً لجمعية متخرجي كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية مبلغ خمسة عشر الف دولار اميركي كمساعدة للطلاب. وبفضل ذلك، بالاضافة الى متبرعين آخرين مثل الوزيرة السيدة ليلى الصلح حمادة والوزير المرحوم ميشال اده، كنا نساعد سنوياً حوالى الخمسة وعشرين طالباً في الكلية بحيث ندفع نصف قيمة قسطه الجامعي السنوي. وكنا نزروه في مكتبه في شارع الحمرا في الطابق 14 وقد الغى الطابق 13، ويؤكد على وقوفه الى جانب العلم والطلاب.

لبنان بكامل أطيافه حزين على رحيل رجل الدولة الريّس عدنان القصار الذي يصح فيه قول الشاعر وكأنه عناه بكلامه:

هيهات ان يأتي الزمان بمثله

إن الزمان بمثله لبخيل

رحمه الله.

                                                                            نقيب المحامين السابق في بيروت

الأكثر قراءة

تصعيد «اسرائيلي» يسقط ضمانات واشنطن... وخيبة امل في بعبدا لا تعديل للقانون... هل تحصل الانتخابات في بيروت؟ «هواجس» من مفاجآت ترامب... وقلق في «اسرائيل»